رعد الدراجي ||
انبثقت حركة المقاومة الاسلامية ( عصائب اهل الحق ) من التربة العراقية الطاهرة , و ولدت من رحم المعاناة الشعبية ؛ و استمدت منهجها ومبادئها من فكر المرجع الديني الشهيد السيد محمد الصدر , وقد خرجت من التيار الصدري لأسباب موضوعية فرضتها ظروف المرحلة ؛ فبعد إنتهاء مَعارك إنتفاضة النجف الأشرف ضد الإحتلال الأمريكي في أيلول 2004م بدأ الشيخ الخزعلي مع أخوان لَهُ مُجاهدين من طَلَبَة الشّهيد الصّدر بالتأسيس لنَواة حَرَكَة المقاومة الإسلامية (عَصائِب أهلِ الحقّ) تَصَدّت لمُقاومة الإحتلال الأجنبي في العراق وإيقاع أقسى الضربات النوعية بالعدو المحتل والتي إستنزفت قوّة الإحتلال وإضطَرّتهُ للإسراع في الخروج من العراق لاحقاً ذليلاً حَسيراً .
وبعد ان اكتشف امر الامريكان وبان زيفهم في ادعاءات بناء واعمار العراق , ودعم حقوق الانسان والتجربة السياسية الديمقراطية … ؛ انبرى ابناء العراق الغيارى الى مقارعة قوى الشر والاستكبار العالمي , اذ كان لرجال المقاومة الإسلاميّة المنتمين لـ(المجاميع الخاصة والتي تغير اسمها فيما بعد الى عصائب اهل الحق ) الدور الأبرز والسهم الأوفر في معارك إنتفاضة النجف الأشرف عام 2004 ضدّ قوات الإحتلال الأمريكي التي شهدتها مُحافظات ومُدن الوسط والجنوب ضدّ قوات الإحتلال الأمريكي ومن تحالف معها من الدول التي ساهمت بإحتلال العراق … ؛ واستمرت مقاومة حركة عصائب اهل الحق للأمريكان , حيث نفذت ما يقارب ستة آلاف عملية ضد الجيش الأميركي ؛ فكان لرجال وابطال العصائب الغيارى شرف القيام بالعمليات العسكرية التي استهدفت المحتل حصرا والتصدي للغزاة , والحقت بهم الخسائر تلو الخسائر … , وكانت نتيجة هذه المواجهة الشريفة والبطولة الفريدة (5337) عملية عسكرية مصورة فضلا عن اضعافها من العمليات غير المصورة… , وقدمت حركة عصائب اهل الحق خلال تلك العمليات البطولية والمعارك الوطنية (294) شهيدا شجاعا بطلا … , وكانت نتيجة هذه العمليات البطولية وهذه الدماء الطاهرة اضطرار قادة الاحتلال الى الاعتراف ان اكثر من 73% من خسائرهم كان سببها المجاميع الشيعية كما كانوا يعبرون في وسائل اعلامهم … ؛ و هذه العمليات جعلتهم يتيقنون ان لامجال للاستمرار في احتلال بلد عظيم يملك مثل هؤلاء الابطال الذين حولوا احتلالهم الى جحيم فصاروا يبحثون عن المخرج الذي يخرجون به وينسحبون الى بلادهم ويحفظون ماء وجوههم ، فاستثمر المفاوض العراقي الوطني هذه الفرصة ليوقع معهم معاهدة الجلاء فخرجت قواتهم العسكرية الاضخم في العالم مهزومة ذليلة مجبرة على الانسحاب دون ان تتمكن من الابقاء على قاعدة عسكرية واحدة لها في العراق ، ودون ان تحصل على حصانة لعسكري اجنبي واحد … ؛ وهو انجاز لم يحققه احد في العالم سوى رجال العراق الذين تصدوا لهذا الاحتلال البغيض بأشرف مقاومة عرفها التاريخ… ومن اشهر عمليات حركة عصائب اهل الحق الجهادية : عملية “خان النص” في النجف الأشرف , و إختراق الطائرات المسيرة , و عملية إسقاط المروحية البريطانية في البصرة , و عملية تفجير قاعدة فالكون (الصقر) في جنوب بغداد , و عملية إستهداف الزوارق البريطانية في البصرة , و عملية تحرير معسكر “أبو ناجي” في محافظة ميسان , و عملية (جحيم السبعين) في الناصرية , و عملية تفجير طائرة الهيركيلوس C-130 في مُحافظة ميسان , و عملية أسر المستشار البريطاني وعناصر حمايته في بغداد , وعملية كربلاء : وهي العملية النوعية الأبرز على مستوى الشرق الأوسط ، وليس في العراق فقط ، حسب إعتراف كبار جنرالات العدو في حينها ، وقد تمّ تنفيذها مع بدايات شهر مُحرمٍ الحرام الموافق لشهر كانون الثاني عام 2007، وعلى أرض كربلاء ، حيث تم إقتحام المقر الأمني الشديد التحصين الذي كان يتواجد فيه فريقٌ إستخباراتيٌّ خاصٌّ لقوات الإحتلال الأميركي مع قوة حمايةٍ كبيرةٍ لهم ، حيث تمّ إختيار (180) مُقاوماً من رجال العصائب من مُختلف مُدن العراق وتوزيعهم على شكل مَجاميعٍ مُنفصلةٍ كُلٌّ حَسَب الواجب المكلف به ، ومن ثم اقتحمت قوةٌ خاصة من نخبة المقاومة على شكل موكب من سيارات الدفع الرباعي الأميركية الصنع، بشكل يشبه المواكب التي تستخدمها أجهزة الإستخبارات الأمريكية ، فتم قتل 8 عناصر من قوة الحماية الأمريكية وأسر خمسة آخرين ، بينهم ضابطٌ برتبةٍ عالية من الفريق الإستخباراتي ، وقد تسبب هذه العملية بذُعرٍ كبير هزّ أركان القيادة الأمريكية ، وبقي صداها لفترةٍ طويلةٍ يؤجج عوامل الخوف والقلق الذي سيطر على أداء العدو وتسبب في إرباكه ، وَجَعلَهُ يُعيد حساباته لوجود فصيلٍ مُقاوم لديه القدرة والإمكانية على التخطيط والتجهيز والتنفيذ لمثل هذه العملية الكبيرة، وقد أضطر العدو حينها إلى الإعتراف بمقتل الخمسة الذين لم تنجح عملية الاحتفاظ بهم، ولم يعترف بالقتلى الثمانية الآخرين، وقد حقّقت العملية صدىً إعلامياً كبيراً ، أفقد العدو توازنه وأظهره
للعالم على حقيقته ، تحت وطأة قوة وبسالة رجال المقاومة وحكمتها وحنكتها… , وبعد هذه الضربات الموجعة والعمليات البطولية انسحب الجيش الأميركي من العراق في يناير/كانون الثاني 2012 أعلن الشيخ الخزعلي هزيمة أميركا وأن حركة عصائب اهل الحق تتحضر لتسليم سلاحها للحكومة العراقية والالتحاق بالعملية السياسية في البلاد… ؛ الا ان المخاطر المحيطة بالعراق جمة والاعداء يتربصون بالعراقيين الدوائر , والمخططات الخبيثة تستهدف الشيعة ومقدساتهم في كل مكان … , وعليه تريث زعيم الحركة بهذا الامر ريثما تتضح الرؤية , وقد صدق حدسه … , وتوالت الاحداث الجسام وبدأت فلول الارهاب وعصابات التكفير تخرج من جحورها .
وعندما تعرض مقام السيدة زينب بنت امير المؤمنين (ع) للخطر والتهديد من قبل عصابات التكفير وشراذم النواصب المجرمين , هب رجال وغيارى المقاومة الاسلامية ( عصائب اهل الحق ) للدفاع عرض الرسول ( ص ) وعلي والحسن والحسين و اخت العباس ( ع) ؛ بينما اختبأ البعض و وضعوا رؤوسهم في الرمال كالنعام , والبعض الاخر راح يترقب نتائج المعارك كالمرجئة خذلوا الحق ولم ينصروا الباطل … ؛ وبذل غيارى العصائب الغالي والنفيس من اجل الحفاظ على قدسية مقام السيدة زينب (ع) ؛ فاستحقوا لقب ( اخوة زينب ) … , وتكللت جهودهم وجهود المجاهدين الاخرين بالنصر المؤزر وتم دحر فلول التكفيريين الارهابيين .
وبعد تعرض العراق لأقوى هجمة همجية شرسة من قبل عصابات الارهاب و شراذم داعش ومجرمي وايتام النظام البعثي ومرتزقة النواصب الحاقدين في عام 2014 ؛ حيث سقطت المحافظات الغربية والشمالية ؛ وانتشار الذعر بين المواطنين , وشيوع ضعف المعنويات بين الناس , واحساس البعض بالانكسار والهزيمة … الخ ؛ تعهدت حركة عصائب اهل الحق بسحق داعش والقضاء على تنظيم الدولة الاسلامية الارهابي … ؛ وشنت حركة عصائب اهل الحق المعارك القوية والعمليات النوعية والهجمات الدقيقة وطوال سنوات الجهاد والتحرير ؛ لاستعادة كافة الاراضي العراقية المغتصبة , وتطهيرها من دنس الدواعش ورجس الارهابيين , ومن اروع الملاحم البطولية لابطال وغيارى حركة عصائب اهل الحق تحرير منطقة جرف الصخر و مناطق تكريت كالدور والعوجة والبو عجيل والحاق افدح الخسائر بصفوف الاعداء المجرمين والذباحة والقتلة الارهابيين , وكانت اشدها وقعا على الارهابيين معركة تحرير بيجي ؛ اذ التحم العصائبيون الاشاوس بشراذم داعش وبالخطوط الامامية ومع قلة العدد والعدة ؛ حقق ابطال المقاومة الاسلامية الانتصارات تلو الانتصارات … ؛ فكان للعصائب الدور الريادي في جميع الهجمات الكبرى ؛ لاستعادة الأراضي المسيطر عليها من قبل “تنظيم الدولة” داعش ، وتحت اشراف القائد الشيخ قيس الخزعلي … , وبعد ان حازت الحركة على ثقة الحكومات الوطنية والجماهير العراقية ؛ اندمجت في هيئة الحشد الشعبي واصبحت احدى تشكيلاته العسكرية , وانخرط الغيارى والابطال والمجاهدون في صفوف القوات المسلحة العراقية , وبعد دحر الاعداء وتحرير كافة الاراضي العراقية , تفرغت الحركة للعمل السياسي الوطني ؛ ففي عام 2014، دخلت «عصائب أهل الحق» مجلس النواب عبر كتلة “الصادقون” التي فازت بمقعد واحد. وقد ازداد هذا العدد إلى خمسة عشر مقعداً في انتخابات عام 2018… ؛ وازدادت شعبية حركة عصائب اهل الحق وتنامت قوتها السياسية بمرور الايام ؛ حتى شاركت في انبثاق حكومة السوداني الوطنية والخدمية … ؛ فضلا عن انشطة وفعاليات الحركة الانسانية والاغاثية والاعلامية والثقافية والدينية والتي تصب في مصلحة الوطن والمواطن .
