خالد جاسم الفرطوسي||
تعرف الإرادة على أنها:
القوة الخفية لدى الإنسان وهي تعني اشتياق النفس وميلها الشديد إلى فعل شيء ما.
والإرادة قوة مركبة من:
رغبة + حاجة + أمل.
أو هي: القوة الدافعة للفعل على الاختيار بعد المفاضلة بين عدة بدائل، والتحكم في العقل والجسد من أجل عمل ما يشاء الفرد حتى ولو كان صعباً بدون أن يجبره أحد على ذلك، وهذا العمل قد يكون في صورة حركة بدنية أو عمليات عقلية أو منع سلوك معين من الصدور، ويدل ذلك على استقلال الفرد وحرية اختياره ويعكس صحته النفسية وقدرته على الكف الداخلي وقوة الذات عنده.
هذا ما يمكن أن نُعرف به الإرادة بشكل موجز ويسير، لنتمكن من أن ننتقل إلى أهم المواضيع المرتبطة بها وبعملية التغيير.
ولنبدأ بذكر أهمية النجاح في تقويتها، حينما ننجح في تقوية الإرادة والقضاء على حالة التسويف نكون آنذاك قد حيينا الحياة الحقيقية، أنها حياة الإنجازات والنجاحات وليست حياة السنين، وكما يشير الشاعر إلى ذلك بقوله:
قل للذي أحصى السنين مفاخراً يا صاحٌ ليس السر في السنوات
لكنه في المرء كيف يعيشها في يقظة أم في عميق سبات
تُحصى على أهل الحياة دقائقٌ والدهر لا يحصى على الأموات
واعلم أن أصعب ما في التغيير هو أن يوجد عند الإنسان إرادة جادة في التغيير.
ومن المؤسف أن البعض يجعل التغيير كردة فعل (موت قريب أو حادثة ما)، فما يفترض أن التغيير نابع من الداخل نتيجة قناعات ومبادئ وقيم، وليس كردة فعل تزول بعد فترة قصيرة.
يروى في ذلك أن أحد الفقراء الساكنين في قرية من قرى لندن أصبح مليونيراً خلال فترة قصيرة من الزمن، فتعجب معارفه وأقاربه من ذلك!
وسألوه: كيف حصل ذلك؟!
فأجابهم أنه أمر سهل للغاية، فهنالك خطوتين عملت بهما فتغير وضعي المالي.. وهاتين الخطوتين بإمكان أي شخص أن يقوم بهما ليكون مليونيراً، الخطوة الأولى هي أن تقرر والثانية أن تنفذ.
فانظر كم هي أهمية الإرادة، إذ أنه لو لم تكن لديه إرادة قوية لما قرر ..
فما دام أن التغيير يحتاج إلى إرادة قوية، فكيف يمكننا الحصول عليها؟
إن ظاهرة الإرادة من أصعب الظواهر التي يمكن دراستها لأنها لا توجد بوضوح في مركز وعينا ولا نعرف متى ينتهي ومتى يبدأ إدراكنا لها، لكنها باختصار هي المرحلة التي تلي الدافعية، فقد يكون الشخص مدفوعاً لإيجاد طعام لسد جوعه أو ملابس لحمايته من البرد، لكن إرادته تبدأ في العمل فور أن يشرع في تحويل أفكاره إلى واقع خارجي ويتعامل مع بيئته للوصول إلى ما يريد.
وتقوية الإرادة أمر غير مستحيل إذا عرف الإنسان الأساليب التي تقوي إرادته والعوامل التي تضعفها.
وهو أمر لا يحتاج إلى تناول العقاقير، بل يحتاج إلى تغيير معارف واعتقادات وتمارين، فإرادة الإنسان تشبه العضلة التي تحتاج إلى تدريب لكي تصبح قوية.
والحديث عن الإرادة وعوامل تقويتها يحتاج إلى بحث مستقل قمنا بإشباعه والغور في أعماقه في إحدى الدورات التدريبية الخاصة بقيادة الذات، وبعون منه جل وعلا سنتناوله عن قريب في بحث مستقل.
فإلى أهم المباحث التي يمكن تناولها في منهجية التغيير وبناء الذات في حلقتنا هذه، وهي سرد موجز ويسير لبعض من القواعد المهمة التي تساعد في عملية التغيير:
أهم القواعد التي ينبغي أن لا يغفل عنها كل من يصبو إلى التغيير، والمفترض منه أن يكون على دراية ومعرفة بها، ليتمكن من قطع رحلة التغيير بكل نجاح وفلاح، ما يلي:
1. التغيير يأتي من داخل النفس البشرية كحافز ذاتي بغض النظر عن الدوافع الخارجية: فهو قرار يتخذه الفرد ولا يمكن لأحد أن يتخذ هذا القرار بالنيابة عنه، واتخاذ القرار هو الحالة الشعورية النفسية التي يعيشها الفرد بقصد إنجاز فعل ما “إن الله لا يغير ما بِقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”.
2. إن التغيير المادي أسرع من التغيير الفكري: فبناء منزل أوشراء سيارة تغيير بسيط مقارنة بتغيير الفكر وتصحيح المسار الذي تكون دائرته أصعب وتحتاج إلى وقت وجهد وصبر.
فنلاحظ مثلاً، إن رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم” أول ما بدأ مع أمته كان من خلال التغيير الفكري، لذا جعل المشركين بأنفسهم يكسرون الأصنام بعد إسلامهم، أي بعد تغيير فكرهم.
3. إن تكون للإنسان رسالة واضحة ورؤية عميقة.
4. التفاؤل وتوقع الأفضل.
5. مراعاة عقلنا الباطن، وتغذيته بالإيحاءات الذاتية الإيجابية والتأكيدات المنظمة المختصرة.
6. الاحتكاك بالطموحين والمثقفين والمتميزين: وفي ذلك المجال يروى أن هنالك مجموعتين طرحوا لهم نفس المشكلة وطلبوا من شخص كان منتمياً لأحد الفريقين أن يعارض باستمرار، فكان أن أتمت المجموعة الأولى عملها قبل المجموعة الثانية التي كانت تضم ذلك المعارض، بعد ذلك طلبوا من المجموعتين بانهُ بإمكانهم التخلص من أي فرد يريدون، فالمجموعة الثانية مباشرة طلبت الاستغناء عن ذلك المعارض … وهذا خطـأ فالخلاف يثري، إلا أن تلك المجموعة لم تُحسن استثماره.
7. التأمل: وهي ممارسة يقوم فيها الفرد بتدريب عقله لتحفيز الوعي الداخلي، ويحصل في المقابل على فوائد معنوية وذهنية وواقعية، في حال تطبيقه لما تأمله.
يتبع….
ـــــــــــــ