جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف توضيحات حول اعتزال السيد الحائري

توضيحات حول اعتزال السيد الحائري

حجم الخط

 

إيليا إمامي ||

أعلن المرجع السيد كاظم الحائري صباح اليوم توقفه عن القيام بمهام المرجعية واعتزالها نظراً لظرفه الصحي .. وهنا من المناسب بيان بعض النقاط .. بما أن حالة ( أعتزال المرجعية ) أمر جديد على هذا الجيل ولم يعهدوه من قبل :

١) قبل كل شيء يجب التفريق بين أمرين :

الأول : اجتهاد المجتهد .. بمعنى وجود ملكة الاستنباط والقدرة على استخراج الحكم الشرعي من مصادره .. حيث يكون المعيار في اختياره للتقليد هو تفوقه في قدراته العلمية على أقرانه .. وهو المعبر عنه بالأعلمية.

وهذا الأمر غير قابل للنزع والترك حيث لا يمكن للمجتهد أن يفقد _ باختياره _ملكته وقابليته العلمية متى ما أراد .. ولا يمكن للمقلد _ بعد ثبوت أعلمية مرجعه لديه _ أن يغير قناعته بدون إثبات آخر.

الثاني : مسؤوليات المرجعية .. بمعنى التصدي للأمور العامة من إصدار الأحكام وتنصيب الوكلاء واستلام الحقوق الشرعية وصرفها على مصالح الدين وحاجات المؤمنين .. وفض النزاعات وإبداء وجهات النظر_ وربما التحرك _ في الشأن السياسي .. إلى غير ذلك من المهام الثقيلة.

وهذا الأمر يمكن التخلي عنه متى ما وجد المجتهد من نفسه العجز عن النهوض بمسؤوليته.

إذاً فسماحة السيد الحائري انسحب من الأمر الثاني .. وأما الأول فهو على حاله .. وسيبقى مقلدوه على تقليده ويرجعون في المستحدثات لمن يرونه الأعلم من بعده.

بعبارة أخرى أن الحالة التي اختارها السيد الحائري هي حالة المرجع المتوفى .. حيث تنفسخ جميع وكالاته ولا تصل الحقوق الشرعية إلى مكتبه ولا توجد لديه مستحدثات في المسائل .. لكن فتاواه السابقة على حالها ويجب تقليده فيها .. مالم تثبت أعلمية اللاحق.

٢) قد يظن بعض الشباب الذين اعتادوا على النظر للأمور بطريقة سياسية .. أن السيد مجبر على هذا البيان .. ولكن من يعرف تاريخ المرجعية سيرى أن الأصل لدى العلماء هو التخلي عن المنصب والزهد فيه إذا حصل أي طارئ يدعو لذلك .. وهذا الأمر يدل على ورع وتقوى من الناحية الشخصية تربى عليها طلبة العلم منذ سنواتهم الأولى .. وينقل عن أعلام مثل الوحيد البهبهاني والشيخ رضا الهمداني والشيخ مرتضى الأنصاري ( الأخيران يصرح المرجع الأعلى دام ظله بأنهما قدوة أخلاقية له ) أنهم حاولوا التخلص من المرجعية ومسؤولياتها في وقت ما .. نظراً لاعتقادهم بعدم إمكانية تحملها.

٣) عندما قرأت بيان السيد الحائري للمرة الأولى .. وفيه دعم واضح للسيد الخامنئي وتحذير للمؤمنين في العراق ( وبالذات الصدريين ) .. كانت أول خاطرة خطرت في ذهني أن من يريد رفض البيان سيقول: أنه مجبر على كتابته من قبل الدولة الإيرانية لأغراض سياسية .. بل ربما يقال أنه مكتوب بيد غيره ومختوم بختمه بدون علمه ( كما كان يقال عن المرجع الأعلى في كل موقف لا يعجب المتلقي ).

وبالفعل قيل هذا .. وكان هو أول ردة فعل رافضة تصدر منهم .. بدون التفكير في مدى حجية كلامه عند الله تعالى.

ولكن الحق والإنصاف أن من يتابع بيانات السيد الحائري منذ سقوط صدام وحتى اليوم يجد أن مواقفه متطابقه مع موقف اليوم .. وهو عبر عن قناعته التامة التي طالما صرح بها في عدة مناسبات.

بل على العكس .. لو كان البيان مكتوباً بيد تتقن الحبك السياسي لوجدتم فيه الكثير من الإشارات التلميحات .. ولكن الصراحة والوضوح الذي جاء به البيان .. هي طريقة السيد التي نعرفها.

٤) الخلاصة أن المؤمن مصدق في قوله فكيف لو كان فقيها محترماً .. وانا شخصياً منذ سنوات سمعت منه أكثر من مرة شكواه من المرض وعجزه عن القيام بمهامه .. فكان إخلاء المسؤولية أمراً طبيعياً لشخص يخاف الآخرة ويحذر مساءلة يوم القيامة.

أما فائدة البيان ووقعه على المجتمع .. وهل يؤثر في الفئات الموجه لها .. وهل له أثر على الواقع الاجتماعي .. فهذه كلها أمور غير مهمة وهي من عالم آخر .. مختلف عن إبراء الذمة .. وسواء حصلت أو لم تحصل .. تبقى خارج المنظور.

نسأل الله تعالى أن يخفف عن رقابنا أعباء يوم القيامة .. ويخلص نوايانا .. ويحفظ أعلامنا المتقين .. اللهم آمين.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال