علي الخالدي ||
حتى عام ١٩٧٩ م حيث قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية في قلب الأمة الإسلامية ، كان المسلمون في الخليج والجزيرة العربية حصراً عبارة عن مستعمرات من الذل والعبودية، تحت فراعنة الاستكبار العالمي أمريكا وبريطانيا وإسرائيل ، فضلاً عن باقي المسلمين المستضعفين فى أرجاء الأرض ، لا يبئ العالم لاستحياء نسائهم ولا يكترث لقتل رجالهم ولا تستثير منظماتهم الإنسانية لاستخدام أطفالهم.
بعد شهادة الإمام الحسين “عليه السلام” في كربلاء، لم يشهد الشيعة أمن واقتدار ومنعة كما يشهدوه الآن ، من اعداد جسم دفاعي مرصوص تملئه العزة بالله ، صدره الحرس الثوري في إيران ، إلى الظهير حزب الله في لبنان، و الذراع الحوثي في اليمن إلى الخوذة الحشداوية في العراق ، كقوة موحدة في اتخاذ القرارات المصيرية، تجاه الاحدت المحلية والإقليمية والعالمية التي تهم الشيعة.
العالم المادي يتميز بالطبقية العالمية،مقياسها القوة بأنواعها، العسكرية و الصناعية ، فقبل أربعون عاماً كنا عالماً متخلفاً بحسابات الغرب المتطور، كانوا يصفونا بشعوب الدرجة الثالثة أو العالم الثالث ، فلم يكن هناك عالماً يكترث للعراق وإيران ولبنان وسوريا واليمن وفلسطين ، ولا احد يدخلهم في معادلات القوى وتعطيل مشاريع الاستعباد ، ولكن اليوم أصبح الشيعة قوى عظمى أوقفت عصى الاستكبار ودخلت في حسبان مشاريعه، فاخذوا يضعون له خططاً تدميرية، تحت اسم الهلال الشيعي أو محور المقاومة أو محور الشيعة.
لكن عالم الاستكبار لم يضع في حساباته مكر الله فيهم، ولطفه في العالم الشيعي، ووجود اليد الغيبية التي ترعاهم (الإمام المهدي المنتظر “عليه السلام “) وتوحده تحت قياداته الدينية (السيد السيستاني والسيد الخامنئي “دام عزهما “)،ونشوء قوى جهادية عقائدية لا تحدها في الدفاع سوى جغرافيا العقيدة ، وثروات الشيعة النفطية وارضه التي تحررت إلى حد ما من سيطرتهم.
ان مشاريع الكفر التي كانت تحاك لتدمير شيعة ال محمد “صلوات الله وسلامه عليهم ” ، قد دمرها المكر الإلهي فيهم ،بدأت بحرب فايروس كورونا التي انجى الله منها العالم الإسلامي، قياسا بقدر الضحايا البشرية والمالية مع الغرب ،والآن وبعد الحرب الأوكرانية التي نراها تقضم دول أوربا ومن يدعمها شيئاً فشيئاً ،و بدأ سقوط تلك المستعمرات وظهور حاجتها للطاقة، لتعويض نقص الغاز الروسي، أصبح الشيعة قبان معادلة تلك النار الأوكرانية التي قد يحترق فيها كل العالم.
لذلك تجد ان الصين تريد استثمارات في إيران الإسلامية قد تستمر لعشرين عاماً، لتضمن تدفق المال إليها في مناطق مستقرة وبعيدة عن صراع أوروبا، والروس تستجند بطائرات مسيرة إيرانية، أعلن عن ثلاث آلاف طائرة في صفقة معلنة، وغيرها في صفقات سرية، وأمريكا وأوروبا تهرعان نحو الشرق الأوسط، بواسطة “بايدن ” منطلقة من السعودية تستنجد بالعرب لمضاعفة كميات النفط المصدرة للعالم، لكسر سلاح “بوتن” وحصاره الغازي حول أوربا ، وممثلة الأمم المتحدة “بلاسخارت ” تطالب القوى السياسية العراقية من مختلف مكوناته التهدئة، وبعيدا عن الحرب الأهلية تشكيل حكومة مستقرة، ليس حباً بالعراقيين، ولكن حبا بالنفط العراقي الذي فيه ضمانة لاستقرار أسعار أسواق النفط العالمي، فكل الهم الغربي اليوم وبالتزامن مع حرب أوكرانيا هو استقرار الشرق.
ماذا لو تطورت حرب أوكرانيا ولم تقف في فصل الشتاء، كيف ستصبح صورة القارة العجوز، بعد نفاذ الطاقة والغذاء ، هل ستقف دول أوربا دون ردع للروس، لاحظ هنا صورة العالم العربي وما يهمنا عالمنا الشيعي، كيف سيستثمر هلاك قوى الظلم لدعم قوام قواه الاقتدارية في المقاومة، وكيف سيتصاعد نجمها عالمياً.
ان الحرب الأوكرانية ترينا صورة مصغرة لاحوال الشيعة، في اي حال سيكونوا اذا ما اندلعت الحرب العالمية الثالثة، التي لم تخفي القوى الروسية والأوكرانية وغيرها بتفجيرها نووياً لفك الاختناق عنها ، وهذا يعني أن في هلاك ثلثي الناس سيكون هناك سبيلا لقيام قوى مقاومة يمانية وخراسانية جديدة شيعية في الشرق الأوسط، التي بدأت مفاصلها تتهيء تحت عنوان محور المقاومة الإسلامية .
ان الانفراج الذي يعيشه الشيعة الآن لم يروه حتى في أحلامهم، في ان يفرج الله عنهم في هذه الكيفية، فيجعل العالم الغربي يتحسر عليهم وعلى اقتدارهم وبحاجة لنفطهم وغازهم، قال تعالى (يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ).