كندي الزهيري ||
عن رسول الله(ص):
«…ثم إن داود(ع) أراد أن يستخلف سليمان (ع) لأن الله عز و جل أوحى إليه يأمره بذلك. فلما أخبر بني إسرائيل ضجوا من ذلك و قالوا: يستخلف علينا حدثا و فينا من هو أكبر منه.
فدعا أسباط بني إسرائيل فقال لهم قد بلغني مقالتكم فأروني عصيكم ، فأي عصا أثمرت فصاحبها ولي الأمر من بعدي. فقالوا: رضينا. فقال: ليكتب كل واحد منكم اسمه على عصاه. فكتبوه. ثم جاء سليمان (ع) بعصاه فكتب عليها اسمه ثم أدخلت بيتا و أغلق الباب و حرسته رؤوس أسباط بني إسرائيل فلما أصبح صلى بهم الغداة ، ثم أقبل ففتح الباب فأخرج عصيهم و قد أورقت و عصا سليمان قد أثمرت. فسلموا ذلك لداود(ع) فاختبره بحضرة بني إسرائيل فقال له: يا بني أي شيء أبرد؟ قال: عفو الله عن الناس و عفو الناس بعضهم عن بعض. قال: يا بني فأي شيء أحلى؟ قال: المحبة و هو روح الله في عباده. فافتر داود ضاحكا فسار به في بني إسرائيل فقال: هذا خليفتي فيكم من بعدي.
ثم أخفى سليمان بعد ذلك أمره ، و تزوج بامرأة و استتر من شيعته ما شاء الله أن يستتر ثم إن امرأته قالت له ذات يوم: بأبي أنت و أمي ما أكمل خصالك واطيب ريحك و لا أعلم لك خصلة أكرهها إلا أنك في مئونة أبي فلو شاء دخلت السوق
فتعرضت لرزق الله رجوت أن لا يخيبك. فقال لها سليمان (ع). إني الله ما عملت عملا قط و لا أحسنه. فدخل السوق فجال يومه ذلك ثم رجع فلم يصب شيئا. فقال لها: ما أصبت شيئا. قالت: لا عليك إن لم يكن اليوم كان غدا فلما كان من الغد. خرج إلى السوق فجال يومه فلم يقدر على شيء و رجع فأخبرها فقالت له: يكون غدا إن شاء الله.
فلما كان من اليوم الثالث مضى حتى انتهى إلى ساحل البحر فإذا هو بصياد. فقال له: هل لك أن أعينك و تعطينا شيئا؟ قال: نعم. فأعانه فلما فرغ أعطاه الصياد سمكتين فأخذهما و حمد الله عز و جل ثم إنه شق بطن إحداهما فإذا هو بخاتم في بطنه فأخذه فصره في ثوبه فحمد الله و أصلح السمكتين و جاء بهما إلي منزله.
فرحت امرأته بذلك و قالت له: إني أريد أن تدعو أبي حتى يعلما أنك قد كسبت. فدعاهما فأكلا معه فلما فرغوا قال لهم: هل تعرفوني؟ قالوا: لا و الله إلا أنا لم نر إلا خيرا منك. فأخرج خاتمه فلبسه فحن عليه الطير والريح و غشيه الملك و حمل الجارية و أبويها إلى بلاد إصطخر و اجتمعت إليه الشيعة و استبشروا به ففرج الله عنهم مما كانوا فيه من حيرة غيبته
فلما حضرته الوفاة أوصى إلى آصف بن برخيا بأمر الله تعالى ذكره فلم يزل يزل بينهم تختلف إليه الشيعة ويأخذون عنه معالم دينهم تم غيب الله تبارك و تعالى آصف ، غيبة طال أمدها ثم ظهر لهم فبقي بين قومه ما شاء الله. ثم إنه ودعهم فقالوا له: أين الملتقى؟ قال: على الصراط. وغاب عنهم
ما شاء الله. فاشتدت البلوى على بني إسرائيل بغيبته و تسلط عليهم بختنصر فجعل يقتل من يظفر به منهم و يطلب من يهرب و يسبي ذراريهم فاصطفى من السبي من أهل بيت يهودا أربعة نفر فيهم دانيال واصطفى من ولد هارون عزيرا و هم يومئذ صبية صغار فمكثوا في يده وبنو إسرائيل في العذاب المهين….