جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف انتبه اختبارات فحص الماء.. خدعة!

انتبه اختبارات فحص الماء.. خدعة!

حجم الخط

 

زينب فخري|

قد تفيد التجارب الفردية أحياناً مجتمع بأسره، وربما تفيد الباحثين والمهتمين بالشأن الاجتماعي وغيره لدراسة العلاقات الاجتماعية؛ لذا سأسرد تجربتي.  في مساء أحد الأيام، وبينما كنت منهمكة بكتابة بحثٍ، سمعتُ طرقاً قوياً على الباب، ففتحته، وإذا بفتاة شابة في مقتبل العمر، أنيقة ترتدي البنطال، برفقتها طفلة وشاب، سألوا عن زوجي الذي كان غير موجوداً في هذا الوقت، ودفعني الفضول لمعرفة سبب بحثهم عنه! وبعد أخذ ورد، قالا: نحن فريق توعية نقوم بجولات ميدانية لفحص المياه للأهالي لمعرفة مدى صلاحيتها للاستهلاك.. وأردف الشاب قائلاً: هل أنت صاحبة القرار في البيت؟ فأجبت بثقة: نعم! فطلبا الدخول لفحص المياه، فاستدركت أنني استخدم مياه القناني المعبأة وتلك الصغيرة بحجم الكأس.. فقالا: أيضاً نريد فحصها للتأكد من صلاحيتها.. فوافقت!  دخلت الفتاة معها الطفلة وبقى الشاب في الباب، وبين المسافة بين الباب الخارجي والداخلي راودتني مشاهد خزنتها ذاكرتي من أفلام الجريمة، دخول الغريب للبيت، وخداعه لصاحب البيت، بل خطر لي حجم اللوم الذي سيلقى علي من الأهل لأنني سمحت بدخول غريب، ولرفع سقف معنوياتي حدثت نفسي سرّاً: إذا كان هدفهم السرقة، فإنا موظفة في وزارة الثقافة! وإذا انتهى اللقاء بالقتل، فالموت به فائدة عظمى، منها الخلاص من اللوم والعتب! بعد أن جلست الفتاة طلبت ثلاثة أقداح زجاجية، الأوَّل عبأ من ماء الحنفية (الاسالة)، والثاني من العبوة البلاستكية والقدح الثالث من كأس موجود في صناديق مياه معبأة، أي نوع مختلف عن الثاني! واخرجت من حقيبتها جهاز بحجم كفة اليد بها أعمدة أربعة: حديدية ونحاسية وربما نوع آخر لا أعرفه. وبعد ربطه بالكهرباء وغمس أعمدته بالماء، فار الماء وبدأ لونه يتغير.. فطلبت مني الاقتراب لأراه.. فجال في خاطري أنني حين اقترابي منها سأضرب على رأسي بهذا الجهاز أو ترش علي مخدراً!  فقلت لها واضح من هنا أن شكله تغير.. كأس آسن، وكأس اصفر.. وكأس رمادي!  فشرحت لي مخاطر التلوث، وأن المياه التي استخدمها بأنواعها جميعها لا تصلح للاستهلاك البشري وأنها سبب الأمراض وعدم نجاعة الأدوية المستخدمة في حالة المرض! فقاطعتها مستفهمة عن مكان عملها.. فعلمت أنها من شركة أهلية في الحارثية.. فازداد فضولي، وسألت أكثر فعلمت أنها من مناطق سكن بعيدة، وانهم كفريق يقومون بجولات في مناطق بغداد لتوعية العوائل من هذه المخاطر، وهي اليوم في منطقتنا لهذا الغرض؛ فرددت في نفسي: "ما شاء الله.. نحن بخير"! فرجعت لشرحها قائلة: هذا الكأس الذي يحوي طبقة تشبه المياه الآسنة والمستنقعات هي مياه الحنفية، والكأس الذي لونه غامق هو مياه العبوة البلاستيكية؛ لأنه محفوظ في المخازن بدرجة حرارة فوق المقررة ممَّا تسبب في تفاعله مع المياه؛ فلوثه، أما مياه الأقداح الصغيرة فهي معقمة بالأوزن؛ وهي لا تصلح لتعقيم المياه. وبدأت الطفلة بالبكاء تريد ماءً، وخجلت أن أقدم المياه لها؛ لأنَّ مياهنا ملوثة، فقالت لها الأم: "سأعطيك عندما نخرج، موجود في السيارة".. تملكتني فكرة الشرب من مياههم أو على الأقل أن أراها! فعادت للشرح، فأوقفتها بهذه الأسئلة: وماذا بعد؟ المياه غير صالحة للشرب، ما الذي أفعله.. ماذا أشرب؟ أليس من الأفضل الذهاب للحكومة وأخبارهم بذلك؟! فقالت: يتوجب عليكم ولصحتكم شراء قناني زجاجية التي تكلف الواحدة 4 آلاف دينار! يعني العائلة الصغيرة من شخصين تستهلك 8000 دينار،  فقلت في سرّي ممكن الاقتصاد بشرب الماء، حتى لا يتجاوز المبلغ 5000 دينار يومياً! لكن لحظة ماذا عن العائلة المكونة من ثمانية أشخاص؟! فواصلت حديثها سنعرض عليكم توفير هذه المياه بسعر 3000 دينار بالكمية التي تحتاجوها! حقيقة شعرت بسعادة كبيرة.. فصرخت كيف؟! فأخرجت من حقيبتها ملف يضم صوراً لجهاز تعقيم المياه! ففهمت منها انه بسعر مليون و250 الف تقريباً، يباع بالتقسيط للعوائل، والشاب في الخارج من أجل نصبه في البيت حالاً.  وشعرتً بالحرج وهي تطالبني بسرعة تحديد موقف من شرائه، فطالبت بمهلة للغد، فتعللت هي أن هذه العروض وقتية ولن تدوم للغد، ثمَّ هي لن تكون في هذه البقعة غداَ، كما أن مهندس التنصيب معها الآن وهو بالباب، وفي يوم آخر معناه أنني سأدفع مبلغاً اضافياً للتنصيب يبلغ 180 دولاراً.. فتعذرت بزوجي وعلي أخباره.. فقالت متذمرة أنتِ قلتُ أنكِ صاحبة القرار، فاستدركت، نعم أنا صاحبة القرار، لكنه مستشار! وأقول الحق أنا اثق بمستشاري، ألا تلاحظين عدد المستشارين عن رئيس الوزراء!  خرجت الفتاة بعد وقت ليس بالقصير، وانا أشفق عليها أن تعمل مندوبة لبيع فلاتر المياه، وتتجول في البيوت والمناطق البعيدة بحثاً عن لقمة العيش. أسرعت الى الموبايل اتجول في الفيديوهات بحثاً عن أجهزة لقياس المياه الصالحة للشرب، فعثرت على الجهاز الذي كان بيد الفتاة، واتضح أنه جهاز لتحليل المياه إلى عناصرها وليس لقياس تلوثها! وعند تحليل المياه وفصل الأملاح منها سيتغير لونه، وتتكون طبقة مفصولة عن السائل! نعم.. كان هذا الجهاز خدعة لإيهام العوائل واستدراجهم لشراء فلاتر من شركاتهم بأسعار مضاعفة!

التصنيفات:
تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال