جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

 


الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي||

توالت الآيات القرآنية الكريمة في بيان جوانب شخصية النبيِّ صلى الله عليه وآله, وتعددت هذه الآيات بحسب الصفات النبوية الشريفة؛ لتعكس المقام الجليل للنبيِّ صلى الله عليه وآله وتبيِّن حرصه على امته, وخوفه عليهم من التشتت والضياع في ظل ما تواجهها الشريعة الاسلامية والمسلمون من الفتن والبلايا التي تعصف بين الحين والآخر بالعالم الاسلامي, وواحدة من اهم تلك الصفات التي ذكرها القرآن الكريم للنبيِّ صلى الله عليه وآله صفة الحرص على هداية الامة والتأثر بميلهم عن الحق؛ بل اظهار الألم عند زيغ الامة وابتعادها عن ربها وعن دينها وعن عزتها وكرامتها.ِ
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله كثير الاذى حينما يجد المسلمين يميلون عن الحق ويعصون ربهم, لذلك كان صلى الله عليه وآله يحاول أن يظهر انزعاجه أمامهم ولم يكن ذلك إلا حرصا منه على هدايتهم ودفعهم باتجاه العودة إلى الله تعالى, ولطالما جاء الوصف القرآني متناسقاً مع الواقع النبوي ليبرهن على انسانية النبيِّ صلى الله عليه وآله كونه منقذ البشرية وسبب خلاصهم من ظلمات الدنيا والآخرة وفوزهم بعد أن زحزحهم عن النار وأوردهم الورد الحسن بين يدي رب كريم وغفور.
ومن المناسب أن نذكر أن النبيَّ صلى الله عليه وآله ركز في حياته على تشريع سبل العزة للمؤمنين وجعلهم في مقام كريم, فلم يرضى لهم الذل والهوان والتبعية إلا لله تعالى ولرسوله وللإسلام؛ ليكونوا بذلك أعزة بطاعة الله تعالى: فان من استرخص نفسه في ذل الطاعة ارتقى بالقبول, ومن أخذته العزة بالإثم فقد هوى إلى مستقرِّ السعير حيث الخزي والعار, وهذا ما يؤكد اهتمام النبيِّ وحرصه الكبير للوصول إلى الجميع وبيان الحقائق لهم واثبات الحجة عليهم؛ لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل؛ فآمن من آمن وكفر من كفر.
إن النبيَّ صلى الله عليه وآله كان همٌّه هداية الجميع؛ ولكن هذا بطبيعة الحال من المحال, فالذين توسعت كروشهم من الحرام, وتلطخت أيديهم بالدماء الطاهرة ليس لهم القدرة على اللحاق بركب النبيِّ صلى الله عليه وآله, وعز على النبي صلى الله عليه وآله ذلك أيضاً, فحاول وحاول ولكن الناس لم يزدهم إلا بعدا عن الله وعن الحق, فقد كان البعض منهم يردُّ على النبيِّ صلى الله عليه وآله في حضرته وبعضهم يكفر به وبعضهم يحاربه بما أوتي من القوة.
ولمَّا كان النبيِّ صلى الله عليه عليه وآله خاتماً للنبين فمنهاجه قائم حتى قيام الدين, والصفات النبوية التي نتلوها في القرآن لم تتوقف عند رحيله؛ فأعمال المسلمين تعرض عليه بشكل مستمر, ويعز عليه شتاتهم وتفرقهم وتطبيعهم مع الباطل وتمزقهم, ولعله يبكي بدل الدموع دماً حينما يقلب صفحات المسلمين اليوم, فبعد العزة أصبحوا أذلة, وبعد أن كانوا قادة العالم بقيادة النبيِّ صلى الله عليه وآله باتوا تابعين لإرادة الشيطان الأكبر يسوقهم إلى الضياع ويأمرهم بالمنكر بدل المعروف وهم مطيعون؛ ليخرجوا بذلك من عزِّ طاعة الله إلى ذلِّ طاعة الشيطان فيكون عزيز على النبيِّ ما عاندوا وكابروا منقادين أذلاء .
ـــــ

تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال