جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

 

ابراهيم العبادي|


يتقاذف العراقيون  الاتهامات بشأن المسؤولية عما آلت اليه الدولة في العراق ،فالدولة لغاية حاضرنا الذي نحن فيه تصنف بأنها هشة او ضعيفة او فاشلة بحسب المعايير المعتمدة في التصنيف ،وايا كان مستوى تصنيف الدولة العراقية اليوم ،فان مواطنيها في الداخل والخارج ،والمحيط الاقليمي والدولي ، متفقون على ان حال الدولة يحتاج الى اعادة بناء ، فهذه الدولة تعاني من ضعف شديد في القيام بوظائفها الامنية والقانونية والخدماتية والتوزيعية ، دولة العراق الان ضعيفة غير قادرة على ضمان سيادتها على اراضيها وحدودها ،والسلطات لاتستطيع انفاذ القانون ومنع التجاوزات والتعديات ،كما ان المؤسسات غير فعالة في اداء مسؤولياتها ، وهناك استهانة كبيرة وتحايل واسع وعمل موازي ينازع الدولة السياسات والمواقف والادوار ، ببساطة هناك دول داخل الدولة العراقية ،وهناك قوى وجماعات واحزاب وزعامات تمارس دور الوصاية على الدولة بلاتفويض من الامة ،ولا قبول من كل اطراف الجماعة الوطنية العراقية ،بل ان فرض المواقف والسياسات على الدولة من جانب بعض القوى السياسية او الجماعات ذات السطوة والعنف صار سمة يومية من يوميات الاجتماع السياسي العراقي . بسبب ذلك صار العراقي يطالب ب (نريد دولة )ويطالب ب (نريد وطن ) بما ادى الى تناقص شرعية النظام السياسي الى المستويات الدنيا ،  وافقد السلطات ثقة الجمهور ،وتناثرت اشلاء الدولة نهبا للاقوياء  ، فبدا العراق وكأنه ضيعة يستأثر بها  اصحاب  النفوذ من الذين يستطيعون استتباع واستلحاق قسم من العراقيين تبعا لمصالح وايديولوجيات وشعارات ومفاهيم تتقاطع مع فكرة مركزية مفادها ان العراق ينبغي ان يكون دولة قوية مستقلة ذات سيادة قادرة على اداء وظائفها وتحظى بالشرعية في الداخل ومقبولة الدور الخارجي . بقاء العراق دولة ضعيفة يشكل خطرا على الامن الاقليمي والدولي ، فمن شأن نكوص الدولة عن ارضاء مواطنيها وتأمين امنهم واشباع احتياجاتهم الاساسية (عمل ،امن ،صحة ،تعليم ، الوثوق بالمستقبل ) ان يجعل دولة كالعراق قنبلة موقوتة في بيئة اقليمية شديدة التأثر والتأثير ، ومن شأن استمرار الصراع والتنافس الاقليمي والدولي على العراق ان يقسم العراقيين الى كانتونات طائفية وعرقية مستلحقة بهذا القطب الاقليمي او ذاك الطرف الدولي . هكذا هو حال العراق منذ سنين ،لكن سنوات التأسيس الجديد لجمهورية مابعد 2003 ،استبطنت مشاريع ونوايا جعلت من العراق يعيش منطق (اللادولة ) وقفزت الطوائف والقبائل والجماعات المسلحة تتصارع للاستيلاء على الدولة وتكييف قوانينها وسلطاتها وريعها لمصلحتها الخاصة لا لمصلحة دولة الامة ،ومازال النقاش يدور بين الحزبيين العراقيين على المباديء الاولى للدولة ،فهناك قسم كبير من العراقيين يقدم مصالح مختلفة على مصلحة الدولة العراقية ،ومازال عراقيون كثر يحملون وعيا مؤدلجا عن دولة متخيلة ،تارة يقدمون فيها انموذجا اسلاميا واخرين يقدمون انموذجا ليبراليا ،وثالثا يقدمون انموذجا قوميا لشكل الدولة ،ومادرى هولاء جميعا ان الدولة التقليدية العراقية تفككت وان اعادة بناء الدولة ومؤسساتها وسلطاتها وشرعيتها ودستورها ونظامها الاداري والبيروقراطي يستلزم الانتهاء من كل المشاريع المؤدلجة ،فلايصلح للعراق انموذج وثنائي (الدولة-المقاومة) فهذا وهم كبير ،ولايصلح انموذج الدولة المستبدة الشمولية ،كما لم يعد بالامكان اعادة انتاج اي نموذج للدولة يستنسخ نماذج قديمة  مبثوثة في العالم ،بناء الدولة في العراق ينبغي ان يتجاوز المشاريع الايديولوجية ،دولة العراق المطلوبة هي دولة (المعاش) الحديثة التي تؤمن لمواطنيها العيش الكريم وتستظل بمنظومة قيم جماعية مشتركة نابعة من تراثهم المشترك ومنظومتهم الثقافية بعصرانية وحداثة تواكب العالم .
اشترك


تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال