اما مصطلح التفاوض بالوكالة فانه الى الان ليس شائعا ولم يتطرق اليه احد من الباحثين الا في القضايا الاقتصادية والقانونية ، اما القضايا السياسية فلايوجد هكذا مصطلح ورد في النظريات او البحوث والدراسات السياسية ، ولكنه على ارض الواقع العملي فانه وارد ومعمول به ، وان ما دفعنا للكتابة عنه هو ماحدث في العراق منذ استقالة الحكومة والى اليوم ودخول الطرف الامريكي بشكل فعال على خط تشكيل الحكومة عبر وكلاء يدافعون عن متبنياته واجنداته ، ينطقون ماينطق ويعملون مايريد وقد عززوا مفهوم التفاوض بالوكالة بشكل جلي وواضح ، فالتوجهات الاساسية لبعض الشخصيات السياسية العراقية في قضية التفاوض على رئاسة الوزراء لاتعبر اساسا عن المصلحة الوطنية ومايريده الجمهور وان (تبجحوا في ذلك) ، ولكن الوقائع العملية اثبتت انهم قد تبنوا التوجه الامريكي وسعوا بكل قوة لفرض الارادة الامريكية وان كان ذلك ظاهرا ضمن نطاق الادستور ، الان ان ما ظهر خلال الاربعة اشهر الماضية يعكس ماذهبنا اليه بشكل واضح .
فهل مايجري في العراق الان من حوارات وتفاوض سيكون منطلقا لشيوع ظاهرة التفاوض بالوكالة ؟وهل سيعمل بهذا المصطلح في شؤون اخرى كسوريا واليمن وغيرها ؟ ان من المفترص والواقع العملي يشير الى ذلك ، ان كل عمل يؤوسس على ارض الواقع لابد ان يكون له ابعاد واسس نظرية .والواقع الحالي بالعراق يشير بما لايقبل اللبس والتاويل ان هناك شخصيات سياسية وكتل تتفاوض نيابة عن الامريكان لفرض اجندات معينة وان ذلك تاسيسا لمبدا التفاوض بالوكالة بشكل عملي الامر الذي سيجر الى استخدامات واسعة لقضايا اخرى داخل العراق ومنها تعديل الدستور ، وخارج العراق في ساحات قريبة وبعيدة عن العراق ايضا مصاديق لهذا المصطلح، ولعل الوقائع على الارض ستجعل منه عرفا سياسيا ، ومبدا سيجد من ينظر له من الكتاب والباحثين في المستقبل القريب.