جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف هل من سبيل لإيقاف العنف الاسري؟!

هل من سبيل لإيقاف العنف الاسري؟!

حجم الخط



الخبير القانوني فيصل ريكان | 

كنت شابا في مقتبل العمر وفي المرحلة الاولى من كلية القانون عندما جلست المرحومة والدتي على اريكة مقابلة لي وبيدها قميص قد انهمكت بإعادة احد ازراره المقطوعة . حينها سمعنا صوت تهشم شيئا زجاجيا مصحوبا بصرخة مكتومة اتت من بيت جارنا( سعيد) انتفضت محاولا النهوض لولا اشارة من الحاجة منعتني من ذلك وتمتمت بصوت خافت محاولة منعي من الكلام وبعبارة تعودت على قولها كلما ضربت المسكينة زوجة سعيد :
يمه سعيد زوجها محاولة منها لإضفاء صفة الشرعية لتصرف سعيد ولتفشل محاولتي للاعتراض على تعذيب هذه المرأة الطيبة دنوت منها لأسألها: اذا كان الضرب حق للزوج لماذا لم اشاهد المرحوم والدي وهو يمد يده عليك ولو مرة واحدة طيلة حياته اجابتني بابتسامة حزينة: هل ان جميع اصابع يدك متساوية ؟
ولأني حديث العهد بدراسة القانون ذهبت الى عدد من اساتذتي للاستفسار عن وجود هذا الحق للأزواج وهل هو عرف تعود عليه الناس ام هنالك نص قانوني اباح ذلك وكنت متأكدا ان الاجابة سوف تكون عرف اعتاد الناس عليه لان المشرع لا يمكن ان يذهب باتجاه تشريع قانون يسمح بهذا الاعتداء الصارخ على المرأة وجاءت الاجابة صادمة: نعم هو قانون فقد تحدثت المادة 41 من قانون العقوبات العراقي النافذ رقم 111 لسنة 1969 المعدل عن حق تأديب الزوج لزوجته ونصت على حق التأديب للزوج على الزوجة والاولاد بل ذهبت هذه المادة القانونية الى ابعد من ذلك عندما اعطت الحق للمعلم في تأديب التلاميذ عندما نصت في الفقرة 
1منها على :
( لا جريمة اذا وقع الفعل استعمالا لحق تأديب الزوج لزوجته وتأديب الاباء والمعلمين للأولاد القصر في حدود
ما هو مقرر شرعا وقانونا وعرفا) وترك الباب مفتوحا للزوج والمعلم لاستخدام نوع وحدود التأديب ليتحول التأديب بمرور الوقت الى تعذيب دون ان يعترض احدا عليه بل قد يباركه البعض لأنه كما يقولون هو الاسلوب الامثل للتربية وعندما تقول لهم ان التأديب الذي سمح به القانون والشرع ليس بهذه الصورة يغلقون اذانهم كي لا يسمعوا شيئا ان هذا الاسلوب قد يؤدي احيانا الى خلق عاهات مستديمة لدى المرأة او الطفل وقد يؤدي في بعض الاحيان الى الانتحار او الهروب من المنزل عند البحث في الدستور العراقي النافذ تجد انه في المادة 29 قد منع استخدام اي شكل من اشكال العنف في الاسرة والمدرسة وكفل حماية الامومة والطفولة ولأن الدستور يعتبر القانون الاسمى لذلك فأن اي نص قانوني يتعارض معه يعتبر لاغيا ولا ينتج اي اثر قانوني ولتعارض احكام المادة 41 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة1969 المعدل مع احكام الماده29من الدستور النافذ لذلك تعتبر لاغية لكن للأسف تجدها نافذه ويعمل بها رغم كل ما ذكرناه ان معظم الدراسات والبحوث الاحصاءات ذات العلاقة اثبتت بما لا يقبل الشك ان استخدام العنف والعقاب الجسدي في التربية والتأديب
قد يؤدي الى نتائج عكسيه ومخالفة لما اريد لها ان تحقق من اهداف فاستخدامها ضد التلاميذ يؤدي الى تدني مستوياتهم الدراسية واستخدامها ضد الزوجة او البنت قد يزيد من تمردهن على الاباء واحيانا قد يؤدي الى الانتحار او الهروب من المنزل ولغرض الحفاظ على الأسرة وعدم الحاق الاذى بأي فرد من افرادها يتحتم تفعيل
العمل بالنص الدستوري متمثلا بالمادة 29 منه وذلك من خلال تشريع قانون عقوبات جرائم العنف الاسري لضمان بناء الأسرة بما يتلائم مع احترام حقوق الانسان واحترام المرأة الام والاخت والزوجة والبنت والتي كرمها الاسلام والشرائع السماوية الاخرى كذلك رعاية الطفل وضمان عدم الحاق الاذى به لينشأ سليما معافى مؤهلا لقيادة البلاد مستقبلا لقد باتت الحاجة ملحة لتشريع هذا القانون نظرا لتزايد استخدام العنف المفرط ضد المرأة والطفل لذلك وجهت منظمة هيومن رايتس ووتش مذكرة بتاريخ2020/3/19 الى رئيس مجلس النواب العراقي طابت فيها ضرورة الاسراع في تشريع هذا القانون ولازال مشروع القانون في ادراج مجلس النواب لوجود عدد من الاعتراضات على بعض بنوده من قبل عدد من النواب ومن اهم الاعتراضات التي تتركز على المادة التي تتحدث عن توفير بيوت امنة وتعني الملاذات الامنة لمن يتعرض باستمرار الى العنف الاسري وهنالك اعتراض اخر على التوسع في الجهات التي من حقها تحريك الشكوى ضد المتهم بارتكاب العنف الاسري في حين ان قانون العقوبات النافذ وتحديدا في المادة41 منه تحدثت عن تحريك الشكوى من قبل الشخص الذي تعرض للأذى حصرا
وهو ما يشكل صعوبة في تحريك مثل هذه الشكاوي نتيجة الخوف من البطش الذي قد يتعرض له المشتكي او بسبب الاعراف والعادات التي لا تشجع على ذلك هذه دعوة مخلصة لمراجعة اساليب التربية المتبعة في الاسرة العراقية حاليا والعمل على تبني اساليب تربوية حديثة من شأنها العمل على توثيق الروابط الأسرية وتؤدي الى احترام المرأة وضمان حقوقها وانشاء جيل جديد يتميز بالشجاعة وقوة الشخصية ليكون مؤهلا لقيادة البلد مستقبلا على ان تقترن بحملة اعلاميه للتثقيف باتجاه ذلك بالتزامن مع تشريعات قانونية تضمن التطبيق السليم لهذه الحقوق وبما لا يتعارض مع التعاليم السمحاء للدين الاسلامي والشرائع السماوية الاخرى
التصنيفات:
تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال