جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف المقاصدُ الضائعة في الأغلاطِ الشائعة 24 ـ 25

المقاصدُ الضائعة في الأغلاطِ الشائعة 24 ـ 25

حجم الخط




محمد الجاسم |


” تَعَلَّموا العربيَّةَ..وعَلِّمُوها الناسَ ” ـ حديثٌ شريف
تزخرُلغتُنا العربيةُ المعاصرة بكمٍّ هائلٍ من كلماتٍ دخيلةٍ أو مغلوطةٍ أو محرَّفةٍ ،وبمرورِ الزمنِ والتداولِ اليوميِّ على الألسنِ وفي الكتب الرسمية والمخاطبات العامة ووسائل الإعلام والصِّحافة والرسائل الجامعية ومنجزات المبدعين الأدبية ويافطات أسماء الدوائر والمحالّ التجارية وعيادات الأطباء وغيرها،قد تسللت إلى لغتنا خلسة، حتى أصبحت من فرط تناقلها واستخدامها شائعةً ومقبولةً لدى القارئ والسامع ،ورسخت في الأذهان وانطلت على المتداولين إلا لذوي التخصص،فأمست المقاصد ضائعة في خضم الأغلاط الشائعة..
لذلك أعددت لكم أحبتي ـ لمناسبة شهر رمضان المبارك ـ ثلاثين حلقة من سلسلة تصويباتٍ منتخبة،إستكمالاً لعمودي اللغوي الذي واظبت على تحريره مدةً من الزمن في صحيفة(المصور العربي) التي أصدرَتْها جمعيةُ المصورين العراقيين في بغداد أواسطَ ونهايةَ التسعينات من القرن العشرين تحت عنوان (إضاءة في التراث).
(24)
ـ الدرجات..والدركات..!
من الأغلاطِ الشائعةِ عندَ الكُتَّاب والمؤلِّفين كتابةُ(الدرجات)في حالِ النزول.وقد طالعتُ في مقالٍ نقديٍّ لكاتبٍ عراقي منشورٍ في مجلة(الفيصل)عبارةَ:” منذُ أعوامٍ وهو يواصلُ النزولَ على الدرجاتِ الحجريَّةِ المتآكلةِ لِسُلَّمِ البُرْج”،وهذا خروجٌ واضحٌ عن الفصاحة في العربية،لأنها فقط في حالِ الصعودِ والإرتفاعِ تُسَمّى (دَرَجات)،قال تعالى:” يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ “المجادلة ـ 11.أما (دَرَكات)،فإنها في حالِ النزولِ والإنحدارِالى الأسفل فقط ،قال تعالى:”إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا” النساءـ145.ونقولُ في الدعاء:”اللهُمَّ ارزُقْنا الدرجاتِ العُلى في الجنةِ وقِنا دركاتِ النيران”.
ـ مَمْنونٌ..مُمْتَنٌّ..!
أنا مِن الذينَ يتداولونَ مفردةَ(مُمْتَنٌّ)مراتٍ عديدةً،إذا أردنا بها إبداءَ مشاعر الشكر والتقديروالإعتراف بالجميل،وأجِدُني في ذلك غيرَ منصفٍ للغتِنا الجميلة..وغيري من يقولُ (ممنون)ولكني عرفتُ مؤخراً أن الكلمتين مغلوطتان،(مُمْتَنٌّ )تعني في العربيّةِ كلَّ مَنْ أعطى وأحصى العطاء وأتبعه بالمَنِّ..كقول مهيارالديلمي:”ومَنْ أترُكُ الشكوى بهِ غيرَ قانطٍ … فيحملَ عنّى عبأَها غيرَ ممتنِّ “
أما (ممنون) فتعني محسوب..ويتم التذكير به..فينقَطِعَ أجرُهُ..قال تعالى:” إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ” الإنشقاق ـ25.ومنْ ذلك يتّضح أن مَنْ أراد إبداءَ مشاعر الشكر والتقديروالإعتراف بالجميل عليه أن يقول (شاكرٌ فضلكم)..أو..(مَدينٌ لكم بالفض
ـ شكراً سلفاً..!
ويُقْصَدُ بها تقديم شكرٍ مُقَدَّماً،وهذا إستخدامٌ غيرُمُوَفَّقٍ لغةً،والصحيحُ أن نقولَ(شكراً مقدَّماً) لأن السلَفَ ما قد مضى..وكلُّ ماضٍ سالِفٌ.قال تعالى:” وأنْ تجمعوا بينَ الأختينِ إلّا ما قدْ سَلَف” النساء ـ 23.

(25)
ـ الطغمة الفاسدة..!
لا أجدُ مُسَوِّغاً كي نقولَ على ثُلَّةٍ فاسدةٍ من البشرِ ـ مثلاً ـ طُغْمَةٌ فاسدة ـ لأنَّ مفردةَ (طُغْمَة) ليست فصيحة..وقال بعْضُ النحويين أنها (مُوَلَّدَة).الصحيحُ أن نقولَ (الطَّغَامُ الفاسدون)ونعني بها أوغادَ الناسِ، الواحد والجمع فيه سواءٌ، قالَ جرير :
” إذا غَدَرَتْ رَبِيعَة ُ، وَاستَقادوا … لِـطَاغِيَة ٍ دَعَا بَشَـراً طَغَامَا “،
إذن (الطَّغَامُ) هم أَرذالُ الناس وأَوغادُهُمْ،والمصدرُ (الطُّغُومَة) أي الدناءَةُ والخِسَّةُ. ويقالُ للواحدِ أيضاً (الطَّغامة).
ـ (خَطَبَ..يَخْطُبُ)..و..(خَطَبَ..يَخْطِبُ)..!
حركةُ عينِ الفعلِ(الطاء) في مضارعِ الفعلَيْنِ المذكورَيْن كافيةٌ للتفريقِ بين مَعْنَيَيْهما..ولكي نقطعُ الطريقَ بوجهِ الإشتباهِ آثرنا التوضيحَ.. (خَطَبَ..يَخْطُبُ) على المِنْبَرِ..أي ألقى (خُطبةً) بضمِّ الخاءِ: بين الناس..في مجلسٍ أو مسجد كخُطْبَةِ الجمعةِ والعيدِ على المنبر..أما.. (خَطَبَ..يَخْطِبُ) المرأةَ فتعني عرضَ (الخِطبة) بكسرِ الخاءِ : خِطْبَةُ الرجلِ للمرأةِ بُغيةَ الزواجَ منها.
ـ بالرَّفاهِ والبنين..!
دعاءٌ نُقَدِّمُهُ للتهاني والتبريكات عندَ ولادةِ مولودٍ جديد..وهذهِ عبارةٌ غيرُ صحيحة..ويَشْتَبِهُ قائلوها بأن (الرَّفاهَ)هو(الرَّفاهَة)أي رَغَدُ العيْش..وهذا كلُّهُ من غَثِّ الكلام..الصحيحُ أنْ نقولَ الدعاءَ الجميلَ: (بِالرِّفَاءِ والبَنِينَ)، أي بالإلتِئَامِ والإتِّفاقِ وجَمْعِ الشَّمْلِ للعائلة.
ـ الجيشُ المُنْحَلُّ..الأجهزةُ المُنْحَلَّةُ..!
إنْحَلَّ..فعلٌ ماضٍ على وزنِ (انْفَعَلَ)وهذا الوزنُ يمثِّلُ رغبةً ذاتيَّةً في الفعل،إراديةً كانت أو طبيعيةً،كقولِنا:(انضمَّ اللاعب الى الفريقِ)و(انْقَشَعَ الغَيْمُ)و(انْشَقَّ القَمَرُ)قال تعالى:” اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ” القمر ـ 1. لكنَّ القولَ السائدَ في مثالِنا(الجيشُ المُنْحَلُّ..الأجهزةُ المُنْحَلَّةُ)بصيغة إسمِ الفاعلِ غَلَطٌ واضحٌ..فهما لمْ يَنْحَلّا طواعيةً،برغبَةٍ منهما،بل حَدَثَ حَلُّهُما رغماً عنهما، لأنَّ الفاعلُ في الحَلِّ كانَ غيرَهما.لذا،يكونُ من الصوابِ أنْ نقولَ (الجيشُ المحلولُ..والأجهِزَةُ المحلولةُ)بصيغةِ إسمِ المفعول.

ورُبَّ قول..أنفذُ مِنْ صَوْل
التصنيفات:
تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال