جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف سيــــــميــاء التــــطـرف

سيــــــميــاء التــــطـرف

حجم الخط



م.م. محمد عباس اللامي
                                     

إن ادراك مفهوم السيميائية يعد اسهاما في فتح آفاق فكرية جديدة في ضوء تعريف الباحثين للمفهوم، ولاسيما  أن الرموز والعلامات والاشارات هي جزء من اللاوعي في تركيب بنية الفكر ، كما توصف السيمياء بأنها تعبير عن الوُجُود الحسِّيِّ الذي يُمثل موضوعاً ما مهما اختلف مضمونه، يقول (كاسيرر): (إنَّ قيمة الرُمُوز في وظيفتها ) وذلك لارتباط الرمز بالحقل اللسانيِّ ضمن الدراسات السميائية التي طوَّرها (تشارلز بيرس) إلى جنب السيميولوجيا التي اقترحها (فيردينان دي سوسير) ، فالإشارة عنده (كيان مُزدوَج يتكوَّن من دالٍّ "هو الصورة الصوتيَّة "، ومدلولها هو المفهوم). وعند بيرس الإشارة هي شيء ما يُشير إلى شيء آخر سواء عند شخص ما في ناحية، أو صفة مُعيَّنة. والإشارة "موضوع" تُشِير إليه، و"مُؤوّلة" تولدها في ذهن المؤول، و"أساس" يقوم عليه التأويل، وتُؤدِّي الأسس المُختلِفة إلى ثلاثة أنواع من الإشارة: الإيقونة، والمُؤشِّر، والرمز .
وبموجب ذلك تتداخل مفاهيم أخرى، منها: علم الدلالة دراسة القضايا، ومعانيها المرجعيَّة، سواء على مُستوى دلالة الإيحاء، أو الدلالة المطابقة وفي جميع الحالات: هو الحدّ الفاصل بين كليّة الظاهرة الدلاليّة، وبين التصنيفات المُمكِنة للمعاني التي تُنتِجها ظواهر تعبيريَّة، مثل: الإيقون، وألامارة، والإشارة، والرمز. فهذه الظواهر تُشكل إلى جانب الرمز الأدوات الضروريَّة المُؤدِّية إلى إنتاج الدلالات وتداولها، هذه المفاهيم تتراءى لنا في الخطاب البصريِّ الذي يقدّم دلالات قابلة للقراءة والتأويل من زاويا متعددة فكرية وفلسفية وجمالية تهدف لأيصال الفكرة.
 لذا لابد من استثمار مفهوم السيميائية كأحد أدوات مكافحة التطرف العنيف وتداعياته الارهابية، ولاسيما بعد توظيف الجماعات المتطرفة لتقنيات العولمة مستخدمة روابط التكنولوجيا كأداة أوصلت التنظيمات الإرهابية إلى مستوى العالمية ؛ مما سهل من انتشارها لدى  شريحة الشباب الذي لايمتلك حسا نقديا لمحاكمتها مما جعله فريسة سهلة لهذه الأفكار الظلامية وعبدا أعمى  يمارس الإرهاب دون أدنى تفكير في تداعياته الوحشية .
 رغم  الهزائم  التي تكبدها داعش  في السنوات الأخيرة،  لكن ما زال للفكر التطرف تأثيره الخطير في ظل التكلس الفكري والتنموي للبيئة الاجتماعية الحاضنة فضلا عن  المحركات الأخرى للتطرف المتولدة من الأزمات السياسية والاقتصادية الاجتماعية التي  تضيق الحصار على الفرد ، فتصيبه بردة فعل عنيفة احتجاجًا على هذه الظروف، كما تعد التنشئة المجتمعية ونوع التعليم مناخات تساعد على الاصابة بفايروس التطرف العنيف.
ومن جهة أخرى ، فإن الارهاب الذي  تسبب بسقوط عدد من محافظات العراق ما هو الا نتيجة لتطور او انتقال التطرف من مرحلته الفكرية الى مرحلة الارهاب الفعلية او العملية ، وعليه يجب تضافر الجهود وتكاملها في فتح مسارات تحقق العدالة الاجتماعية ومعالجة الفقر والامية . فغياب التخطيط والعوز وقلة الخدمات جعلت من الامية المحرك الرئيس للتطرف ، فضلا عن التعامل الاحادي في مكافحة التطرف العنيف ، وبعبارة أخرى ، إن التركيز على الجانب الأمني فقط في المعالجة وترك جوانب الحرب الاخرى في مواجهة التطرف العنيف يترك فراغات يرمم فيها الارهاب ذاته ليعود لممارسة دوره  وبأقنعة وأشكال مختلفة، مما يحتم ابتكار رؤى فكرية مختلفة تسهم في الاجهاض على بذوره السامة في حقول الفكر والاجتماع عبر تصميم بانوراما لسيمياء التطرف التي مازالت أرضا بكرا لم تطأها أقدام الباحثين.
تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال