جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف نعم ..السيستانية نظرية الدولة الاصلح للعراق

نعم ..السيستانية نظرية الدولة الاصلح للعراق

حجم الخط

 

 ابراهيم العبادي|

فيما تتصاعد مؤشرات الصدام المسلح في العراق ،بين تيارات وقوى شيعية مختلفة ،بسبب تباين الرؤى والمصالح ، يشتد الجدل الاعلامي والنقاش الفكري-السياسي حول مشروعية الخطوات التي تخطوها الجماعات السياسية ،وهي تتسابق يوميا في حرب الاستنزاف الجارية في العراق . منشأ الجدال الدائر ،يتحرك في اتجاهين ايديولوجيين ،الاول يذهب باتجاه فرض رؤاه وتصوراته وخصوماته وحلوله لازمة الدولة الراهنة في العراق ،ويجمعها في سلة واحدة ، يسميها مقاومة المشروع الامريكي -الغربي -الصهيوني ،وهو ينطلق في ذلك من منطلقات يراها شرعية -قيمية -تاريخية ذات ارضية صلبة ،وهو ماض في هذا المشروع ويعتقد ان وجوده ومستقبله رهين هذا الخيار ، فالمشروع المضاد الذي يواجهه لم يترك له خيارا (شرعيا )غير ذلك ،وهو يطلب من الامة ان تبايعه وتناصره للظفر في هذه المعركة بصرف النظر عن تضحياتها وتكاليفها وخسائرها وافقها الزمني المفتوح . هذا الاتجاه  دخل المعركة ويستعجل الانتصار فيها ولايريد اختلافا في الرؤية ولا سياسات واجراءات وزوايا نظر للمصالح والمفاسد غير مايراه ويعتقده ،انه يتمنطق مقولة (التكليف الشرعي )عندما يصل الحوار والجدل الى نهاياته المتعارضة . هذا المشروع يجعل العراق في حالة حرب دائمة وصراع ساخن وازمات تتوالى ،تزيد الحاضر بؤسا والمستقبل القريب غموضا . في قبال هذا الاتجاه ،يرى اتجاه اخر ان العراق شبع من مشاريع الثورة والنضال  القومي واليساري والاسلامي ،وان البلاد غرقت حتى اذنيها في تداعيات ونتائج هذا الفكر ومشاريعه المتعددة ،فلسنا محشورين في خيار الحرب دائما لنحمل السلاح ،ومشروع بناء الدولة في العراق ليس مسؤولية عراقية بحتة ،بل هو مسؤولية دولية واقليمية يفرضها امن وسلام ومصالح العالم بأسره ،أو على الاقل مصالح شعوب هذا الجزء منه ، فديمقراطية العراق (الليبرالية )هي النموذج (الوحيد) الذي يرضي مكوناته ويحقق مصالح افراده وجماعاته ،ومن حق العراقيين  بعد خراب بلادهم ودمار امكاناتهم ،ان يستفيدوا من كل قوى العالم لبناء دولتهم وفق العقد السياسي الذي تعاقدوا عليه بعد التغيير والذي وثقه دستور عام 2005 بكل نواقصه وعيوبه ،فالعراق محتاج  الى الامريكان والروس والاوربيين  والعرب والاتراك والايرانيين والصينيين ، ولاداعي للدخول في صراعات جديدة وحروب ايديولوجية بلا جدوى . تحت مظلة الرؤيتين والمشروعين،  انتعشت الزبائنية والمافيوية والفساد والجريمة والفشل وتبديد الموارد وسوء الادارة والفقر ، وبقيت الدولة هيكلا واسما بلا مسمى ،واصطلاحا بلا مضمون ،  او معنى  مجسد على الارض . متى ينتهي الطرفان من معركتهما ،وهل سينجو العراق من تداعيات هذا الصراع الطويل ؟ لماذا يفترض كل طرف انه الاحق في فرض منطقه ويدعو للانتصار له تحت شعار ومسمى انقاذ الدولة ؟  بقاء التعارض أوصل البلاد الى المأزق الراهن ، ودمغ العراقيين بدمغة المراهقة السياسية والافتقار الى العقلانية والحكماء . السيستاني قدم للعراقيين رؤيته في طريق ثالث ،داعيا الى الدولة الدستورية التي يكون فيها الشعب صاحب الارادة في تقرير مصيره بلا اكراه ايديولوجي ولا جبر سياسي ، السيستاني اعاد تطوير  نظرية الميرزا النائيني (1857-1936) وعصرنها وفق المعطيات الجديدة ،آخذا  مصالح الناس وهويتهم الدينية والاجتماعية ،وحقوقهم وواجباتهم،بأعتبارها جوهر النظام السياسي ، للسيستاني نظرية اذن  ،تكرر طرح مفرداتها في السنين الاخيرة ،والنظرية ،هنا تعني الاجتهاد والرؤية والنظر ،مثلما هو اجتهاد ورؤية  الامام الخميني (1902-1989) والشهيد الصدر الاول (1935-1980) والشيخ حسين علي المنتظري (1922-2009)والعلامة محمد مهدي شمس الدين(1936-2001) ،ومن قبلهم النائيني ابو الفقه السياسي الشيعي الحديث . المدهش ان الذي استغرب من قولي ان للسيستاني نظرية حكم ،صنف واحد ،هم حزبيون اسلاميون ،اعترض بعضهم (بأننا لم نقرأ عن هذه النظرية لا في بحوث السيد ودروسه ، ولا في تقريرات وابحاث تلامذته )  ،وهي لاتعدو ان تكون فتاوى او توجيهات متأخرة زمنيا لاتؤلف نظرية متماسكة ، هذا الاعتراض مرده قلة الاطلاع وضيق الافق ،فبعض اخواننا اعتاد ان تكون نظرية الدولة الاسلامية الشرعية عنده تدور حول المرجع والفقيه ،وذوقه لايسمح له ان يجتهد فقيه اجتهادا مغايرا ، فيشرعن (الدولة الحديثة) بلا تدخل من الفقيه ولا اشراف مباشر منه ،بل مراقبة توجيهية عن بعد ، والبعض الاخر لم يستسغ هذه الدولة ولم يثق (باسلاميتها) لان هويتها لاتطابق هوية ونموذج الدولة الذي اعتنقه ، فصار اسيرا لنموذج قائم ،  او لأخر  نظري متخيل ،  كما تحدث عنه الشهيد الصدر الاول ،  لاسيما في الاسس التي كتبها لحزب الدعوة الاسلامية نهاية عقد الخمسينات من القرن الماضي وطوره عام 1979 قبيل استشهاده . احوال العراق المأزومة تدعو الى التفتيش عن البدائل الشرعية والسياسية التي تريح المتدين وغير المتدين ،وتجعله متصالحا مع نفسه ودينه وعالمه  ،  ونظرية السيستاني اخر اجتهاد عاصرناه يستوعب كل مشاغلنا واهتماماتنا ،فهل المشكل مع الفكر والنظرية !؟  ، ام مع شيء اخر !؟.

تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال