جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

 


رياض البغدادي ||


مختصر تفسير الآية (٢٣) من سورة (المؤمنون)

بسم الله الرحمن الرحيم « وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ »

نوح إسم علم لا تفيد صفة في المسمى ،فالبحث في ذلك وجه من وجوه إثبات أمر لا دليل عليه، كأن قيل أن سبب تسميته نوحاً لكثرة نوحه وبكائه، أو غيرها من أسباب .

قوله تعالى ( اعْبُدُوا اللَّهَ ) تؤكد أن نوحاً قد عرّفهم بالخالق تعالى وذكر لهم علة عبادته، لأن عبادة من لا يكون معلوماً غير جائزة .

أما قوله تعالى ( مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ) بعد أن بيّن الله تعالى عظيم حكمته وإبداع خلقه للإنسان والسماوات والأنعام، حسن أن يقول تبارك وتعالى ( مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ) فالعبادة إنما تصحُّ للخالق العالم الحكيم المبدع ،وكل ماتقدم من آيات في تعداد خلقه وإبداعه تشير الى ذلك. فمن بعد ذلك يستحق أن يُعبد (أَفَلا تَتَّقُونَ )؟!

وهو سؤال إنكاري لأن العاقل حين يعلم كل ذلك لابد أن يستسلم للحجج والدلائل الواضحة البينة .

اعلم أنه تعالى لما ذكر الدلائل الظاهرة، والبيّنات القاهرة، والبراهين الباهرة، أتبعها بذكر قصة من قصص الأنبياء عليهم السلام، وهي قصة نوح عليه السلام وفيها فوائد: أولاها: التنبيه على ان إعراض الناس عن قَبول هذه الدلائل والبينات ليس من خواص قوم محمد (ص) فقط، بل هذه العادة المذمومة كانت حاصلة في جميع الأمم السالفة، والمصيبة إذا عمت خفت. فكان ذكر قصصهم وحكاية إصرارهم على الجهل والعناد يفيد تسلية الرسول (ص) وتخفيف ذلك على قلبه.

وثانيتها: أنه تعالى يحكي في هذه القصص إن عاقبة أمر أولئك المنكرين كان إلى الكفر واللعن في الدنيا والخسارة في الآخرة ،وعاقبة أمر المحقين إلى الإطمئنان وسكون الباطن في الدنيا والسعادة في الآخرة، وذلك يقوي قلوب المحقين ويكسر قلوب المبطلين.

وثالثتها: التنبيه على أنه تعالى وإن كان يمهل أقوال هؤلاء المبطلين، ولكنه لا يهمل حسابهم ،بل ينتقم منهم على أكمل الوجوه.

ورابعتها: بيان أن هذه القصص دالة على نبوءة محمد صلى الله عليه وآله ، لأنه كان بعيداً عن أجواء اهل الكتب السماوية ولم يثبت أنه تتلمذ على يد أستاذ، فإذا ذكر هذه القصص على الوجه الحقيقي من غير تحريف ولا خطأ، دلَّ ذلك على أنه إنما عرفها بالوحي من الله، وذلك يدل على صحة نبوءته.

والله تعالى العالم بأسرار كتابه المجيد.


تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال