محمد هاشم الحجامي ||
ليس جديدا على الاعراب الخنوعُ والذلُ والاستسلامُ ؛ فالقارىء لتأريخهم يستخلص أنها قبائل غير راشدة .
أما محكومة بالمطلق أو يدار حكمها من الاغراب والشكل الصوري لهم .
فالحكم قبل الإسلام يتقاسمه الفرس والروم (الغرب) ؛ وكان الأعراب قبائل تذعن بالطاعة لهذا أو هذاك حتى جاء الإسلام فصنع له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دولة ، وجعل لهم كيانا ، وأوجد لهم منزلة بين امم العالم القديم .
لكنَّ نفوسَهم التي أنحدرت عنادا وحسدا رفضت تنفيذ خارطة الطريق التي سنها لهم رسول الله ؛ حيث نُقل الحكم من أهله الذين ارادهم الله حملة رسالته إلى غير مستحقيها ؛ فكانت النتيجة أن عادوا اتباعا ومحكومين فأولى صور الخنوع كانت في دولة بني العباس التي ظاهرها عربي بحكم أنّ الخليفة منهم وجوهرها فارسي بامتياز ؛ من اسماء المواقع الحكومية إلى ترتيبها ؛ فمنصب الوزير والدواوين والاتكيت ، وحياة القصر ، وتنظيم الحياة العامة إلى أبسط شؤون المجتمع كلها مستوحات من حياة الساسانيين وطريقة تنظيمهم .
حتى انتقلت مع أواسط القرن الرابع الهجري مع سيطرة البويهيين فارسية بامتياز فالخليفة أقل ما يقال عنه دمية ينصبونه إن رضوا ويخلعونه إن سخطوا …
في هذه الحقبة البويهية أنتجت العلوم ودونت أعظم المؤلفات وهذا نقف عنده في مقال إن وفقنا .
وجاء السلاجقة ليُستبدلَ الحكمُ البويهي بنظام حكمٍ جديدٍ كان مختلفاً طائفياً ، ومتبايناً تفكيراً ، واسلوبَ حياة .
ومع هذا العهد الجديد بقي الخليفةُ دميةً يتلاعبون به حتى وصل بهم الاستخفافُ أن اجلسوه بباب المسجد يسأل الناس الصدقة !!!!! ……..
حتى وصلنا لحظة سقوط بغداد فانتقل الحكم العربي ظاهريا إلى حكم اجنبي من أعلى الهرم نزولا إلى القادة ، والولاة بيد الأمم الأخرى وغدا العرب أمة محكومة منذ ذلك التأريخ اي القرن السابع الهجري وإلى تأسيس الدول الحديثة .
فحكمهم المغول اولا ثم التركمان بدولتي الخروف الابيض والاسود والاهم الحكم الأطول وهو العثماني لخمسة قرون . ليأتي بعدهم الإنكليز نصف قرن تقريبا ومع نهاية حكمهم المباشر أسسوا دويلات ومشايخ ظاهرها الحكم العربي وحقيقتها تدار من وزارة المستعمرات والمندوب السامي . ليسلموهم للامريكان نصف قرن أخرى .
ويبدو للمتأمل أنّ الحاكم القادم للعرب هو الصهاينة وأدلتنا كثيرة :
أولها / قصور الاعراب عن حكم أنفسهم عبر التاريخ كما سردنا سريعا أطوار حكمهم .
ثانيها / انسحاب الحاكم الفعلي وهو الأمريكان من المنطقة فلا بد من بديل يسير أمورهم والبدائل ثلاثة الإيرانيون والأتراك والصهاينة والمنطق يقول سيعطي الأمريكان الحكم للحليف الصهيوني ؛ والذي يبدو أنها أحدى وظائف تأسيس هذه الدويلة اللقيطة .
ولكي يكتمل المشروع تأسيسا ووجودا فلا بد من عدو يرعب الاعراب ويخيفهم ؛ فيلقون بأنفسهم في احضان بديل للعم سام !!! فكان المرعب الاول هو إيران !! والثاني تركيا فالأولى تخيف بها نخبهم طائفيا ، والثانية تخيف حكامهم سلطويا .
تحت يافطة محاولة إيران نشر التشيع يَستَنْهض المشايخُ الشعوبَ . وتحت شماعة الحركات الإسلامية السنية تُسْتنهض الحكومات ومراكز القرار ؛ فصار الأعراب شعوبا وحكومات مذعنون مستسلمون للحاكم القادم وهو الكيان الصهيوني .
وتسارع الأحداث يثبت هذا وقد هيىء الإعلام منذ عقد من الزمن شعوب المنطقة لهذا المشروع.