جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف القابض على سياسة الحق كالقابض على الجمر

القابض على سياسة الحق كالقابض على الجمر

حجم الخط

 

الشيخ محمد الربيعي 


قال الرسول الخاتم محمد ( ص اله ) قال: [ يأتي زمانٌ على أمَّتي ، القابض على دينه كالقابض على الجمر ].

عندما ندقق في ماورد عن الخاتم ( ص اله ) ، نجد فيه بيان امرين :

الامر الاول : ان الزمان القادم على المؤمن الحقيقي على مخلص على الوطني ، ليس بالسهل ( باعتبار الدين يشمل كل جوانب الحياة ) ، و لن تكون الامور بذلك الصفاء امامة ليفهمها بسهولة بجميع الاتجاهات ومن ضمنها الجانب السياسي ، بل يراد الجد الحثيث لبيان حقيقة ما يحدث و سيحدث ، اي ان مهمة المؤمن فيها صعوبة فائقة .

الامر الثاني : ان طبيعة مجريات الامور ستكون صعبة جدا بوجود بعض الذوات الخاضعة لنفس الامارة بالسوء و الخاضعة ، لوسواس الشيطان الجن ، و شيطان الانس من دولة الاستكبار و الاحتلال .

محل الشاهد :

اذن هذا الحديث يقتضي خبرا و إرشادا ، فأما الخبر :  فإنه أخبر ( ص آله) أنه في آخر الزمان يقل الخير و أسبابه ، و يكثر الشر و أسبابه ، و أنه عند ذلك يكون المتمسك بالدين ( ومن جوانبه السياسة الحقة ) من الناس أقل القليل ، و هذا القليل في حالة شدة و مشقة عظيمة ، كحالة القابض على الجمر ، من قوة المعارضين ، و كثرة الفتن المضلة ، فتن الشبهات و الشكوك و الإلحاد ، و فتن الشهوات و انصراف الخلق إلى الدنيا و انهماكهم فيها ، ظاهرا و باطنا ، و ضعف الإيمان ، و شدة التفرد لقلة المعين و المساعد . 

و لكن المتمسك بدينه ( السياسة الحق ) ، القائم بدفع هذه المعارضات و العوائق التي لا يصمد لها إلا أهل البصيرة و اليقين ، و أهل الإيمان المتين ، من أفضل الخلق ، و أرفعهم عند الله درجة ، و أعظمهم عنده قدرا . 

و أما الإرشاد : فإنه إرشاد لأمته ، أن يوطنوا أنفسهم على هذه الحالة ( الاستقامة بالدين و السياسة الحق ) ، و أن يعرفوا أنه لا بد منها ، و أن من اقتحم هذه العقبات ، و صبر على دينه و إيمانه – مع هذه المعارضات – فإن له عند الله أعلى الدرجات ، و سيعينه مولاه على ما يحبه و يرضاه ، فإن المعونة على قدر المؤونة .

محل الشاهد :

و ما أشبه زماننا هذا بهذا الوصف الذي ذكره ( ص اله ) ، فإنه ما بقي من الإسلام إلا اسمه ، و لا من القرآن إلا رسمه ، إيمان ضعيف ، و قلوب متفرقة ، و حكومات متشتتة ، و عداوات و بغضاء باعدت بين المسلمين ، و أعداء ظاهرون و باطنون ، يعملون سرا و علنا للقضاء على الدين الحق و سياسة الحق ، و إلحاد و ماديات ، جرفت بخبيث تيارها و أمواجها المتلاطمة الشيوخ و الشبان ، و دعايات إلى فساد الأخلاق ، و القضاء على بقية الرمق . 

ثم إقبال الناس على زخارف الدنيا ، بحيث أصبحت هي مبلغ علمهم ، و أكبر همهم ، و لها يرضون و يغضبون ، و دعاية خبيثة للتزهيد في الآخرة ، و الإقبال بالكلية على تعمير الدنيا ، و تدمير الدين و احتقاره و الاستهزاء بأهله ، و بكل ما ينسب إليه ، و فخر و فخفخة ، و استكبار بالمدنيات المبنية على الإلحاد التي آثارها و شررها و شرورها قد شاهده العباد . 

فمع هذه الشرور المتراكمة ، و الأمواج المتلاطمة ، و المزعجات الملمة ، و الفتن الحاضرة و المستقبلة المدلهمة – مع هذه الأمور و غيرها – تجد مصداق هذا الحديث .

النتيجة :

ايها المؤمن بسياسة الحق الذي يعيش في زمن الجمر ، عليك مع كل ذلك ، ان لا تقنط من رحمة الله ، و لا تيأس من روح الله ، و لا يكون نظرك مقصورا على الأسباب الظاهرة ، بل تكون ملتفت في قلبك كل وقت ، إلى مسبب الأسباب ، إلى الكريم الوهاب ، و يكون الفرج بين عينيك ، و وعده الذي لا يخلفه ، بأنه سيجعل لك بعد عسر يسرا ، و أن الفرج مع الكرب ،  فالمؤمن من يقول في هذه الأحوال : لا حول ولا قوة إلا بالله و حسبنا الله و نعم الوكيل .

و على الله توكلنا . اللهم لك الحمد ، و إليك المشتكى . و أنت المستعان . و بك المستغاث . و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم  ، و يقوم بما يقدر عليه من الإيمان و النصح و الدعوة . و يقنع باليسير ، و يتذكر دائما قوله تعالى : [ وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ] ، [ وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ] ، [ وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ]


تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال