جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة



حامد البياتي |


تزعم الاسطورة الوثنية الجاهلية، ان الانسان اذا يقتل ولم يطلب بثأره، خرج من راسه طائر يسمى الهامة وصاح على قبره، اسقوني اسقوني، ويستمر في لجه، حتى يؤخذ الثأر، ويقتص من القاتل٠

ولنزداد كيل بعير من ايام العرب وثأرهم، لابد لنا من ذكر حرب البسوس التي بدات عام ٤٩٨ وانتهت ٥٣٨، حيث نزلت العجوز ( البسوس ) صاحبة الناقة الفتنة، في حمى، تغلب بن وائل، وحالما استقرت واخذت امان القوم، امرت عبيدها بتسريح ورعي جمالها في مزارع وبساتين كليب، فسحقت اشجاره وافسدت حدائقه، فثار وهجم على عبيدها، فهربوا منه، وتركوا ورائهم، ناقة عجفاء جرباء تعبث في حقوله، فرماها بسهم قاتل، فاخذت البسوس، باللطم والنياح، ولم ترضى بالتعويض، وعيرت إبن وائل وولده بانها ضيفة عندهم وفي حمايتهم وذمتهم، فتضخم الاحساس بالمهانة لدى جساس ( وهو الولد الثاني له ) فاندفع وبلا روية، وطعن كليب بحربة في ظهره، فاصاب منه مقتلا٠

لكن مقتل كليب غيلة، فجر بركانا من الغضب في قومه، وتولى المهلهل اخيه الرئاسة والثأر له، وهكذا استمرت الحرب اربعين عاما، ودارت في منطقة نجد، وقد هدر فيها دماء كثيرة، وابيد فيها خلق عظيم، فداءا لناقة لاتعدل حفنة دراهم٠

والتاريخ العربي زاخر بالكثير من المعارك والوقائع، ومنها ايضا، داحس والغبراء، وهي الاخرى حرب طويلة، حدثت في الجاهلية بين قبيلة عبس وذيبان، وبسبب سباق جرى بين فرسين، حيث تربص قوم من بني ذبيان لفرس قيس بن زهير العبس، واسمها داحس، والمشهورة في سرعتها، وابطؤها، فعدلت عن طريق الفوز، فساعد ذلك فرسهم واسمها الغبراء، بالفوز، الا ان قيس بعد ان تكشف له الامر، رفض الاعتراف بهذا السباق، وطالب بالرهان المضروب، وهو حراسة قوافل النعمان بن المنذر بن ماء السماء ملك الحيرة من قطاع الطرق، ونشب الصدام بين الفريقين، وهكذا استمرت هذه الحرب التي حملت اسم الفرسين اربعة عقود، قتل فيها الكثير من الطرفين٠

وما حدث، في السنة الرابعة للهجرة، من مأساة، تركت جراحاتها غائرة وبعيدة العمق في نفس رسول الله صلى الله عليه واله، اذ مشت جماعة من قبيلتي، عضل والقارة، الى النبي المعظم، وهم يضمرون المكر، وقالوا، يارسول الله، ان فينا اسلاما، فابعث معنا نفرا من اصحابك، يقرئوننا القران، ويفقهوننا بالاسلام، فبعث الرسول وفدا معهم، وما ان بلغوا ماءا اسمه الرجيع، حتى خرج لهم كمينا فيه اكثر من مئة من الرجال المسلحين، فانبرى الدعاة في القتال والمقاومة، فقتل من قتل، وتم اسر اثنين منهم، هما، خبيبا وزيدا، فساقوهم الى مكة وباعوهم الى عتاتاها فقتلا وصلبا٠

كوفي شهر صفر من السنة نفسها، وقبل ان يصل نبأ مصرع الدعاء المذكورين الى اسماع المدينة، قدم ابو براء العامري الى الرسول، وطلب بعثا من اصحابه، الى اهل نجد للدعوة الى دين الله، فقال له الرسول، اني اخشى عليهم اهل نجد، فقال له ابو براء، لاتخف، اني لهم جار، فساروا حتى نزلوا ببئر معونة، وكان عددهم اربعين رجلا، فهجمت عليهم قبائل بني سليم، وقتلوهم جميعا، بعد ان ابدوا بسالة عظيمة استثنائية٠

فحزن الرسول حزنا عظيما والمسلمون جميعا لهاتين الحادثتين ومافتئوا يذكرون الشهداء ردحا من الزمن، وبقيت ارادتهم ناهضة لطلب الثأر ممن امكر بهم٠

وكانت هاتان الحادثتان المؤسفتان، من نتائج، نكسة المسلمين في احد٠

ولايفوتنا ان نذكر بعجالة، ان حكومات اسرائيل المتعاقبة، طالبت بالتعويضات عن اليهود الذين قتلوا في دول اوربا قبل الحرب الثانية، وسعت الى نقل اجداثهم لتدفن وباحترام ديني ورسمي في مقابر فلسطين المحتلة، رغم تقادم الزمن ومر السنين٠

اما قومنا فبالرغم من مرور ستة سنوات على مجزرة سبايكر التي جرت في قصور، الطاغية الجرذ، في تكريت، والتي راح ضحيتها اكثر من ٢٠٠٠ من الجنود العراقيين المنتسبين الى الفرقة ١٨ حيث تم ادام اعدام قسم منهم بالرصاص، ودفن الباقي احياء، وقد احدثت طوفانا من الوجع والحسرة في ضمير كل شريف في العالم، الا ان مايسمى بالقيادة العراقية، لم تحرك ساكنا، ولم تكلف نفسها مؤونة البحث عن الجاني فضلا من القصاص منه، ولم يهتز لها جفنا لاهالي الضحايا، الذين تفتت اكبادهم على مصير ابنائهم الذين قتلوا بدم بارد٠

ان الجاهلية على ماهي عليها، من صدأ وعفن، ووأد وغارات، وغلظة وبداوة، الا انها تثأر لناقة او لفرس، وتخوض حروبا عقودية من اجل ذلك، لذا هي ارفع درجة واسمى منزلة، من قيادة، ترى شبابها يذبحون كالاكباش وامام عينها وتبقى متفرجة ودون ان تصنع ثارا او تطالب حقا او يحركها دما٠

وقد فاتها انها مهددة بالاجتثاث من على وجه الارض، وكل الشيعة، على يد النواصب والارهابين وعلى راسهم البعثين الحاقدين الموتورين، ان تراخت او ترهلت امام هذا الوحش المتغول٠

◾ جريمة سبايكر ارتكبت ممن قتلهم ومن سكت عن دمائهم

قال تعالى في كتابه المجيد ( ويشفي صدور قوم مؤمنين )٠

صدق الله العلي العظيم٠
تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال