يعتاد الناس، وبمرور الوقت، ولعدم الرغبة في تقديم التضحيات كما يفعل عادة قلة من الناس الثوريين عبر التاريخ يعتادون على قبول الدكتاتورية، والتحكم من قلة متسلطة بهم، وبشؤونهم، ولايفكرون في المقاومة، وحتى عندما يفعلون ذلك يجدون في مقابلهم العديد من المنتفعين من النظام الحاكم، ولذلك لايقوون على المواجهة، وبدلا من ذلك ينساقون الى لعبة الولاء الكاذبة، والتأييد المصطنع والزائف، وفي السر يعلنون التمرد، ويوجهون الشتائم للحاكم وحاشيته، لكنهم حين يغادرون دائرة الحكم المستبد ينسون أنفسهم، ويتحولون الى حكم مستبد يشكلونه بأيديهم، ومن يفشل منهم في الأمر يقرر القيام بدور المعارض الشرس الذي لايقهر، والذي سيغير المعادلة في وقت ما، وهو في الحقيقة ينتظر الخلاص من هذا الشكل من الحكم ليشكل الحكم الجديد على يديه، ووفقا لرؤيته، فيتحول الناس المعارضين الى أعداء، وكأنها سنة الحياة التي لاتتغير، حيث يتحول الملائكيون الى شياطين.
في وقت ما يجرؤ الناس على التمرد على المتحكمين في شؤونهم، وقد تساعدهم الظروف في خلق نوع من التوازن مع الحكم المستبد فيواجهونه بقوة، وربما أضعفوه وأرغموه على التنازل، بينما تفشل أنواع من التمرد في ظل بعض الأنظمة المغلقة تماما التي تتحكم في مسار الأحداث، وتحصل على دعم منظومات محلية وخارجية، وتسكت الأصوات المطالبة بالتغيير، فيتراجع دور المثقف ورجل الدين والناشط في سبيل التغيير، ويتحول كل شيء الى حالة من الهمس الذي لايشعر به أحد، ويخشى أن ينكشف أمره فيتعرض الى الأذى.
أسخر كثيرا من حال فئات من الناس، فكل من يوالي نظاما سياسيا يتلائم مع رغباته وطموحاته، ويحقق مكاسب وظيفية ومالية في ظله لايستطيع فهم معاناة الآخرين الذين حرموا من حقوقهم بسبب الإدارة السيئة والتسلط والحكم المستبد وفساد شريحة من المسؤولين، ويتحول الى جندي مكافح لحماية النظام وأركانه لكي لا