علي عنبر السعدي ||
وين نروح ؟؟- دعاية سياحية ؟؟أم حقيقة واقعية ؟؟
يشتهر العراقيون بحبهم للسفر منذ أقدم الأزمنة ، فالبطل الملحمي جلجامش ،يترك مدينته وملكه ويسافر مرتين ، الأولى مع صديقه انكيدو ،للقضاء على الشر المتمثل بالوحش خمبابا ، والمرة الثانية حين ذهب للبحث عن الخلود .
قبل ذلك كانت أساطير الأسفار في اتراحاسيس السومرية واوتونبيشتم البابلية ، التي ظهرت في قصة نوح وسفره الطوفاني .
ثم ظهر المسافر الكبير والمتجول في المدن والبلاد العجيبة (سندباد) ثم حكايات علي بابا وبساط الريح ،الذي يطير به حيث يشاء .
العراقي حوصر لأكثر من ثلاثة عقود استهلكها من عمره تحت حكم طاغية وحزبه ،فجعل من رؤية المطار أو البحر حلماً ،وجواز السفر مجرد أمنية .
لكنه اليوم ،ينتقم من كل تلك السنوات العجاف ،فيملأ المطارات ووكالات السفر وشركات السياحة ، وتصل المطارات العراقية حدّ الاختناق .
كانت خياراته كثيرة فمن دول الجوار ،تستقطب سوريا وتركيا وايران والاردن ،الثقل الأكبر في السفر ،ثم لبنان ومصر واذربيجان والصين والهند وسنغافورة وماليزيا .
لكن تلك الخيارات تقلصت واحدة تلو الاخرى ،فسوريا ولبنان لم يعد فيها مايغري بزيارتها ، وتركيا تفرض فيزة غالية نسبياً (135 دولار) واجراءات لاتخلو من تعقيد ،والاردن تجعلك تكفر بالعرب مثنى وثلاث ، لتلك المعاملة المشبعة باللؤم الطائفي والاسئلة الغبية ،أما مصر ،فشعبها قريب من قلبك وروحك ولك فيها اصدقاء هم اخوة لم تلدهم امك ، لكن اجراءات سلطاتها ،تجعلك تعتقد انهم فقدوا صوابهم ، ففيزتها وصلت الى 225 دولار ،وغالباً تشعر مع الاجراءات في المطار، انك اسير وليس سائح ،ولاتعامل كما يعامل مواطنو دول لايصرف سائحها كما العراقي ،ولايتمتع بالأريحية مثله ، فتصرف النظر عن زيارتها ان لم تكن مضطراً.
البوابة الوحيدة المشرعة بوجه العراقي دائماً هي ايران ،بلاد جميلة ونظيفة ،زيارتها اسهل من زيارة ايما محافظة عراقية ،لافيزا ولا اسئلة ولا معاملة تخرج عن نطاق المتعارف عليه ،فترى مدناً تلمع نظافة وشوارع رحبة هادئة ومناظر طبيعية مدهشة ،لا احد يسألك ولايراقبك ،ولا يحتفظون بجوازك لديهم ،وما تصرفه في اسبوع في دول اخرى ،يكفيك شهراً ويزيد في ايران ،وبفنادق أرقى وأنظف ،ومواصلات اكثر راحة ،وأناس هادئون وبسطاء .
وعلى هذا ،اتفقنا أنا وصديقي نعمة البصري ،أن نشدّ الرحال ،لزيارة ايران من جديد، بعد ان تجولنا في كل الخيارات سابقة الذكر ،وعدنا الى اختيار الانسب …