جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف أستفتاء الشعب على الانسحاب العسكري الامريكي من العراق

أستفتاء الشعب على الانسحاب العسكري الامريكي من العراق

حجم الخط


 د . جواد الهنداوي *||


قد يبدوا عنوان الموضوع مستفزاً للبعض ، ودون ضرورة ، و دون اعتبار لقرار مجلس النواب العراقي الصادر بتاريخ ٢٠٢٠/١/٥ ، والقاضي بمطالبة الحكومة العراقية بأخراج القوات الاجنبية المتواجدة في العراق ، كون القرار يُعبر عن ارادة الشعب ،من خلاله نوابّه في المجلس ، فلماذاً اذاً استفتاء الشعب ؟

استفهام آخر يستحقُ الطرح والتحليل و الاجابة :

هل من الضرورة ، سياسياً ، و الجائز دستورياً ، والممكن عملياً و تنظيمياً اجراء الاستفتاء ؟

يدرك القارئ بأنَّ السؤاليّن مترابطان ، اجابة الثاني تفي بغرض السؤال الاول .

مضى على قرار مجلس النواب اكثر من عام ونصف العام ، و مضتْ حكومة و جاءت اخرى جديدة ، و مضتْ كذلك ادارة امريكية و جاءت اخرى جديدة ، وشهدَ العراق ولايزال ، وكالعادة ، احداث و تطورات أمنيّة وسياسية . أُتّخذَ القرار ،حينها ، بظرف استثنائي وعصيب ، وكانَ بمثابة مناسبة مواتية ، و رّدة فعل مشروعة ، و منطقية لجريمة اغتيال الشهيدّين سليماني و المهندس ، والتي نفذتّها الصهيونية بأدوات امريكية -ترامبيّة . و من آثار الجريمة أستنتاجات للشعب العراقي : منها الاستخفاف والاستهتار بسيادة العراق ،منها ايضاً ، التآمر على امن واستقرار العراق و استخدامه ساحة تصفية حسابات و ارتكاب جرائم حرب و اغتيالات ، منها ايضا، تأكيد الظنون بان تواجد القوات الامريكة هو توظيف للارهاب وليس محاربة للارهاب .

لا نُشكّك بدستورية قرار مجلس النواب ، ولا بقوة شرعيته وتمثيله لارادة كل ألشعب العراقي ، حتى و بأمتناع البعض ” غير الاكثرية ” عن الحضور او عن التصويت ، لأنَّ صوت النائب ، وهو تحت قُبّة البرلمان ، يعبّر عن ارادة شعب ، وليس عن ارادة مكّون او ارادة حزب ، لا سيما و الموضوع يخصُ امراً وطنياً و استراتيجياً و مصيرياً ، و لا يخصُّ امراً حزبياً كطرح ثقة بوزير او بمشروع .

الاستفتاء هو ممارسة للديمقراطية الحقيقية والمباشرة ، وهو تعبير عن ارادة الشعب دون وساطة احزابهِ او نواّبه . و قد اعتادت الدول التي تؤمن و تطبّق الديمقراطية المباشرة ، وخاصة فرنسا ، الى استفتاء الشعب عند مواجهة الدولة تحديّات او احداث مصيرية ،كقرار الرئيس الفرنسي الاسبق جاك شيراك ، بأستفتاء الشعب الفرنسي ب نعم او ب لا ، لدستور موّحد للاتحاد الاوربي ، والذي جرى في ٢٠٠٥/٥/٢٩ .

اعودُ للأجابة على ما وردَ في المتن من استفهامات .

سياسياً ، نتائج الاستفتاء ستعين الحكومة على تنفيذ قرار تبناه وصوّت عليه الشعب ، وبشكل مباشر .

سيكون الاستفتاء ، انجاز للسيد رئيس الوزراء وللحكومة ، بأعتباره اول من أقدمَ على ممارسة هذا الحق الديمقراطي للشعب ، وبخصوص موضوع مصيري و استراتيجي .

سيكون الاستفتاء ونتائجه ، عُذراً مشروعاً للادارة الامريكية باتخاذ قرارها ،الذي يتماشى مع ارادة الشعب العراقي ، و مناسبة للرئيس بايدن لاظهار امريكا امام العالم ،ولو لمرّةواحدة ، بأنها امّة تحترم ارادة الشعوب .

من الناحية الدستورية ، لم يردْ في الدستور الاتحادي العراقي ايّّ ذكر لممارسة حق الاستفتاء . وقد تطرّقنا ،في عدة مناسبات بحثيّة عن الدستور ،حين اعداده وبعد تبنيه ، الى موضوع عجز الدستور الاتحادي العراقي الى تكريس حقيقي لارادة الشعب ، بغياب ” الديمقراطية المباشرة ” والتي تتجلى في ممارسة الشعب حق الاستفتاء ، وفي ممارسة الشعب حق الانتخاب المباشر .

لم يمنعْ الدستور ممارسة الاستفتاء ، و الامر متروك لتقدير الجهة المؤهلة دستورياً برسم سياسة البلد و اتخاذ القرارات السياسية .

تنظيماً ، قد يكون اجراء الانتخاب البرلمانية القادمة ،في شهر تشرين الاول القادم ،فرصة ايضاً لاجراء الاستفتاء ،حيث يُطلب من المواطن ، عند حضوره امام صندوق الاقتراع ، بالاجابة على سؤال ” انسحاب القوات الاجنبية والامريكية المتواجدة على ارض العراق ” بكلمة نعم ا بكلمة لا .

قد يَرِدُ تساءل مشروع في ذهن القارئ الكريم بالشك والريبة من رذيلة الغش والتزوير وتحريف النتائج ، و جوابنا هو أنَّ مثل هذه المخاوف و الهواجس واردة جداً و اكثر ،حتى في ممارسة حق الاقتراع .

*سفير سابق / رئيس المركز العربي الاوربي

للسياسات و تعزيز القدرات / بروكسل .

في ٢٠٢١/٧/٢٦ .

تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال