الشيخ خيرالدين الهادي|
تتسارع الاحداث وتتوقَّد وتنبئُ بأيام حبلى ومستقبل كأنه على كفِّ عفريت يتلاعب بمصير العباد والبلاد فلا يستقر فيه أمرٌ ولا يثبت فيه حق والكل يشعر بالمظلومية وإن كان ظالما فالموازين اختلفت والمبادئ تلاشت في مهبة الرياح والقوى المتصارعة والتي لبست ثوب الاصلاح وحقوق الانسان وتزينت بدماء الشهداء والثكالى والجرحى الذين أدركوا أنهم كانوا حطباً لجهنمٍ سعَّرته أيادي خبيثة تخلت عنهم بعد أن استغلت قواهم وشبابهم وحيويتهم.
إن المتأمل في الاوضاع التي تتقلب يوما بعد آخر نحو الأسوء خاصة في المحافظات الجنوبية يدرك تماماً أن الاعداء يعيشون الأن نشوة الانتصار, خاصة بعد أن نجحوا في نزع آخر ما تبقى من الحياء والغيرة في قلوب أبنائنا فلم يمنعهم محرم الحرام وحرمة الحسين عليه السلام من الاحتفال والرقص والغناء بعد ان قاموا بهدم مقرات الاحزاب والتيارات ظناً منهم أنهم وقفوا على العلة, ولا يعلمون أنهم في حقيقة الامر قد تم استغلالهم شرَّ استغلال, فحرمة هذه الايام معتبرة وكبيرة في قلوب عشاق الحسين عليه السلام, وقد تجاوز السفهاء كل الاعتبارات القيم في طاعتهم للشيطان الأكبر وعملهم المشين والسيء سواء في استهداف مقرات الحشد الذي كان ولا زال الحامي والناصر للعراق وأهله, أو في تركهم للمحتل وأعوانه وتوجههم إلى حرق الدوائر الرسمية أو مقرات الاحزاب وإن كان بعضها فاسدة أو بعيدة عن طموح أبناء الشعب, فالهدم والحرق ليس حلاً؛ بل هناك محاكم وقوانين يمكن بها أيقاف جميع الفاسدين إذا صلحت الدولة ومحاكمها واستطاعت أن تكون مع الحق وأهله.
واليوم أكثر من أي وقت مضى ينبغي على شيوخ العشائر والوجهاء والمؤثرين في الاوساط الاجتماعية تدارك الأمر وتفويت الفرصة على الشياطين الذين استطاعوا تجنيد أبنائنا بطريقة محترفة ومن دون رسميات فانساق الشباب إليهم دون وعي ودون معرفة بالمخطط الذي يعمل عليه أعداء الوطن والعرض والأرض حتى أصبحنا بين نارين لا ثالث لهما, فإما أن نهدم بيوتنا بأنفسنا ونصبر على فساد الجوكرية والعملاء الذين سرقوا منا أبناءنا فأصبحوا يروجون لحالة الفوضى وكأن الانتصار صار بتحييد الشرفاء وتحجيم الحشد والقوى الوطنية ليتمكن العدو من تحقيق كل أهدافه, وهذا مجانبٌ للصواب؛ لذلك ينبغي ان نعمل على أيقاف الباطل بأي ثمن كان؛ لان الخيار الآخر هو الأشد وهو أن تكون مع الشيطان الأكبر وهذه هي اللحظة التي ينتظرها العدو ويكون قد حقق كل ما يريده وأول أهدافه مصادرة الوطن وجميع الوطنيين سيما العلماء والمرجعية وكل الشرفاء في هذا الوطن لنكون بين يديهم كما هم اليوم عملاء الخليج الذين صاروا إلى التطبيع المخزي فخسروا دنياهم قبل آخرتهم, وهذا الأمر أحد أهداف الشيطان الأكبر في العراق أيضاً خاصة بعد أن وجد استقبالا عن السفهاء فضربوا المقدسات عرض الحائط فلم يميزوا بين الحق والباطل ولم يعتبروا بغيرهم حتى يحترقوا ويحرقوا معهم هذا الوطن ويجعلوه ذيلاً ذليلاً تابعاً للصهيونية والاستعمار.