جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف معركة انهاء السيطرة الاميركية على العالم..!

معركة انهاء السيطرة الاميركية على العالم..!

حجم الخط

 

محمد صادق الحسيني ||


يقول الفيلسوف والمفكر العسكري الالماني ، الجنرال كارل فون كلاوسيڤيتس Carl von Clausewitz ، المولود بتاريخ ١/٧/١٧٨٠ والمتوفى بتاريخ ١٦/١١/١٨٣٠ ، في كتابه : من الحرب / او حول الحرب Vom Kriege ، الجزء الاول / الباب الاول / الفقره الثانيه ، يقول في تعريفه للحرب :

” ان الحرب هي استخدام للقوه لاجبار العدو على الخضوع لارادتنا – تحقيق اهدافنا – Der Krieg ist also ein Akt der Gewalt , um den Gegner zur Erfüllung unseres Willens zu erzwingen ” . ويتابع هذا المفكر ، او الفيلسوف العسكري الاسطوري ، قائلاً ، في الفقرة ٢٤ ، من كتابه المشار اليه اعلاه : ” ان الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى / Der Krieg ist eine bloße Fortsetzung der Politik mit anderen Mitteln ” .

وانطلاقاً من هذا التعريف ، العلمي والموضوعي والمثبت بالوقائع ، عبر جميع حروب القرنين الماضيين ، فان من الضروري التأكيد على ان :

الصراع الدائر حالياً ، بين الصين وروسيا وايران وكوريا الشماليه ، وحلفاء هذه الدول في العالم ، من جهة ، وبين الولايات المتحده وعملائها ، من جهة اخرى ، هو صراع على انهاء الهيمنة الاميركيه على مقدرات دول وشعوب العالم . وما التصعيد العسكري والسياسي والدبلوماسي والعسكري ، الذي يجري الحديث عنه ، بين روسيا والولايات المتحده في شرق اوروبا وشمال شرقها ، اي في دول البلطيق وجنوب شرق أكرانيا ، الا جزءاً من الصراع الاستراتيجي على انهاء الهيمنة الاميركيه الاحادية القطبيه . وهو صراع ليس بجديد ، اذ تحدثنا ، منذ ما يزيد على العامين ، عن الحشد الاستراتيجي الاميركي الاطلسي ضد كل من روسيا والصين وايران ، وعن حتمية انسحاب الولايات المتحده من الشرق الاوسط ، حفاظاً على قدراتها العسكريه التي تحتاج اليها ، في اطار هذا الحشد ، في جنوب شرق آسيا وفي المحيط الهندي ، مضافا اليها منطقة القطب المتجمد الشمالي .

وبما ان السياسه ، او السياسيين ، المنطلقين من اهداف اقتصادية في الاساس ، هم من يحددون اشعال فتيل الحرب من عدمه ، وبالنظر الى الظروف الدوليه الحاليه وتوازن القوى الاستراتيجي الجديد ، بين القوى العظمى ، والى انزياح هذا التوازن ، بشكل واضح ، لغير صالح الولايات المتحده وادواتها في العالم ، فان قراءة المشهد الحالي للصراع تؤكد على الحقائق التاليه :

أولاً : ان كلمات الدعم التي سمعها الرئيس الاوكراني فولودينير زيلينسكي ، من الرئيس الاميركي جو بايدن ، يوم ٢/٤/٢٠٢١ ، والتصريحات المشابهة التي اطلقها كل من وزير الحرب ووزير الخارجيه الاميركيين ، دعماً لسيادة ووحدة اراضي اوكرانيا ، لا تعني على الاطلاق ان البنتاغون قد بدأ بتسيير جسر جوي ، لنقل قواته من الولايات المتحده الى أكرانيا “لحمايتها ” من ” العدوان الروسي” الذي يدعيه كل من جو بايدن والرئيس الاوكراني ، كما ان على الرئيس الاوكراني ان لا يظن بأن واشنطن ستسارع للدخول في حرب ضد روسيا ، اذا ما اعتبر زيلينسكي ان كلام بايدن ووزرائه هو ضوء اخضر لاوكرانيا ، لشن عملية عسكرية واسعة النطاق ، ضد جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك ، جنوب شرق اوكرانيا .

ولعل من المفيد تذكير الرئيس الاوكراني بنفس الكلام المعسول ، الذي سمعه رئيس جورجيا ميخائيل ساكاشڤيلي ، سنة ٢٠٠٥ ، من الرئيس الاميركي ، في حينه ، جورج بوش الابن وبشكل مباشر خلال زيارته لعاصمة جورجيا تبليسي ولقائه رئيسها إياه . اضافة الى مئات الملايين من الدولارات وكميات ضخمه من الاسلحة والمعدات العسكريه الاميركيه ، التي قدمت لساكاشفيلي….. ولكن واشنطن تركت جورجيا لمواجهة مصيرها ، عندما ورطها ساكاشفيلي في حرب ضد روسيا ، ولم تتحرك الولايات المتحده لحمايتها كما وعد الرئيس بوش ، حتى بعد ان وصلت القوات الروسيه الى مشارف العاصمه تبليسي عام ٢٠٠٨ .

اذن فالحرب في منطقة الدونباس ( حوض نهر الدون ) ، جنوب شرق اوكرانيا ، لن تنساق اليها الولايات المتحده ضد روسيا ، كما يعتقد الرئيس الاوكراني . وما تجربة رئيس وزراء أرمينيا ، الذي اعتمد على نفاق الولايات المتحده ودوّل حلف الاطلسي ، الا احدث الامثلة على ان الحرب في تلك المنطقه لا تخدم المصالح الاميركيه ، وهي بالتالي ستكتفي بالكلام المعسول الذي اسمعته لزيلينسكي .

ثانياً : ولكن هذه الحقيقه لا تلغي طبعاً حقيقة اخرى وهي : ان للولايات المتحده وادواتها الاوروبيه ( حلف الاطلسي ) اهدافا استراتيجيه من وراء هذه الحشود والتحركات والاستفزازات العسكريه ، عل الحدود الشماليه الغربيه والجنوبيه الغربيه لروسيا ( منطقة البحر الاسود وجنوب شرق أوكرانيا ومنطقة بحر قزوين ) . وتمثل هذه الاهداف في :

• محاولة الضغط السياسي والاقتصادي والاعلامي والعسكري على روسيا وابتزازها وارغامها على الخضوع لارادة الامبراطوريه الاميركيه ، دون الدخول في نزاع مسلح معها ، سواءً كانت مواجهة محدودةً ام حرباً واسعة النطاق .

•التمهيد لمحاولة اميركية قادمه ، عطفاً على التصعيد الحالي ، لمخادعة او لخداع روسيا ومحاولة التوصل معها الى تفاهمات ، تحد من اندفاعها ( حسب التقديرات الاميركيه ) نحو تعزيز علاقاتها ، على مختلف الاصعدة ، مع جمهورية الصين الشعبية ، منعاً لقيام حلف عسكري اقتصادي روسي يقضي على آخر آمال الولايات المتحده في اعادة تمتين هيمنتها على العالم .

•مساومة الصين الشعبيه وروسيا وكوريا الشماليه وايران ، على تنازلات في ملفات دوليه ، الامر الذي ينسحب على ملفات جزيرة تايوان الصينيه المنشقه وملف السلاح النووي الكوري الشمالي والملف السوري والعراقي واليمني والفلسطيني ، دون ان نغفل الحضور ، الاقتصادي / الاستثماري والتكنولوجي العسكري ، الصيني الروسي الايراني القوي في قارة اميركا الجنوبيه ، الذي يشكل احد أكبر التحديات لواشنطن .

ثالثاً : طبقاً لنظرية الفيلسوف العسكري الالماني ، كارل فون كلاوسيڤيتس ، فان الحرب يقررها السياسيون . وهذا بالضبط هو واقع الحال ، بالنسبة لواشنطن وحملة الضخ الاعلامي ضد روسيا ، بدءاً بتكثيف الحشود العسكرية على حدود روسيا ، مروراً بالعقوبات الماليه والاقتصاديه التي واصلت ادارة بايدن فرضها على الشركات الروسيه وعدد كبير من المسؤولين الروس ، بحجج واهية ومختلقه .

فالسياسيون الاميركيون ، وعلى لسان الرئيس بايدن نفسه ، قد اعلنوا بدء سحب قواتهم من افغانستان ، في الاول من شهر ايار القادم ، على ان تنتهي من ذلك في شهر ايلول من السنة الحاليه . وهذا يعني ان الولايات المتحده ليست في وارد الدخول في حرب مباشرة ، لا مع روسيا ولا مع غيرها ، في المرحلة الحالية على الاقل ، والتي يعاني فيها الاقتصاد الاميركي ازمات عميقة جداً ليس من السهل تجاوزها بالهروب الى حرب هنا او هناك . علاوةً على ان حرب اميركية ضد روسيا محكومة بالهزيمة الكامله والسريعه ، نظراً لنوعية الاسلحه الروسيه الفرط حديثه ، وعلى رأسها الصواريخ الفرط صوتيه ، ذات الدفع النووي ، والغواصات النوويه من طراز بوسويدن ، والمسماة اليد الميته ، واسباب كثيرة اخرى .

يضاف الى ذلك ان العقوبات المفروضه ، والتي ستفرض ، على روسيا لن يكون لها اي تأثير على الاستراتيجيه الروسيه ، التي تنطلق فقط من مبدأ الدفاع عن وحدة وسلامة وسيادة الدوله الروسيه ، وليس الى الهيمنة والتوسع ونهب خيرات الشعوب . وهو ما برهنت عليه الدولة الروسية عبر التاريخ .

ولعل من ابرز الادلةعلى ذلك هي حروب نابليون ، ضد روسيا ، والغزو النازي الالماني ، لاراضي الاتحاد السوڤييتي ، ومن بينها اكرانيا نفسها . ويا ليت الرئيس الاوكراني الحالي يتذكر ان الجيوش السوفييتية ، وليس الاميركيه ، هي التي حررت أوكرانيا من الاحتلال النازي ، وان الاتحاد السوڤييتي قد خسر قرابة مليون جندي ، قضوا في معارك تحرير منطقة حوض نهر الدون ( جنوب شرق أوكرانيا ) وصولاً الى مدينة بيغورود Begorod وخاركوڤ Kharkovشمالاً ، ومدينة قوس كورسك الى الشمال من بيغورود وصولاً الى مدينة أوريل Orel ومدينة براينسك Brjansk ، حيث دارت اكبر واعنف معارك الدبابات في التاريخ العسكري ، في صيف سنة ١٩٤٣ . فهل يعتقد زيلينسكي ان روسيا الاتحادية ، التي دفعت كل تلك الاثمان الباهظه ، لهزيمة المحتل النازي ستسمح للنازيين الجدد ، الذين يحكمون أوكرانيا حالياً ، بتحقيق اهداف النازيين الالمان وتهديد الامن القومي الروسي ، تمهيدا لاخضاع روسيا للارادة والسيطرة الاميركيه ؟

ثالثاً : صحيح ان انسحاب القوات الاميركيه والاطلسية ، من افغانستان ، هو اعلان عن هزيمة المشروع الاميركي في اواسط آسيا ، والذي كان يهدف الى السيطرة التامه على جمهوريات الاتحاد السوڤييتي السابقه هناك ، وزرع القواعد الاميركية فيها ، لمواجهة الصين وروسيا وايران ، ولكن هذا الانسحاب لا يعني قطعاً ان الولايات المتحده قد تخلت عن مشاريعها ، في تلك المنطقه من العالم ، وانما هي قامت بعملية اعادة انتشار لقواتها ، تخفيفاً للخسائر الماديه والبشريه ، ولكن بعد ان استكملت اقامة بنى عسكرية ارهابيه تكفيريه ، خاصة في شمال شرق وشمال غرب افغانستان ، للمناورة بها واستخدامها ، بعد الانسحاب الاميركي الاطلسي ، في اثارة الزعزعة وعدم الاستقرار ليس فقط في روسيا والصين وايران ، وانما في دول الجوار الاخرى ايضاً ، مثل أوزبكستان واذربيجان ( مجموعات داعش التي نقلها اردوغان الى هناك نهاية العام ٢٠٢٠ ) وتركمانستان وطاجيكستان وقرقيزستان وكازاخستان ، وذلك لاقامة حزام من الفوضى وعدم الاستقرار في العمق الاستراتيجي التقليدي لروسيا وعلى مقربة من الصين الشعبيه ى وذلك بهدف استنزاف الدولتين ، عبر حروب بالوكالة تنفذها المجموعات الارهابيه التي تقودها مباشرة الولايات المتحده وحلف شمال الاطلسي .

رابعاً : وبما ان الشيء بالشيء يذكر ، فلا بد من الاشارة هنا ، الى ان احدى اهداف عمليات التصعيد العسكري والسياسي والدبلوماسي الذي تمارسه الولايات المتحده ضد روسيا ، منذ وصول بايدن الى البيت الابيض ، هو اعادة دول الحلف الى الحظيرة الاميركيه بشكل كامل ، اي اخضاعها من جديد لارادة الدارة الاميركيه ، اذ ان القوى الخفيه في الولايات المتحده قد رأت نوعاً من التسيب في مواقف دول الحلف ، خلال فترة حكم دونالد ترامب ، وكلاماً متزايداً عن ضرورة اقامة جيش خاص بالدول الاوروبيه ، الامر الذي جعلها تقرر شد عصب الحلف من جديد ، عبر هذه الاجراءات التصعيدية .

فالولايات المتحده تتبع خطة متعددة الجوانب ، في مواجهة روسيا والصين وايران ، تعتمد على مبدأ ان روسيا هي العدو المباشر وان الصين هي الخصم الاقتصادي ، الذي يهدد موقع الولايات المتحده في السيطرة على العالم ، كما ان ايران هي العدو الذي يشكل خطرا وجوديا على قاعدة واشنطن العسكريه في فلسطين المحتله . ومن اهم عناصر الخطه الاميركيه مواصلة الضغط المركب ، العسكري والاقتصادي واثارة القلاقل الداخليه في تلك الدول ، تمهيدا لارغامها على تقديم تنازلات استراتيجية في مفاوضات لا بد انها قادمة بين هذه الدول والولايات المتحده . خاصة وان واشنطن ليست في وارد الدخول في حرب عسكرية ضد اي من الدول الثلاث ، في المرحلة الحاليّه ، وهذا ما يجب التأكيد عليه للدول الاوروبيه الاعضاء في حلف الاطلسي . بمعنى التأكيد ان كل هذا الضجيج الاميركي والعقوبات الاقتصاديه والقعقعة بالسلاح ما هي الا مقدمات ضروريه للقمة التي ستعقد بين الرئيسين ، بوتين وبايدن ، قبل نهاية هذا العام ، لبحث قواعد التوازن الاستراتيجي الدولي وارساء قواعد استراتيجية جديده ، تعكس موازين القوى الاستراتيجيه الحاليّه ، بعد كل المتغيرات العامه التي شهدها العالم منذ بداية القرن الحالي .

خامساً : صحيح ان احتمال دخول الولايات المتحده في حرب عسكرية ، ضد خصومها في آسيا ، غير وارد للعديد من الاسباب حالياً ، الا ان ما هو وارد هو مواصلة واشنطن العمل على تحقيق اهدافها الاقتصاديه وبالتالي الاستراتيجيه ، من خلال :

• نشر الفوضى والاضطرابات الداخليه في روسيا ، بهدف اسقاط الدوله الروسيه ، وفتح ابوابها للشركات الاميركيه ، الطامعة في نهب ثروات روسيا الطبيعيه والصناعيه ، خاصة وان اراضي جمهورية روسيا الاتحاديه ، البالغة مساحتها سبعة عشر مليونا ومائة واثنين ألف وثلاثمائة واربعة واربعين كيلومتراً مربعاً ( ١٧، ١٠٢ ، ٣٤٤ ) تحتوي على ٤٠٪؜ من الثروات الطبيعيه في العالم . وهو ما حاولت واشنطن عمله بعيد سقوط الاتحاد السوفييتي ، وارسالها جيشاً من الاختصاصيين وعملاء CIA الى روسيا ، في عهد بوريس يلتسين ، والذين بلغ عددهم خمسة وثلاثين الف شخص ، انتشروا في كافة وزارات ومؤسسات ومراكز ابحاث ومصانع روسيا وقواعدها العسكريه ، بما في ذلك المراكز والقواعد النوويه . وقد حملوا معهم كميات هائله من الوثائق ، التي لا زال المترجمون يعملون على ترجمتها حتى يومنا هذا . وغني عن القول طبعاً ، ان الرئيس بوتين قد وضع حداً لهذا الغزو المباشر ، كما ان الرئيس بوتين لن يسمح بتكرار مثل ذلك الوضع أبداً .

وعليه فان هذه الخطط الاميركيه محكوم عليها بالفشل ، ولا بد لواشنطن ان تقتنع بان الظروف الموضوعيه ، لاعادة هيمنتها على العالم وتثبيت سيطرتها الاحادية عليه ، غير موجودة وان عليها التعامل مع جميع دول العالم ، وعلى رأسها الدول العظمى كالصين وروسيا وايران ، بنديةٍ واحترام وليس كأتباع ، وانطلاقاً من مبادئ التعاون المشترك المستند الى قواعد القانون الدولي .

•ولا تختلف الخطط الاميركيه ، المتعلقه بالصين ، عن تلك المتعلقة بروسيا ، من ناحية الجوهر . اذ ان ما تريد تحقيقه واشنطن ، على صعيد الصين ، هو وقف او ابطاء نمو الاقتصاد الصيني ومع الصين من مواصلة تقدمها الهائل ، على صعيد المعرفه العلميه والتقدم التكنولوجي ، وهما أساس التفوق الاقتصادي والقفزات الصينيه ، الغير مسبوقه الى الامام ، والتي اسهمت بشكل فعال في خلق واقع جيواستراتيجي دولي جديد ، يدفع بشكل قوي باتجاه وضع حد لسياسة فرض الحلول بالقوه ، التي تعتمدها الولايات المتحده في علاقاتها مع دول العالم ، منذ ما يزيد على قرن من الزمان ، واستبدال هذه السياسه بسياسة التعاون الاقتصادي السلمي ، المبني على نبدأ المنفعه المتبادله ، والذي يمثل مشروع الطريق والحزام جوهرها .

علماً ان واشنطن لا تخطط حالياً للدخول في مواجهة عسكريةٍ مع الصين ، لانها تعرف ان النتائج لن تكون في صالحها ، الامر الذي يجعلها تتبع سياسة هجينة ، ضد الصين ، ترتكز الى عنصر الضغط الاقتصادي والمالي عبر العقوبات ، وكذلك الامر الى الضغط العسكري عبر الاستفزازات المتواصلة ، التي تنفذها القطع البحريه الاميركيه ضد الصين ، سواءً في المحيط الهادئ او في بحار الصين او في محيط جزيرة تايوان الصينيه المنشقه عن الوطن الام . يضاف الى ذلك الحملات الاعلاميه الاميركيه المتواصله ، ضد الحكومة الصينيه ، تحت حجج حقوق الانسان والحريات العامه وما الى ذلك . وكأن المليوني عراقي الذين قتلهم الجيش الاميركي ، خلال حروبه ضد العراق ليسوا بشرا. وليست لهم حقوق .

ان هذه الخطط الاميركيه محكومة بالفشل ، دون ادنى شك ، وذلك لان الامبراطوريه التي تنفق اكثر مما تنتج محكوم عليها بالزوال . وان مواصلة زيادة النفقات العسكرية ، كما تفعل واشنطن ، لن يحقق النصر على الاعداء .

وعليه فلا بد من تذكير الاداره الاميركيه الحاليّه بما قاله مستشار الامن القومي ووزير الخارجيه الاميركي “الاسطوري” السابق ، هنري كيسنغر ، في الصفحه ٦٠٨ من كتابه : حول الصين / On China / الذي نشر في نيويورك سنة ٢٠١١ ، بواسطة دار النشر : Penguins Press ، حول كتاب الفيلسوف والمفكر الاستراتيجي الصيني : صَنْ تْزو Sun Tzu ،المولود سنة ٥٤٤ قبل الميلاد ، وعنوان الكتاب هو : فن الحرب ، الذي يقول فيه : ” ان افضل الجنرالات هم من يتمكنون من هزيمة العدو دون قتاله ( الدخول في معركة مباشره معه ) ” . وهذا ما يفسر الاستراتيجيه الصينيه الحاليّه ( الكتاب نشر سنة ٢٠١١ ) ، المتمثله في تطبيق مبدأ : الاستراتيجيه غير المباشره وجوهرها تطويق العدو بذكاء ودهاء ومكر بهدف تحقيق الانتصار عليه دون قتال . وهذا هو جوهر مشروع الحزام والطريق .

لا امل للولايات المتحده في الانتصار على هكذا خصم ومنعه من الجلوس على عرش العالم .

يهلك ملوكا ويستخلف آخرين

بعدنا طيبين قولوا الله

تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال