جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

 

د. عباس الجبوري|

عندما نريد أن نفرز بعض التحديات في خارطة العراق ومايدور خلف الكواليس والغرف التي تسمى في المفهوم السياسي الغرف المظلمة في ظل هذه التجاذبات والتخبطات والفشل الذي اصاب عقول كثير من السياسيين بعد أن اختاروا الكاظمي رئيسا للوزراء رغم عدم امتلاكه اي خبره في مضمار السياسة وعندما تسأل أحدهم لماذا هذا الاختيار يقول
مرشح تسويه والحقيقة هي حتى يزاح عدنان الزرفي صديق الامريكان يأتي بشخص يحمل مشروع الامريكان فكيف لرئيس وزراء لايملك اي خلفية سياسية ان يكون رجل العراق والأول في ظل احتلال أمريكي وتدخل تركي وصراع بين الحكومة المركزية والاقليم اقتصاد متدهور ومديونيه
وصلت إلى 138 مليار دولار وعدم وجود ستراتيجية لبناء دولة وسط صراعات إقليمية ودولية كبيرة في مامقدمته الصراع الامريكي مع الجمهوريه الإسلامية والذي تقوده أمريكا لأنها تشعر بقوة الارادة الإيرانية وتحديها للوحش الامريكي في المنطقة وهذا انعكس على الوضع الداخلي العراقي… والتحدي المهم الاخر هو التحشيد للتظاهرات في الخامس والعشرين الحالي ودخول أطراف دوليه أمريكية ومال خليجي وجهات متضرره من الوضع الحالي على الخط والذي بانت بوادره في ماحصل قبل يومين في كربلاء المقدسة اثناء زيارة اربعينية الحسين علية السلام دليل واضح على إثارة الفتنه وتحول الهاتفات الوطنية الى شعارات واعتداء على القوات الأمنية وتغريدات نبيل ستفين المعادية وهناك معلومة مهمة أود أن أشير إليها تقع ضمن خلق فوضى خلاقة هي قيام السفاره الأمريكية بفتح دورة إلى عدد من الاعلاميين والناشطين لإدارة دفة الصراع عبر منصات التواصل الاجتماعي؛ وايضا اليوم هناك تخوف أمريكي واضح من قلب المعادلة على الأرض بعد نضوج محور المقاومة العراقية وتواجده على الأرض بكل ماتملك قوة وقدره على التحدي مما دعى الامريكان ان يفرضوا على الكاظمي بضرورة تفكيك الحشد والفصائل حتى ندعمل في حكومتك وهذا ماثير قبل زيارة الكاظمي الى واشنطن في الحوار الامريكي العراقي الاستراتيجي والذي كان معد سابقا كل هذه الارهاصات تحتاج إلى حلول منطقية يشارك فيها كل الأطراف المتصارعة من أجل مصالحها على أرض العراق باعتبار ان العراق منطقة نفوذ وجغرافية مؤثرة في الشرق الأوسط،
وللحديث بصورة مباشرة، فإن ما يجري في العراق الان، أو منذ بداية الاحتلال، لا يبشر بخير البتة، ولعدة أسباب:
أولًا ان المجموعة التي تسيطر على المشهد السياسي، وعلى الرغم من فسادها وفشلها ، ترفض ان تفسح المجال لوجوه جديدة اكفأ، لا بل انها تصر على فعل كل ما بوسعها من اجل التمسك بالحكم والعبث به؛
وثانيا هناك احزاب مدعومة ومموله بشكل مباشر من الإمارات ومن تركيا ومن السعودية وأصبحت تمتلك ثروات هائلة تستطيع ان تستخدمها لشراء الذمم والضمائر المريضة، وما أكثرها، أضف إلى ذلك انها لها ارتباطات مشبوهه مع داعش وهي اليوم تمتلك أصوات في البرلمان ولها تأثيرها على الساحة السياسية ؛
ثالثًا والأهم فان (جزء من المجموعة الحاكمة) تحظى بدعم خارجي، إقليمي او دولي، يسند بقائها في الحكم. علما بانه ثبت بما لا يقبل الشك ان الأطراف الخارجية غير مهتمة بمسالة وجود من هو اكفأ في السلطة، المهم لها هو ان من يكون في السلطة، أو من ستدعمه للوصول اليها، يجب ان يخدم مصالحها، ولا يهم ان يكون من يتم اختياره فاسدا أو سارقا أو صاحب تاريخ اسود . وبالتالي فان التعويل على طرف خارجي يجب أن يكون ذات معيار وطني وتميز بين من يريد الاحتلال ومن يريد المساعدة لتقويم الدوله.
على الجانب الآخر فمثلا اليوم الجمهوريه الإسلامية تسعى جاهدة لدعم العراق للعودة من جديد لاعبا اساسا في المنطقه وهي اليوم تمده بالغاز والكهرباء دون أن تستلم مستحقاته بسبب وضعه الاقتصادي رغم الضغوط الأمريكية والتلويح بالمدد والتوقيتات الزمنية….
فان التظاهرات السلمية والشعبية، والتي قامت بما هو مطلوب منها وأكثر، من ناحية كسر حاجز الصمت والخوف ورفض وفضح السياسات الطائفية وأسلوب المحاصصة، والمطالبة بمحاربة الفساد والفاسدين بجدية، قد وصلت إلى طريق مسدود تقريبًا، ليس بسبب عقمها، بل بسبب اختطافها من قبل جهات مرتبطة باللوب الامريكي الصهيوني والمال الخليجي الواضح وكذالك بسبب المندسين والراكبي الموجة واذناب السفارة وتشويه الصوره الحقيقة للمتظاهر العراقي الذي خرج وفق المادة 38 من الدستور ولكن للأسف دخول الجوكريه وعملاء أمريكا اضاعوا كل هذه الحقوق للشعب العراقي من خلال خلط الأوراق…
وبسبب عدم وجود قوة داخلية لمساندتها، (مثل الجيش او حزب سياسي جماهيري كبير أو نقابات مهنية شعبية كبيرة)، وهكذا نجد ان رغم كل التظاهرات الكبيرة وشعاراتها الواضحة والاحتجاجات والاعتصامات، استمرت جأءت حكومة الكاظمي لتكون الأسوء على الإطلاق ،
في ظل هذا الوضع القائم
والطريق المسدود لا توجد بدائل أخرى يمكن ان تسر العراقيين سوى الانحدار إلى حرب أهلية داخلية طاحنة وطويلة لا تبقي ولا تذر، او ان يجزأ بلدهم، خاصة وان أطراف خارجية مثل الولايات المتحدة وإسرائيل تعمل على ذلك وتلوح به، وترحب بهذه الفوضى، بدعوى انها السبيل الأنجح (لمحاربة نفوذ الجمهوريه الإسلامية الإيرانية )، كما تدعي بينما يبقى هدف امريكا الحقيقي هو ابقاء العراق مشرذما كي لا يشكل أي تهديد للكيان الصهيوني في المنطقة وكذلك حتى تقوض محور المقاومة الذي اثبت انه مرعب الامريكان ومصدر ازعاج لهم . في حين ان إيران لاتريد الفوضى على أساس انها الطريق الصحيح لمحاربة الوجود ألأمريكي-الصهيوني في العراق. وانتقل العراق بسبب هذين التفكير لكي يكون ساحة صراع ونفوذ قوى تركية واموال خليجية ، نتيجته تدمير العراق وقتل ابناءه.
البديل الآخر الذي يمكن أن البعض يراهن يصحح الوضع القائم و ان يتدخل الجيش لصالح المتظاهرين ويزيل هذا الحكومة ، ولكن هذا الحل برغم وجود عدد كبير من العراقيين المرحبين به، ورغم إمكانية نجاحه في اقتلاع كل الفاسدين جملة واحدة ومعهم مظاهر الفساد، الا ان نتيجته قد تكون حربا دامية بين الجيش وبعض الأطراف الذي ترفض هذا الحل كوننا دولة اتحادية فدرالية ديمقراطية كما مثبت في الدستور و هذا لايسمح باي انقلابات وإنما تداول حقيقي للسلطة . صحيح ان كل التجارب السابقة المشابهة أكدت، وتوكد ان الغلبة ستكون للجيش المنظم والمدرب تدريبا جيدا، الا ان في حالة العراق فان هذا الحل يبقى غير مضمون وسيقود إلى اقتتال داخلي دامي لسببين:
الأول هو ان الكثير من وحدات الجيش غير مدربة التدريب الكافي، والثاني ان قسما من وحداته لاتزال تأتمر بأمر الأحزاب ذات الصبغة الطائفية ويقودها من يمثلهم، وبالتالي يمكن جدا ان تتبع هذه الوحدات أوامر هذه الأحزاب اكثر من التزامها بالانضباط وبالأوامر العسكرية. كما ان هناك مخاطر كثيرة تحيط بهذا الخيار، منها عودة الحكم العسكري الذي قد يولد ديكتاتورية اخرى، ويستبدل فساد بفساد. علمًا بان هذا الحل اذا ما نتج عنه اقتتال داخلي فان قوى مجاورة عديدة سوف لن تتوانى عن التدخل المباشر (مثل ما حصل ويحصل في سوريا وليبيا) خاصة في ظل الاحتلال الامريكي وتواجد قاعده القريبة خدمة لمصالحها والمكاسب التي حصلت عليها داخل العراق بعد الاحتلال، وقد ينقلب الوضع إلى حروب داخلية متعددة خاصة إذا ما كان تنظيم وتماسك القوات المسلحة ضعيفا.
الاحتمال الثالث هو ان يتم اختيار شخص مناسب وكفوء ولديه نفس اصلاحي، من خارج التركيبة السياسية الموجود، ويُعطى الحرية الكافية للقيام بإصلاحات حقيقية. والعقبة الأكيدة التي يمكن ان تعرقل هذا الخيار تتمثل في الكيفية التي ستتمكن من خلالها هذه الشخصية مواجهة حيتان وعصابات الفساد المدعومة من كبار السياسيبن ؟
وهكدا وحسب هذه المعطيات يمكن القول ان كل الدلائل تشير إلى ان العراق، وفي المستقبل القريب المنظور (عقد من الزمن تقريبا، اقل او اكثر بقليل)، سيبقى يعاني من هذه المخاطر. نعم لقد اثبتت التجارب ان العراق ليس عقيما وسيفرز قيادات شابه قادرة على انتشاله من مآزقه في هذه الفترة، ولكن الخوف كل الخوف يكمن في ان تؤدي المشاكل الحالية والسياسات الفاشلة التي تنتهجها الأحزاب السياسية والمسيطرة على مصير البلاد والمرتب بعضها بالخارج إلى احداث أضرار يصعب إصلاحها في المستقبل، مثل ان يتم تقسيم البلاد بطريقة أو أخرى وهذا وارد اذا فاز بايدن الانتخابات الأمريكية ممكن ان ينفذ مشروعة في تقسيم العراق خاصة هناك مؤشرات تؤكد بأن عدد من الزعامات السنية التي ترحب بالوجود الامريكي والاقليم السني وتحاول جهد الامكان اخراج الحشد من مناطقها ، أو ان تُرهن ثرواتها الطبيعية وثروات أجيالها القادمة للخارج لأمد غير محدود، مثل ما حصل مع اتفاقيات الشراكة النفطية (أو ما عُرِفَ بجولات التراخيص التي كانت وبال على الاقتصاد العراقي وكلفة الاستخراج العالية )، وعندها ستكون المعضلة ليست البحث عن الإصلاح وإنما عن الكيفية التي يمكن بها اعادة الوحدة الوطنية للبلاد، والأهم إعادة وحدة ترابها الوطني بعد ان تنشأ مصالح داخلية واقليمية تدافع عن هذا التقسيم؟.
بعيدا عن هذه التحليلات فان بسطاء الناس من العراقيين، والذين هم اكثر تفاؤلًا، ويمثلون أغلبية لا يستهان بها، يرددون دائما ان لا داعي للخوف على العراق، لان ارضه الطاهرة تبقى محمية ببركة الأنبياء وآل بيت النبوة عليهم السلام والأئمة الصالحين رضي الله عنهم جميعًا، الذين تنتشر مراقدهم واضرحتهم في كل العراق من شماله إلى جنوبه، وان بغداد وحدها محمية ببركة خمسة أئمة و أولياء صالحين تحيط مراقدهم الشريفة بها من كل جانب، وان هذا هو سبب بقائها شامخة رغم كل ما مر بها من كوارث. وتفكيرهم بل وإيمانهم هذا يجعلهم يطمئنون إلى المستقبل اكثر من المفكرين الذين يحاولون تعقيد الأمور، وانا اتمنى ان تكون هناك بارقة امل عسى ان يكون تفاؤلهم الغريزي هذا واطمئنانهم الفطري للمستقبل هو النتيجة لما يجري من ماسي!!!
*رئيس مركز الرفد للإعلام والدراسات الاستراتيجية

تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال