جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف استذكارا لتحريرها.. آمرلي قصة الصمود الاستثنائية!

استذكارا لتحريرها.. آمرلي قصة الصمود الاستثنائية!

حجم الخط

 

زينب فخري|

لمناسبة مرور ست سنوات على تحرير آمرلي، فليس من المبالغة إذا قلنا أنَّ صمودها كان اسثنائياً، وقدمت نموذجاً يحتذى به في الدفاع المستميت عن الأرض بل ضربت أروع مثلاً في التلاحم والتراحم بين أهلها في فترة صمودها الاسطوري. وبطولات وملاحم هذه الناحية وقصص أهلها تستحق أن توثق ولعلَّها تغري الأدباء يوماً ما لكتابة روايات وقصص عنها، بل ربّما السنوات المقبلة تهدينا مخرجين (مدعومين مالياً) يبحثون عن ملاحم، فتثير هذه الناحية شهيتهم لإخراج أفلام وثائقية وروائية تتميز بصناعة تضاهي السينما العالمية. أنَّ انتصار آمرلي يعدّ اسطورياً؛ فحصار آمرلي كان من كلِّ الجهات (360 درجة) ولمدة 84 يوماً، فبعد سقوط القرى المحيطة بها التي تربو عن ست وثلاثين قرية، شمر أهلها عن سواعدهم، واتخذوا موقفاً واحداً لا ثان له، هو مقاومة داعش وبالأسلحة المتوفرة التي كانت قديمة ومحدودة موجودة في بيوت الأهالي. يروي لنا بعض أهالي آمرلي أنَّ سقوط محافظتي الموصل وصلاح الدين السريع جداً بيد التنظيم الإرهابي لم يترك للأهالي الوقت الكافي للاستعداد والتزود بالأسلحة والمؤون، فما أن اجتمع رجال العشائر وقرروا المواجهة حتى حوصر القضاء بعد ثلاثة أيام فقط، وهي مدة غير كافية بالمرة لكن اصرار الأهالي جعلهم جميعاً مندفعلين على الساتر حتى النساء. كان المصدر الرئيس للأسلحة هو ما متوفر في البيوت، وهي قديمة ومحدودة، كانت بعض العوائل المتكونة من خمسة أفراد تجدهم على الساتر جميعاً ولكنهم يملكون سلاحاً خفيفاً واحداً ينتظرون استهاد أحدهم ليتلقفوه ويسدوا مكانه، وبعضهم ينتظر أقتراب الداعشيين للاستلاء على سلاحهم. ويوضح الأهالي كان جميع الرجال على الساتر، وعلى الرغم من أن النساء استعدن بالسكاكين لكن لم تحتاجهن السواتر؛ فآمرلي معروفة بالشجاعة والكرم ولايقبلون بالضيم والعدوان، وهذه الخصال ورثت من الأجداد، وسار الأبناء على نهج سلفهم بالتصدي ثانية للعدو الداعشي الذي لا يمت بصلة للمجتمع العراقي ولا  للمجتمع الآمرلي.  ويكمل لنا راوياً أنَّ الانقطاع الكهرباء كان متوقعاً لكن لم نكن نتوقع انقطاع الماء، إذ رأينا في صباح أحد الأيام في الطرق المحاذية للقضاء سيارات كبيرة أعتقدنا أنَّها محملة نفطاً لتهريبها لكن أتضح أنَّها لمليء خزانات مياه القضاء بالنفط الأسود! فقطع الماء عنا فكانت الآبار الارتوازية المنقذ من الهلاك عطشاً. ويؤكدوا أنَّ داعش استهدف القضاء استهدافاً كبيراً، فقد صد الأهالي 30 هجمة انتحارية، وكانت هدفاً لـ 20 إلى 30 قذيفة هاون يومياً، ومن أسباب استهداف آمرلي أنَّها تشغل موقعاً استراتيجياً رابطاً بين المدن، وكانت تسمَّى قديماً طريق الحرير؛ وفشلت محاولات احتلالها مرَّات عدَّة؛ لذا كانت تشكل حجر عثرة في طريق التنظيم الإرهابي لعدم تمكنه من الاستحواذ عليها. ويسرد لنا قصص عن التلاحم والتراحم بين الأهالي منها: فقد قرر الجميع أن يصبح القضاء كبيت واحد، وما في بيت أحدهم يعد ملكاً للجميع ويعيشون على التكافل والتقاسم ما في بيوتهم، فكانت عوائل عدة تجتمع في بيت واحد لطبخ قدر واحد للاقتصاد إذ أصبح الملح شحيحاً والطحين نفذ ويخبز بلا خميرة، والمادة الغذائية التي كانت متوفرة بكثرة هي اللحم واللبن؛ لأنَّ المنطقة زراعية والمواشي والأغنام كثيرة فكان الذبح على قدم وساق ويوزع على البيوت بلا مقابل.. ويسردون لنا حكايات تفوق الخيال عن صمود هذه المدينة، فعلى الرغم من تواصل مروحيات طيران الجيش والقوة الجوية بالهبوط على القضاء لتزويدهم بالأرزاق والعلاج وإخلاء الجرحى والنساء، فحدث أن تاخرت المروحيات لسبب ما، فكان أن أصيب طفل بقذيفة؛ ولأنَّ القضاء لا يحوي مشفاً بل مركزاً صحياً فقط، صعب الأمر عليهم معالجة الطفل، فاضطر أهله إلى بتر ساقه بمنشار عادي لإنقاذ حياته! وشكلت غرفة عمليات متكونة من 65 شخصاً، هم: بعض الآمرليين وأفراد من القوات الأمنية المنسحبة من الموصل ومتطوعين من محافظات العراق.. تطوعوا للقتال مع الأهالي ضد داعش؛ فحفرت الخنادق وصدت الهجمات الانتحارية. أحداث آمرلي بدأت من العاشر من حزيران عام  2014، حيث حاولت مرتزقة «داعش» مراراً وتكراراً اختراق هذه الناحية؛ وفرض تنظيم "داعش" الإجرامي الحصار الاقتصادي بعد قطع المنافذ البرية على الناحية لمدة 84 يوماً، وتأخر الدعم المادي عن طريق الطائرات والذي هو غير كافٍ من الأرزاق التي تصل إلى المنطقة. ولمدة 84 يوماً والجميع في خندق واحد من المقاومة رجال الناحية والنساء والأطفال، كل حسب موقعه ودوره، تحملوا المعاناة من الجوع والحصار مدافعين عن أنفسهم.  وانطلقت العمليات العسكرية فجر يوم الأحد (31 /8/ 2014)، إذ شنت فصائل الحشد الشعبي هجوماً على معاقل عصابات داعش، وتمكنت القوات المسلحة بفتح المنفذ البري، ثمَّ فك الحصار عن الناحية ودخول آمرلي بعد الظهر يوم الاحد عن طريق ناحية سليمان بيك وقضاء العظيم. كما برز دور طيران الجيش والقوة الجوية والمدفعية منذ انطلاق عملية التحرير بدك أوكار الجماعات الإرهابية في القرى القريبة من آمرلي، الذي ساعد الفصائل العسكرية مع بدء العمليات من الدخول إلى ناحية آمرلي بعد ان تم تحرير قريتي جردغلي والسلام الحدودية للناحية، الأمر الذي ادى الى قتل واعتقال العديد من الارهابيين، وفرار المئات منهم الى اماكن مجهولة. وفي يوم الاثنين الموافق (1/9/2014) كانت بشرى فك الحصار عن آمرلي الذي بدأ في عام 2014، وتطهير جميع القرى التابعة لها، بعد معركة شارك بها القوات الأمنية والحشد الشعبي لزمر "داعش"، وقتل أكثر من (700) داعشي، فيما استشهد من آمرلي (100)، ثمَّ دخلت فصائل الحشد الشعبي والقوات الأمنية الناحية بعد 84 يوماً على الحصار. بقي أن نقول أنَّ طبيعة آمرلي جميلة جداً، فموقعها يطل على الوادي المعروف باسم (كور دره)، حيث يقسمه هذا الوادي إلى قسمين، وتبعد آمرلي قرابة الـ 24 كيلو متر مربّع عن سلسلة حمرين الجبليّة، وتتمتّع ناحية آمرلي بخصائص البيئة الجبليّة، وتكسوها الخضرة في أغلب فصول السّنة. وكانت (آمرلي) ناحية ثمَّ تحولت إلى قضاء في عام 2017، وتقع تحديداً في الجنوب الغربيّ لقضاء (طوز خورماتو)، وآمرلي تابعة إدارياً إلى محافظة صلاح الدين. ومعظم سكان آمرلي ينتمون إلى عشيرة واحدة، وتحتضن آمرلي معالم بارزة من الآثار القديمة لاسيما المواقع الأثريّة الدينية، كالجوامع الكثيرة.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال