جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف الشيعة بين الانتظار والتمهيد ـ القسم الاول

الشيعة بين الانتظار والتمهيد ـ القسم الاول

حجم الخط


رياض البغدادي |

• مقدمة
لا شك ان اي قضية عقائدية من عقائد الاصول الخمسة لابد وان تشكل محوراً مهماً في حياة الانسان، وعلى اساسه تتفرع الاعم الاغلب من التفاصيل المرتبطة بالحياة الدنيا او بالحياة الاخرة، ومن هذه العقائد الخمسة هي الأمامة التي نعتقد نحن اتباع أهل البيت عليهم السلام بدوامها الى يوم القيامة، ومن هذا الاعتقاد وعلى اساسه ثبت عقلاً وجوب وجود امام في كل زمن من الازمان، وبالدليل الروائي ثبت أن هناك إماماً غائباً سيصاحب الازمان وتستمر غيبته لسنواتِ طويلة الى ان يأذن الله تعالى بظهوره ( ليملأ الارض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ) وهي الرواية التي ثبت صحتها عند جميع الفرق والمذاهب الاسلامية . من هنا كانت غيبة الامام الثاني عشر من أئمة اهل البيت (ع) محل بحثٍ ودراسة من قبل مئات وربما آلاف الكتاب والفقهاء والحكماء والفلاسة وغيرهم، ومرت تلك الدراسات والابحاث بمراجعة وتخطئة وتصويب ونقد وتدقيق من كتّاب آخرين مما اغنى المكتبة الاسلامية بالكتب والدراسات والابحاث الخاصة بالغيبة والظهور واخبار الامام المهدي (ع)، وبحثنا المتواضع هذا انما هو باكورة دراسة في القضية المهدوية تناولت فيها التطور الذي حدث عليها بعد الثورة الاسلامية في ايران …
والله تعالى ولي التوفيق
• تمهيد
فقه الدولة وقيادة المجتمع في الفكر الإمامي الإثني عشري يستند الى ثلاث رؤى فقهية معتبرة اتعرض لها بشيء من الشرح والتفصيل للوصول الى التجربة الشيعية الحديثة في قيادة الدولة ( التجربة الايرانية ) أنموذجاً :
1- الرؤية التقليديَّة: خلاصة هذه الرؤية هي وجوب انتظار ظهور الإمام الغائب (ع) والإبتعاد عن المشاركة السياسيَّة حتى ظهوره الشريف، وهذا يعني إحجام علماء الدين عن تصدر أي عمل سياسي يؤدي الى المشاركة في ( الحكم والسلطة ) وهذه الرؤية هي المعتمدة من فقهاء الخطّ الإماميّ قديمًا وحديثًا الى حدٍّما ، وهو المعمول به في الحوزات الشيعية كلها في ايران والعراق على حد سواء حتى ثورة الإمام الخميني (رض) العام 1979 .
وظلت المدرسة الشيعيَّة (تنزه) نفسها من ولوج نفق السياسة والحكم ،وانصبَّ اهتمامها على النشاط العلمي في الفقه والأصول واللغة والتفسير والعلوم الفلسفية والأخلاقية وكان الاعتقاد السائد أنّ « كل راية ترفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله عز وجل »(1)، ومن ثَمّ يتوجب الابتعاد عن السياسة والحكم والاقتصار على توجيه الناس الى التزام عقيدة الانتظار حتى خروج الامام المهديّ المنتظَر (ع).
2- الرؤية الثوريَّة: وهي التحوّل الذي أدخله الإمام الخميني (رض) على الفكر الإمامي والميراث الحوزويّ والدرس الفقهيّ والعقديّ، وتمثّل هذه الرؤية تطوراً واضحًا وكبيراً على الخطّ العامّ للتشيّع، ذلك لأنها أحلّت نظريَّة الانتظار الايجابي المقرون بالتمهيد محلّ نظريَّة الانتظار السلبي السائدة .
3- رؤية الدستوريّين: وهي التي عرضها الشيخ النائيني (رض) وفقهاء الثورة الدستوريَّة(2) بامتدادها حديثًا، متمثّلة في علماء مراجع ومفكّرين كبار في الوسط الحوزوي . وما زالت هذه الرؤية هي الخطّ المعتمد لدى بعض الفقهاء الذين لا يتسنى لهم الدخول المباشر في العمل السياسي بسبب الظروف الخاصة لكل بلد يتواجد فيه اولئك الفقهاء كما هو الحال في لبنان والعراق .
ففي العراق تتعاطى المرجعية مع الامور العامة في البلد من خلال توجيه النصح والارشاد ومراقبة الأداء الحكومي لضمان تحقق المطالب الشعبية في توفير الحياة الكريمة للمواطن من دون المشاركة المباشرة في الحكم والسلطة، مع التأكيد المستمر على احترام المرجعية لسيادة القانون وسلطة الشعب.
وواضح إنّ هذه الرؤية حالةٌ وسط بين التدخل المباشر في السلطة والحكم وبين الابتعاد الكامل الذي كان سائداً في القرون السابقة .
والذي يَعنينا في هذا البحث المختصر هو التركيز على الرؤية الثانية، التي تبنّاها الإمام الخميني (رض)، إذ مثّلت تطوراً واضحًا في الفكر الإمامي في حتمية الدخول في العمل السياسي على عكس الموروث الذي كان سائداً في الاجتهادات والنظريات الفقهية والأعراف المذهبيَّة .
ان التطور الذي احدثه الامام الخميني (رض) أسس لحالة إنقلاب كاملة للرؤية السياسية في العالم الاسلامي من أدناه الى أقصاه ، وما زال العالم يشهد آثار النهضة التي احدثها الامام الخميني من خلال الثورات التي تحدث هنا وهناك من البلاد الاسلامية فضلاً عن الدول التي انتصر فيها الاسلام السياسي واصبح يطبق النظرية الإسلامية في الحكم والدولة ….

في القسم الثاني سوف نبدأ بالموضوع التالي ( الانقلاب على الرؤية التقليدية في الميراث الشيعيّ )
تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال