إيزابيل بنيامين ماما آشوري ||
اتسمت السجلات الرومانية بالدقة في تسجيل الوقائع وخصوصا الكبرى منها.ولازالت هذه الوثائق موجودة في مكتبة البانثيون السرية في دهاليز الفاتيكان الأكثر سرية في العالم . الغريب أن قضية محاكمة يسوع المسيح واعدامه وما حصل من شغب وعملية صلب وما رافقها من عملية سير مضنية حمل فيها المسيح صليبه عبر شوارع المدينة ومثوله أمام الوالي الروماني الذي رفع تقريرا إلى الأمبراطور بذلك . حدث بهذه الحجم وهذه الأهمية لا تجد له ذكرا في السجلات الرومانية ، فعند مراجعة السجلات الرومانية للفترة ما قبل إعدام يسوع وما بعده ، لا تجد اي اثر لمحاكمة او اعتقال او صلب. بالطريقة المأساوية المفزعة التي يذكرها لإنجيل.
وفي سؤال تم توجيهه للدكتور القس حنا جرجيس حول تفسير سر اختفاء اي ذكر لاعتقال او اعدام يسوع المسيح قال : (أن اسم يسوع لا يوجد في التقارير الموجودة ، وهذا واقع من أن السجلات الرومانية لا تحتوي على قضية محاكمة يسوع). أنظر كتاب تاريخ الفكر المسيحي للدكتور القس : حنا جرجيس خضري الجزء الأول الصفحة 155.
فقلت له : وماذا يعني ان يختفي حدث بهذه الأهمية البالغة والذي تأسست عليه عقائد الكنيسة كلها فيما يُسمى (عقيدة الصلب والفداء). وهو الذي يُشكل عقيدة المسيحية بكافة طوائفها إلى هذا اليوم. كيف لا نجد له أي ذكر او اشارة في سجلات الدولة الرومانية. مع أننا نجد سجلات تذكر اعدام عامة الناس ولصوصهم ومجرميهم.
نظر لي مليا ثم قال مبتسما : اقول لك شيئا ولكن على شرط أن لا تقولين لأحد . يعني بالعامية (اكّلكج بس لا تكّولين).
قلت له تفضل.
قال : يسوع المسيح لم يُقتل ولم يُصلب ، ولكن الرب رفعه إليه ، والدولة الرومانية شعرت بخطورة ذلك فتعمدت اخفاء الحقيقة.
فقلت له : وما الدليل على أن يسوع ارتفع ولم يُصلب؟
قال : فقرات كثيرة في الانجيل تؤكد ان الرب رفعه إليه. ومنها على سبيل المثال:
إنجيل مرقس 16: 19 (ثم إن يسوع بعدما كلمهم ارتفع إلى السماء، وجلس عن يمين الله).
سفر أعمال الرسل 1: 2 (إلى اليوم الذي ارتفع فيه، بعد ما أوصى بالروح القدس الرسل الذين اختارهم).
سفر أعمال الرسل 1: 9 (ولما قال هذا ارتفع وهم ينظرون. وأخذته سحابة عن أعينهم).
سفر أعمال الرسل 1: 11 ( ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء؟ إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقا إلى السماء).
سفر أعمال الرسل 1: 22 ( اليوم الذي ارتفع فيه عنا، إذ ارتفع بيمين الله).
ولعل اوضح نص يذكر رفع يسوع المسيح إلى السماء ، والذي تم حذفه بامر من الكنيسة هو الذي يقول : (ووقف يسوع في زاوية الغرفة، وانشق السقف وارتفع واضعا يديه على جناحا ملكين).
فقلت له : اذا كان ذلك موجود وانت تؤمن به فلماذا لازلت مصرا على الصلب والوقوف امام الصليب؟
قال : يا ابنتي ، لا يستطيع فرد ان يُهدم عقائد رسخ بنيانها وآمن الناس بها. ولو فعلنا ذلك لرجمنا الناس.
فقلت له : ان اول الطوفان قطرة. فكن تلك القطرة التي سرعان ما تتجمع لتكتسح كل شيء أمامها. ألا ترى أني بدأت من الصفر واليوم عندي اتباع لا استطيع احصائهم يقرأون لي ويتفاعلون معي ويؤيدونني لا بلد يُدافعون عما اطرحه.
فقال نعم ، ولكن هل نسيتي قسم العهد؟
فقلت له : اي قسم تقصد؟
قال : قسم ابقراط الذي يقسم به الطبيب لكي يحافظ على السرية.
فقلت نعم ؟ اعرف ذلك.
قال : ونسيتي قسم تخرج المعاهد اللاهوتية المسيحية الذي نُقسم فيه بأن لا نُثير اي من هذه الاشكالات؟ونحافظ على سرية المعلومات.
فقلت له : وهل عهد المعاهد الديني افضل ، او عهد يسوع المسيح لنا الذي قال فيه : (إن ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونوا تلاميذي، فإن حرركم المسيح فبالحقيقة تكونوا احرارا).
سكت ولم يحر جوابا.
