أول العراقيل كانت عند الكرد ، فهم كعادتهم يتحينون الفرص في الوقوف بأي موقف او رأي يتعارض مع مصالحهم ، وهم يعلنون ذلك وليس بالأمر المفاجئ ، فأعلنوا عدم القبول بهذه الحكومة ، وذلك بسبب عدم وجود لون لهم فيها ، وتصريح بارزاني الاخير يعطي الانطباع الحقيقي للموقف ، خصوصاً أن هناك معركة داخلية بين الحزبين المخضرمين (الجمهوري –الديمقراطي) في كردستان ، ومحاولة الجمهوري أخذ الفرصة والمبادرة على حساب الديمقراطي وتجلى ذلك من خلال رئيس الجمهورية السيد برهم صالح ، والاتفاق غير المعلن مع مقتدى الصدر في تمرير هذه الحكومة باي ثمناً كان ، ما انعكس بالفعل على الموقف عموماً في رفض حكومة علاوي ، والوقوف بوجه محاولات تشكيلها كأمر واقع .
الموقف السني ليس بالأفضل من الكرد ، فالسنة العرب عموماً رافضين حكومة علاوي ، وعلى الاقل قبل فترة كانوا النصف رافضين لها ، ولكن الان يبدو ان الرفض جاء عموماً ، خصوصاً مع تصريح الخنجر ، والذي جاء متضامناً مع موقف الكرد في ضرورة ان يكون هناك لون في هذه الحكومة ، الى جانب دخول لاعب مؤثر على الساحة السنية الا وهو الحلبوسي الذي يبدو انه مجهز بالعدة والعدد من اجل أخذ زمام المبادرة ليكون قائداً للوضع السني عموماً في البلاد ، وإذا ما علمنا ان هناك نوايا خارجية تحاول ان يكون السنة حاضرين في صنع أي قرار يخص رئاسة الوزراء ، والدخول في منتصف قرار الاغلبية والمتمثلة بالمكون الشيعي والذي يعتبر الكتلة الاكبر من حيث العدد في البرلمان .
الوضع الشيعي يبدو بائساً جداً، خصوصاً بعد الانتخابات البرلمانية والمشبوهة التي جاءت مؤخراً ، ليلعب اللاعب الرئيسي على الجميع ، ويأخذ زمام المبادرة وبالقوة ، ليسير نحو السيطرة على المشهد برمته ، وهذا ما تجلى من خلال دفع علاوي سراً نحو رئاسة الوزراء ، ولكن في العلن الوقوف مع المتظاهرين والدفاع عنهم وعن مطالبهم ، وهذا ما كشفه الجمهور ولكن متاخراً في كون هذا اللاعب بات مسيطراً على القرار والموقف ، ويبقى الشيعة يقفون موقف المتفرج ، في أتخاذ أي قرار بهذا الجانب ، الى جانب التشرذم الواضح في داخل هذه الكتل السياسية ، والذي انعكس بالسلب على الواقع السياسي ، ما جعل هذا الواقع مفتوح على التأثيرات الخارجية ،سواءً من الوضع الاقليمي او الدولي ، وجعل الارضية منبسطة لأي تغيير محتمل .
يبقى شي اخير …
الواقع السياسي العراقي لايتحمل أي تغييرات ، لان الارضية هشة جداً ، والوضع الشيعي غير متماسك ، والارهاب بدأ يتحين الفرص ويهدد ، ويرصد التحركان لنقض بسرعة ، وبدأت حرباً اخرى هي “حرب الفايروسات” ما جعل الموقف صعباً ، وينبغي اتخاذ الموقف الصحيح والحاسم ، وعلى الرغم من كل المحاولات في تحريك عجلة الاصلاح الا ان شعار الاصلاح بات جسراً للفاسدين ، والذين يرفعونه عالياً ويسرقون تحت رايته ، كما ليس من المتوقع ان يكون هناك أي تغيير سواءً الآن او في حكومة محمد توفيق علاوي ، لذلك يبقى على الجميع تحمل مسؤولياتهم في البحث فعلاً عن شخصية مستقلة تكون ممراً سهلاً لأي توافق إقليمي ودولي قادم في العراق ، لان البوصلة بدأت بالانحراف نحو إعادة مسلسل 2003 ، وهذا ما لا يدركه الجميع