منهل عبد الأمير المرشدي||
اليوم نريد أن نبتعد عن السياسة في قصة قصيرة حدثت في ستينات القرن الماضي لكنها تبدوا قريبا من السياسة لإنني اراها شبيهة في الوضع العراقي ولكم الرأي .. القصة تقول .. زوجان عراقيان مَرَّ على زواجهما أكثر من خمسة عشر عاماً و لم ينجبا أطفالاً . بعد هذا الزمن الطويل أصبحتْ الزوجة حامل..
فكاد الزوجان أن يطيرا فرحاً و كانت الفرحة العارمة الكبيرة عندما إكتشفا بفحص السونار أن الزوجة حامل بتوأم.. بقي الزوجان ينتظران ولادة الطفلين بفارغ الصبر. وَلَدَتْ الأم وكانتْ سعادة الوالدين بالطفلين عظيمة لا حدود لها. بعد فتره إكتشف الوالدان أن أَحد الطفلين كان أبكماً (أخرس). فأخذاه إلى أشهر طبيب مختص بهذه الحاله إلا أنّه أخبر الوالدين بأن المكان الوحيد الذي يمكن علاج هذه الحاله المعقدة جداً هي نيويورك بأمريكا ويجب إجراء عملية جراحية له قبل بلوغ السنة السابعه من العمر وإلا فسيبقى الطفل أبكماً مدى الحياة…
كانت العائلة الصغيرة البسيطة فقيرة الحال فقام الوالدان بالعمل بكل جهد و مثابرة و تضحية و لساعات إضافية متعبة وباعا كل شيء ثمين في البيت بما فيها مجوهرات المرأة ليوفرا المال اللازم لعلاج إبنهما .
بعد خمس سنين إستطاعا جمع المبلغ اللازم لسفر أحد الأبوين فقط مع الطفل لعلاجه وإتفقا أن تسافر الأم مع صغيرها لعلاجهِ. ركبتْ الأم الطائرة مع ولدها الأبكم الى أمريكا وبمجرد الهبوط في مطار نيويورك إستقلتْ وإبنها سيارة اجرة ليأخذها إلى فندق مجاور للمستشفى بوسط المدينة. قبل يوم مِن موعد زيارة الطبيب نزلت الأم مع إبنها لتقوم بنزهة ترفيهية في سنترال بارك الشهير وعندَ مرورهما بِصِبية يلعبون لعبة البيسبول في البارك إنطلقتْ إحدى الكرات المسرعة وأصابتْ طفلها في رأسه. سقطَ الطفل على الأرض لكنه ما لبث أن قام مستفيقاً من ذهوله ونظر الى الصبي الأمريكي الذي أطلق عليه تلك الكرة وفجأة صاح به بأعلى صوته: (طيح الله حظك يا سگط..!) لم تصدق الأم ما حدث فإبنها ينطق فجأةً بعد الضربة على رأسهِ فما كان منها وهي مندهشة تكاد تطيرُ فرحاً وفي هذه السعادة الغامرة إلا أن أخذتْ طفلها وركضتْ إلى أقرب مركز بريدي لكي تتصل بزوجها في العراق و تخبره بالواقعة وتبشرهُ بأن إبنهم الأبكم تكلم ومن شدة فرحتها كتبتْ لزوجها هذه البرقية القصيرة: زوجي العزيز : (طيح الله حظك يا سگط)..!!
هكذا نطق ابننا الحبيب فتَلَقَّتْ برقية جوابية من زوجها رداً على برقيتها يقول لها فيها: (طيح الله حظچ أنتي يا ثوله ؟ ) لقد اخذتي معك الولد السليم وتركتي الأخرس معي ! ..
ــــ