متابعة ـ علي عبد سلمان |
في ظل حكم السيد عبد المهدي الذي أستمر أقل من سنة دعونا نرى مالذي فعله عبد المهدي من إنجازات ولماذا هو الرئيس الوحيد الذي لم يستمر لدورة كاملة هل بسبب ملفات فساد أم تدخلات خارجية أم المظاهرات أم طلب المرجعية ؟
بناءا على ذلك و وفق رؤية بسيطة أردت تلخيص إنجازات عبد المهدي والعلاقات الدولية في عهده والأسباب التي دفعت للاستقالة.
- الانجازات والعلاقات الدولية :-
1 – في حكومة عبد المهدي رفعت جميع الكتل الكونكريتية وفتحت جميع الشوارع ومن ضمنها المنطقة الخضراء وشارع المطار وبذلك اصبح منظر بغداد أجمل وتخلصنا من الاختناقات المرورية رغم التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية وغيرها.
2 – رغم رفع الكتل الكونكريتية وفتح الشوارع وازالة عدد كبير من السيطرات لم تحدث انفجارات تذكر فلو حدث أي خرق أمني لكان رفع الكتل خطوة سيئة واخفاق كبير للحكومة بل حدث العكس وفي ذلك دليل على ان الحكومة كانت تسير بخطوات مدروسة.
3 – تم تجريم الدكات العشائرية وفق المادة ٤ إرهاب وتم اعتقال العديد وفق ذلك مما قلت الدكات العشائرية بشكل ملحوظ.
4 – تم ازالت العشوائيات والبسطيات في العديد من المناطق.
5 – تحسن كبير في انتاج الطاقة الكهربائية واحيانا الكهرباء تستمر لمدة ٢٤ ساعة وخصوصا في البصرة بعد ما كانت تعاني من هذا الامر وكان المواطن البصري يخرج مظاهرات في كل صيف من اجل الكهرباء.
6 – الاهتمام بالزراعة بشكل كبير واصبح المنتج المحلي متوفر بكثرة وبفضل ذلك نحن الان في حظر تجول ومر شهرين على أزمة جائحة كورونا وما زالت أسعار الخضراوات والفواكه بنفس السعر قبل الأزمة.
7- اعداد الحسابات الختامية لوزارات ودوائر الدولة وهذه خطوة مهمة جدا
وسأوضح ما فائدة ومعنى الحسابات الختامية بشكل بسيط وللاسف يوجد عدد كبير من المسؤولين لا يعرف الفرق بين الحسابات الختامية التي تسمى بالميزانية وبين الموازنة
فالحسابات الختامية: هي ناتج ماتقوم به الوزارات والدوائر من صرفيات على مدار السنة وتسمى الميزانية ، اما الموازنة هي مقدار الاموال المخصصة من قبل وزارة المالية لكل وزارة وهو شيء تقديري يعتمد على مصروفات الوزارة المعنية ، ومن غير وجود الميزانية او الحسابات الختامية سيحدث فساد كبير في المشاريع وصرفيات الوزارة
فالموازنة والميزانية شيء مرتبط بالاخر والسيد عبد المهدي هو الرجل الوحيد الذي قام بعمل ذلك بعد عام ٢٠٠٣.
8 – تم تشريع قانون مفيد لفئة العقود والاجور اليومية وهو يمكن حساب خدمتهم الفعلية عند التثبيت لاغراض العلاوة والترفعيات والتقاعد وصاحب العقد له كافة الحقوق التي يتميز بها الموظف على الملاك الدائم.
9 – السيد عبد المهدي اول رئيس وزراء يترك المنطقة الخضراء ويفتتح مكتبه في منطقة العلاوي لكي يشعر المواطن بالقرب منه وليس داخل المنطقة المحصنة.
10 – عبد المهدي رجل يعمل بصمت ولا يفضل الكامرات والاعلام فأراد انجازاته هي من تتحدث عنه فكان يخرج فجرا لكي يزور شارع الرشيد او منطقة الحسينية او المنافذ الحدودية وكانت كلها زيارات مفاجئة لكي يطلع مباشرتا وفي ذلك مثال للمسؤولين لكي يحتذوا به ويتجنبوا الخروج بارتال كبيرة في منتصف النهار ومايسببه ذلك من قطع للشوارع وضجر المواطن.
11 – بعد 100 يوم من عمر الحكومة كان عبد المهدي على الشريط الحدودي حيث التقى نظيره الأردني عمر الرزاز لوضع اتفاق التعاون وتبادل المصالح بين البلدين حيز التنفيذ وافتتاح المنطقة الصناعية المشتركة.
12 – عبد المهدي صرح قائلا إننا لا ننوي السفر الا بعد إنجاز المنهاج الحكومي السريع المتمثل ب٣ أشهر وفعلا بعد إنجاز ذلك وكثرة الدعوات الدولية قام بعمل زيارات سريعة وكانت أبرزها الزيارة التاريخية للصين حيث وقع الإتفاقية الصينية العظيمة النفط مقابل الأعمار ( وهنا جن جنون امريكا ).
13 – عبد المهدي وقع عدد من الاتفاقيات من ضمنها إتفاقية الصين كما اشرنا ، والاتفاقية الثلاثية مع مصر والاردن ، والاتفاقية مع شركة Siemens الالمانية ، والاتفاقية مع السعودية حيث أبرم تسعة اتفاقيات بين الحكومتين منها استثمارية و منها تجارية ، والاتفاقية مع النرويج النفط مقابل التنمية ، وهذه الاتفاقيات ستبين نتائجها في وقت لاحق وبشكل تدريجي على مدى سنين وربما سيأتون رؤساء جدد يحسبون ذلك انجازا لهم.
14 – في عهد عبد المهدي أصبحت العلاقات الدولية جيدة جدا وقام بزيارة العراق العديد من رؤساء ومسؤولين الدول العربية والاجنبية ومن ضمنها زيارة ملك اسبانيا فيليب السادس التي لم تحدث منذ ٤ عقود كذلك زيارة رئيسة وزراء النرويج ورئيس وزراء إيطاليا والرئيس روحاني ووزيرة الدفاع الالمانية ووزير الخارجية الفرنسي وكثيرين غيرهم.
- طيب مالذي حدث وجعل امريكا بالضد من السيد عبد المهدي ؟
صراحة توجد عدة اسباب لعل اهمها :-
1 – الوقوف ضد صفقة القرن.
2 – التصريح بأن ايران دولة جارة تربطنا معها حدود مشتركة كبيرة ومعتقدات دينية ولا يمكن الاستجابة لترامب والوقوف ضدها.
3 – عدم قبول دعوة ترامب للقاءه في قاعدة عين الاسد.
4 – التصريح بأن إسرائيل قامت بقصف مقرات الحشد. الشعبي في القائم وهذا يعني إعلان الدولة رسميا ان إسرائيل تقوم بعدوان وتعطي المبرر للقوات العراقية الرد على أي تدخل اسرائيلي.
5 – فتح منفذ البوكمال.
6 – الإتفاقية الصينية.
7 – الغاء الموافقات الخاصة للطيران الأجنبي في الأجواء العراقية.
- وبسبب هذه الخطوات وغيرها دفعت امريكا أدواتها للخروج بمظاهرات ضخمة تطالب باسقاط الحكومة فحركت جيوشها الألكترونية واعلامها المغرض بالتزامن مع دولة لبنان وايران فكانت هذه الدول تسير بنفس الإتجاه مما يدل على وجود محرك رئيسي ومسيطر لهم وخرج بذلك الاف المواطنين العزل الذين غايتهم الاصلاح من غير علمهم بالنوايا الامريكية وبوجود مندسين قلة بينهم يحركونهم وفق توجهات خارجية فكان طلب المرجعية مرارا وتكرارا بضرورة تمييز الصفوف بسبب عدة أفعال غير مبرر لها ومنها إجرامية ولعل أبرزها:-
حادثة الوثبة وحرق محلات السنك وحرق مقرات الحشد الشعبي والسفارة الايرانية وقسم من الأحزاب وترك مقرات أحزاب أخرى وايضا تمزيق صورة الشهيد المهندس ورمي الجيش بقنابل المولتوف وقطع الشوارع من خلال حرق إطارات السيارات وإغلاق المدارس بالقوة وتهديد كوادرها ومحاولة مهاجمة سجن الحوت في الناصرية ولكل فعل رد فعل ورغم محاولة القوات الامنية عدم استخدام القوة الا انها استخدمت ذلك لوجود مثل هكذا مندسين فانقتل الطالح واستشهد الصالح،
وعند اشتداد الازمة والضغوط على السيد عبد المهدي للاستقالة بعث رسالة مفتوحة الى السيد مقتدى الصدر والسيد هادي العامري باعتبارهم الكتلة الاكبر وضح بها ان البلد يسير بظروف صعبة ولا يمكن ان أتركه حاليا الا في حال تقديم مرشح متوافق عليه غيري وسأترك المنصب خلال ايام إن لم تكن ساعات ( وكأنه يعلم انهم لن يتفقوا بسهولة على ذلك والدليل الا الآن لم يتوافقوا على مرشح غيره ).
وبعد هذه المظاهرات والقوة المتبادلة من الطرفين وأقصد هنا القوات الأمنية والعناصر المندسة التي تمثل بعض المتظاهرين وبسبب إن المظاهرات لها ابعاد أقوى من الإصلاح ومنها دينية ومذهبية قامت المرجعية الدينية باتخاذ خطوة قوية لسحب هذا الزخم القوي وتهدئة الشارع من خلال مطالبة السيد عبد المهدي بالاستقالة فأستجاب لذلك في نفس اليوم خلال ساعات قليلة.
- عبد المهدي استلم الحكم وارثا تركة ثقيلة متراكمة منذ سنين لعل أهمها التحديات الأمنية والديون الخارجية والداخلية بما يقارب ١١٢ مليار دولار لكنه رغم ذلك كان يسير بخطوات ثابتة وفق رؤية صحيحة ومدروسة واستطاع ان يحقق إنجازات واضحة وملموسة في أقل من سنة من حكمه.
وكما أشرت في بداية المقال ان هذه رؤية سريعة وتلخيص ما حدث في حكومة عبد المهدي من ناحية الإنجازات والتحديات وما خفي كان أعظم.
نسأل الله ان يحفظ الشعب العراقي وينصر كل مظلوم ويخذل كل ظالم انه السميع المجيب .