انتصار حميد..
ليس غريبًا على شيخِ المقاومين أن يصدرَ عنه مثلَ هذه المبادرةِ التي تهدفُ الى احتواء الفجوات الكارثيَّة التي تكتنفُ ما يسمَّى بقانون الأمن الغذائي. أين نضع جميع المواقف المناهضة لهيمنة الاستكبار بدءً من الهجمة البربرية وانتهاءً بالتطبيع، أو سعيه في إطفاء حرائق الاقتتال في مدن الجنوب إبَّان الفتنة منذ 2019؟
ما يميِّز مبادرة الشيخ الأمين من وجهة نظر محايدة, أنَّها تستندُ إلى قراءة عميقة ودقيقة لواقع الهمِّ العراقيّ, مثلما تستند إلى رؤية شرعيَّة من شأنها إحقاق الحقِّ, وتوزيع الموارد بطريقة كفوءة وعادلة، فتارة تنظر إلى المدن العراقية وفقا لمستوى الحيف الذي لحق بكلِّ مدينة على حدة, وأخرى تنظر الى فئات المجتمع من دون تمييز, إلّا أنَّها تعطي الأولوية استنادا إلى حجم الضرر الذي تعرضت هذه الفئة أو تلك, ومدى فاعليتها في دفع حركة التنمية الاقتصاديَّة والتجاريَّة والزراعيَّة إلى الأمام.
إنَّ مصداق مصطلح ( الأمن الغذائي ) لا يتحقَّق بموجب الكيفيَّة التي جاء عليها القانون في صيغته البرلمانيَّة؛ لأنَّ أكثر من 65% منه لا يمتُّ لهذا المصطلح بأيَّة صلة, وهو فضلا عن تضمُّنه كثيرا من المخالفات الدستورية, لا علاقة له بتوفير بيئات اقتصاديَّة آمنة، تأخذ بالحسبان الحرص على المال العام وشمول أكبر عدد من المستحقين والمنتجين بالمبالغ التي خُصصت لهذا الغرض، سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات, بل على العكس من ذلك تماما, ربما أفضى الى حالة الفقر التي باتت تلقي بظلالها على الغالبية العظمى من الشعب .
لقد بات واضحا أنَّ الأطراف التي استخفت بقرارات المحكمة الاتحاديَّة من أجل تمرير هذا القانون تسعى الى فرض سياسة الأمر الواقع، التي ترسِّخ مفاهيم الهيمنة على مؤسسات الدولة ومواردها.
إن المبادرة التي تستحقُّ أن نقف عندها بكثير من الإجلال هي تلك المبادرة التي تُطرح بوصفها حلَّا يستثمر في الطاقة البشرية الكامنة في المجتمع, انطلاقا من المبالغ المقننة التي تقترحها المبادرة, وهي مبالغ ذات جدوى اقتصاديَّة هائلة على الرغم من قلتها بالمقارنة مع المبالغ المقترحة في متن قانون الأمن الغذائي.