جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

 


الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي||

واحدة من مفاخر الناس فيما بينهم الالقاب التي يشتهرون بها, وهي بحسب النسب والمهن والاصول والحصول وغيرها مما يمكن أن يصح الانتساب إليها, وعادة يفخر أصحابها بها أو يعرفون بها دون غيرهم, فالأصل أن لا يزاحمهم في حقهم من يفتقد ماهية اللقب, ولا يخفى الدخيل المفتضح الذي تسمى بما هو ليس له, ومن الالقاب التي يسهل مصادرتها : (الحجي, الملا, الشيخ, الاستاذ, السماحة, الدكتور, الدولي…), وفي حقيقة الامر أن هذه المسميات وإن تنوعت واختلفت مصاديقها فإننا نجد من يحاول جمعها في شخصه وإن كان بعيداً عنها؛ والمشكلة أن الناس يساعدون ويشجعون على هذا النوع من الفساد, فكما هو معلوم إن من يتصف بشيء ليس فيه فقد أفسد وهذا غالب على البعض مع الأسف.
أن المجتمع يتحمل جزء من المسؤولية في الدفع باتجاه هذا النوع من الفساد, فمثلا عموم الاغنياء وأصحاب النفوذ يعرفون باسم : (حجي), في حين أن هذا اللفظ مختص بمن تشرف بحج بيت الله الحرام, ومصادرته بجعله في غيرهم إنما هو تجاوز سافر على المفاهيم, واسقاط لهيبة اللفظة, ومصادرة لمكانتها الاعتبارية, وهكذا في الكثير من الالقاب والمسميات التي سُرقت في وضح النهار من قبل المتسلقين في مختلف الاوساط العلمية والفنية والاجتماعية.
ومن الجدير بالذكر أن الوسط القرآني هو الآخر أصيب بحمى الالقاب فاليوم نشهد في سوق ألقاب القرآنيين مختلف الأوصاف وأبرزها: (الاستاذ, والقدير, والدولي), والمشكلة أن أكثر من يحملها أو يحاول ارتداء هذه القمصان الانيقة لا يحسن حقوقها؛ بل قد يسيء إلى هذه المعاني الابتلائية, فكما هو معلوم أن الذي يرتفع رتبة من العلم المفوض يرتفع رتبة في التواضع لأن التواضع زينة العلم, ومن المهم أن نعلم أيضاً أن الذين يسرقون هذه الالقاب في الغالب يعيشون حالة النقص في نفوسهم فيتصورون أنهم يكتملون بهذه الألقاب التي قد لا يلتفت إليها أهل العلم ولا يشغلون أنفسهم بها.
ومن المناسب أن نتذكر في هذا السياق أن كبار الشخصيات العلمية والادبية والفنية زهدوا عن الألقاب وتركوها لمن يحتاجها, فمثلا عملاق الادب العربي (طه حسين), وهكذا الشعراء أمثال أحمد شوقي والمفكرون والعلماء والمثقفون نجدهم يعرفون بأسمائهم التي عُرفوا بها في خارج الوسط الذي تميزوا به, وكانت المسميات تركض إليهم ولكنهم عزفوا عنها لعدم حاجتهم إليها, فالأنسان يرفعه فعله ولا ينفعه ما تسمى به إن أخَّره عمله؛ فالرسالة التي يمكن أن نتعلمها في زمن حمى الالقاب تقول قدم نفسك من خلال ما تنتجه لا من خلال ما ينتجك والحليم بالإشارة يفهم.

تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال