جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة


 عباس عبود سالم ||


بعد الانتهاء من صلاة الظهر في الحرم الشريف في مكة المكرمة وانا اتحرك وسط زحام آلاف الحجاج عائدا الى الفندق الذي اقيم فيه وقفت سيارة حديثة نوع “جنرال موتورز ” سوداء وانزل سائقها الذي يرتدي الزي العربي التقليدي زجاج سيارته المظلل وبادرني بالسلام والترحيب قائلا تفضل ياحاج اوصلك بطريقي لمحل سكنك اخجلتني مبادرته وكرمه وشكرته ولكنه كرر دعوته فوجدت ان علي ان احترم كرم ضيافته فركبت معه السيارة عائدا الى محل السكن الذي يبعد مسافة بسيطة عن الحرم.

واخذ الرجل يتحدث عن وحدة المسلمين والعرب وقيمهم المشتركة وعظمة مكة المكرمة وبركاتها وكنت استمع اليه باهتمام.

وما ان اقتربنا من الفندق الذي اسكن فيه والذي يبعد مسافة عشر دقائق عن الحرم قاطعني بنبرة مختلفة قائلا الاجرة مية وخمسين ريال

كانت مفاجئة بالنسبة لي طلبت منه ان يكرر كلامه فلم اتوقع منه ذلك ثم ان الرقم غير منطقي ..فأجرة التاكسي من الحرم الى الفندق لاتتجاوز خمس او عشر ريالات !!

وهذا الرجل الذي تبدو عليه علامات الثراء وسيارته الفخمة الحديثة ليست للاجرة فكيف له ان يدعو احد ضيوف الرحمن لتقديم خدمة له ثم يطالب بمبلغ كبير !

وعلى ما يبدو اني امام عملية استغفال ونصب فما كان امامي لحظتها سوى ان اعامله بالمثل واغير لهجتي معه

فانتظرت وقوفه وقبل ان انزل من السيارة فتحت الباب والقيت 15 ريال في وجهه وقلت له يا اخي ان اجرة التاكسي من الحرم للفندق خمسة ريالات ساعطيك ثلاث اضعافها احتراما لسيارتك الفخمة التي لم تصنع للاجرة ونقل الركاب واعترض غاضبا مطالبا بمئة ريال اضافية لكن لم اجد امامي الا ان اتركه مع ال 15 ريال وانصرف متعجبا من اهل مكة الذين هم ادرى بشعابها !!

واليوم وانا اتابع تدفق الضيوف والجماهير الخليجية الى العراق تمنيت لو ان هذا الرجل زار البصرة اليوم وتجول في شوارعها فمن المؤكد انه ومن مثله بحاجة الى الدراسة في جامعة الكرم العراقية التي يتحدث عنها الاشقاء ضيوف خليجي 25 وهم سعداء باكتشاف معدن الكرم العراقي الذي لا يعترف بالحسابات المادية للربح والخسارة ..

فالربح الاكبر هو ربح قلوب الناس والخسارة الكبرى هي خسارة ثقتهم ..والكرم عند العربي هو الشجاعة بعينها ..لذلك فالعراقيون ربحوا كأس الكرم وكسبوا ثقة الاشقاء

اما الفوز بالبطولة الرياضية فهو تحصيل حاصل لان الفوز الحقيقي هو ما نحصل عليه من سمعة ومكانة في قلوب الناس …

تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال