علي عنبر السعدي ||
– انشطار مجتمعي ؟؟ ام اختلاف سياسي ؟؟
– حين تغيب التأمّلات وتحضر الانفعالات
– الأكثر تعرّضاً – والأقل مناعة .
– القشة التي لم تقصم ظهر البعير
– حين تدفن الحقيقة في رمال الاكاذيب
المدخل : ماالذي تعنيه منظومة القيم ؟وماهي شروط نشأتها وتشكلّها ؟ثم كيف يمكن إعادة الاعتبار لما انحرف أو تشوّه منها ؟
المضمون : القيمة هي المعيار الذي يقاس به السلوك الاجتماعي بمعنييه الفردي والجمعي ،ولكي تتشكل القيمة وتصبح جزءاً من الفاعليات الاجتماعية ،لابد لها من شروط ومراحل تمرّ بها ،منها :
الحالة :حينما تبدأ كسلوك إفرادي محدد بزمنه ومكانه
الظاهرة :بعد ان تشهد الحالة انتشاراً في المكان وثباتاً في الزمان
العرف: تأخذ الظاهرة شكل الاستقرار لتصبح مرجعية اجتماعية ، تُمارس طوعاً .
القانون : يتفاعل العرف مع محيطه حين يتأطر ضمن قانون ترعاه الدولة ويحرسه المجتمع .
أفضل القيم هي ماتتفاعل فيها الظواهر مع الأعرف والقانون مع المعتقدات الدينية ، لتنتج منظومة حيوية قادرة على مواكبة التحولات المجتمعية ورعايتها في الوقت عينه،فطغيان القانون ينتج استبداداً –وطغيان الدين ينتج تشدداً ،وطغيان العرف ينتج جموداً .
هناك أربعة شروط لتطور القيم وارتقائها :
-النشأة والبداية – البيئة الحاضنة – الاستقرار والتجانس–– القوى الفاعلة .
لم يشهد العراق منظومة قيمية بالمعنى العام، بل مجموعة قيمية ،وهذه أيضا تختلف بين ريف ومدينة ، وعواصمية ومدينة ، كذلك لم ينتقل الدين في المجتمع العراقي ليكّون منظومة بدوره ،فاختلاف الاجتهادات بين الطوائف ، جعلت مجموعة القيم تتخذ مظاهر شتى ،والممارسات الطقوسية قد تبدو قيمية في ظاهرها ، لكنها مظهرية في واقعها ،وبالتالي فهي قيمة إيمانية على إشكالية اجتماعية .
-العراق بلد تكثر فيه المفارقات وتندر البداهات ،ذلك ما أدت إليه ثنائيتا الهدم والبناء التي وسمت التاريخ العراقي برمته ،فحين تحضر الانفعالات ،وتتراجع التأملات ، وحين يُستحضر الناقل ويغيب المتفاعل ، لايجد المجتمع مرتكزات جامعة يحتكم اليها ، لذا يسوده الاختلاف على ماينبغي ان يكون قواعد وطنية ثابتة .
حينما تكون هناك ثغرات يجري توسيعها باستمرار ،ستصل يوماً الى انشقاقات يصعب جمعها مرة أخرى .
وهو مااريد للعراق ، فقد رأينا كيف انتهكت ليس المنظومة القيمية وحسب ، بل حتى ماتبقى من مجموعات القيم ،فأهين المعلم والاستاذ ،وانتهكت حرمة الجامعات والمدارس ، وأصبحت الاتهامات والتخوين والكراهية ، سمة جديدة أوشكت ان تتحول الى ظاهرة ،تتغذى باستمرار بحملة هائلة من الزيف ،وتصوير ان مثل هذه السلوكيات هي بطولة ووعي وتمرد سيؤدي الى تطور .
لم يسبق لشعب في التاريخ ان واجه هذا السيل الجارف من الاكاذيب التي لا تنقطع ،يضخها كمّ هائل من وسائل الاعلام هائلة التنوع والمستويات ،بحيث تصيب الانسان العراقي بالدوار ،ولايعود يميز الاكذوبة من الحقيقة ، التي دُفنتْ في رمال الأكاذيب ،وكلها تحث على العنف وتمزيق المجتمع ….