الخبرات المتابعة للوضع السياسي العراقي والتي تفسر التحليلات السابقة تشير إلى أن تلك المهمة ليست سهلة ويسيرة، حيث عادةً ما تستغرق تشكيل الحكومات أشهر مثلما حدث في الحكومات السابقة لفترات طويلة من التماهي والتماطل، وهو احتمال قائم في الوقت الحالي ايضاً ان تكون اطول اذا ما احتسبنا المدة الزمنية التي قضت منذ استقالة الدكتور عادل عبد المهدي والتي بلغت قرابة ستة اشهرلحد الان دون بروز اي امل لانبثاقها و لاسيما في ظل الخلافات العالقة بين القوى السياسية المختلفة و مرتبط بمدى قدرته عدنان الزرفي على التعامل مع ملفاتها العديدة، وعبورالتحديات لا تبدو هينة، أبرزها تشكيل حكومة خلال المهلة المحددة دستورياً، إمكانية استرضاء الشارع، والانتهاء من إجراء انتخابات مبكرة قبل انقضاء عام من تكليفه لان اكثر الكتل غير مرحبة باجرائها خوفا من خروجهم من البوصلة ، والاتفاق مع الشارع لايقاف العنف والفلتان الامني والعراق خارجياً غير بعيداً عن التغييرات التي تجتاح المنطقة و أصبح الصراع والتنافس كبيراً بين القوى السياسية التي تعمل في الساحة السياسية ، لان طبيعة النظام السياسي الذي تم تطبيقه في العراق مع تبعية الكثير من الأحزاب إلى دول خارجية وتدخل هذه الدول في الوضع بالإضافة إلى ضعف إدارة الحكام وانتشار الفساد المالي بينهم أدى إلى حالة من الضياع والصراع على مراكز السلطة وقد لا تنتهي حتى بتشكل الحكومة الحالية اذا انبثقت بطرق مختلفة ، والمشكلة الاخرى والاعمق وجود شرخ عميق بين الشارع من جهة والكتل والتيارات السياسية من جهة أخرى، وهو الشرخ الذي لم تتمكن الاتفاقيات السياسية من معالجته، في ظل الانقسام الحاصل بين الأطراف الفاعلة، ما يعني أن الانقسام سيبقى قائماً، ما لم تتم إعادة تقييم التحالفات وتضييق هوة الخلافات للخروج من دوامة الفشل في تشكيل الحكومات، والذي من شأنه قد يدخل البلاد في مرحلة فوضى عارمة .
المصيبة الفادحة منذ سقوط النظام السابق في عام 2003اعتادت القوى السياسية ان لا تخرج من ازمة وصراع داخلي بدون تدخل خارجي وانسياق الخارطة لها لأهمية العراق وموارده وموقعه الاقليمي, وخصوصاً النفطي ، إضافة الى اتصال موضوع ترتيب اوضاعه بترتيب أوضاع المنطقة بشكل عام ، ومستمرة منذ سنوات طويلة وتبقى تتعاقب حيث لا تنتهي اي أزمة داخلية حتى تعقبها اخرتمهد إلى مرحلة قد تبلغ من الشراسة اضعافاً عن سابقتها احياناً ، وقد تؤدي الى تطور حالة من الفوضى والحرب الأهلية والمقاومة المتنامية في ظل الوجود الامريكي بالذات من طرف اخر والذي يسعى الى قلب الموازين والمتهم في الضغط على صالح لترشيح الزرفي .
كما أن هذا التواجد بالتحديد سيؤثر على مستقبل العراق واستقرارالأنظمة المحيطة المستهدفة مثل الجمهورية الاسلامية الايرانية وسورية ولبنان وقد تكون تركيا ايضاً ويدفعها الى تصليب سياساتها ، خصوصاً أن لهذا التغيير أثره على موازين القوى في الصراع .
هذه المشاكل لم تكن وليدة اللحظة بل كانت لها السيوف الطائفية القومية والدينية والمذهبية أحد أهم الركائز التي اعتمدت عليها لتساهم في تأجيج الصراعات في هذا البلد واستمرارها وخصوصاً مع وجود قوى داخلية لا تعرف إلأ مصالحها