ا.د. جهاد كاظم العكيلي ||
تغيَّر واقع الحياة بشكل واضح في مجمل ملامح وتفاصيل العمل والعلاقات الإجتماعية والتفاعلات بين المواطنين وبينهم وبين والمؤسسات الإجتماعية والرسمية، إذ تجد الهواجس بين الناس قائمة على قدم وساق والتي أدت إلى مصدر قلق للإنسان في عيشه وحياته في محيطه الإجتماعي على اقل تقدير ..
وهذه هي حالة عامة إنتشرت بشكل سريع بعد ظهور فايروس كورونا في العالم اجمع، لكن الذي يثير الإنتباه أن المراكز الصحية او المستشفيات أخذت تخشى من المواطن أكثر من أن يخاف الإنسان من وجوده في المستشفى، ففي مستشفيات الدول المتقدمة التي هي مصدر لطمأنه المريض وإضفاء الرحمة والسكينة في نفس المواطن، أخذت لا تستقبل المريض المصاب بأمراض أخرى في حالة عدم أجراءه فحص السلامة من فايروس كورونا ، والسبب في ذلك هو الخوف الذي هو هاجس يعيشه الجميع وفق معادلة الكل يخاف من الكل ..
أما في بلداننا فحالات الخوف مضاعفة ومتعددة فضلا عن وجود كورونا وأمراض أخرى مزمنة تحصد بالمجتمع وتأكل بجدرانه من كل جانب حتى اصبح المجتمع هيكل خاوِ غير قادر على مواصلة الحياة بشكل سليم ..
وعوامل الخوف متعددة منها أزمة الثقة بين الناس وعدم إحترام البعض للقانون والخوف من ضوابطه وتعاطي الرشا والفساد وإسكات الناس للدفاع عن حقوقهم وحقوق بلدهم وإنهيار المنظومة القيمية للمجتمع ..
هذه العوامل كلها ناجمة من هاجس الخوف عند الناس سواء هناك عوامل طبيعية او غير طبيعية، فشعار الخوف من الآخر يسري في نفوس الناس بإستثناء بعض الحالات فهي لم تكن قاعدة عامة للمجتمع، إذ اصبحت الألقاب تخيف الناس والأسماء الفخمة التي تبدأ بــ (ابو) .. و(صاحب الهيبة) و(صاحب السيادة) وغيرها الكثير، هي عبارة (مسكتات) وليس (مسكنات)، تسد افواه الناس، بل الكثير ينسب له أسماء ما أنزل الله بها من السلطان حتى صار المواطن يحسب كثيرا لعواقب الأمور و ينتهي به الأمر إلى إشارة الخوف التي (تسكت) من (لا يسكت) ..
والخوف في واقع الحال صار هو اللغة الدارجة عموما من دون أن يلتفت الناس إلى عواقب ذلك لإن ترتجف منه القلوب والتي هي مصدر المحبة والعطاء والتعاون والتآزر بعد أن كانت عناوين بارزة ومضربا للأمثال ، لكن شيوع حالة الخوف أزاح الكثير من تلك الصور التي تعبر عن رمز الإنسان ووجوده في الحياة ..