د. ايمن عبد عون ||
في ذكرى استشهاده علينا ان نتعرف وبشكل يتناسب وحجم المسؤولية التي نتحملها، على فكره الديني والسياسي وآلياته المعاصرة في كيفية الانفتاح على المجتمع، وتقويض الحواجز السلوكية الخاطئة، ومحاربة طفيلية الانتماء بثقافتها البدائية، ميدانياً نجسد سلوك الدعاة الاوائل، الذين عملوا لسنوات من اجل أسلمة الواقع وتغيير الأمة، وهي مهمة صعبة وتحتاج الى ثقافة فكرية رصينه يعززها نمطُ معرفيُ عميق، وإلمامُ لغويُ واسع، وصياغةُ متينه، لتُواكب ادوات الخطاب المعاصر وهو ما عبر عنه احد دعاة الاوائل الشهيد «عبد الصاحب دخيل»(*)، في واحدة من اهم نشراته الدعوية بعنوان “الوعي التغييري” -التي للأسف الكثير ممن يدعون الانتماء لهذا الخط لم يطلعوا عليها يوما- إذ يشير فيها الى “ان كل شيء مادةُ للدراسة وكل مكان مدرسة للتوعية”، موضحاً من خلالها كيفية استغلال الظروف وتطوراتها من أجل النهوض بواقع المجتمع، معززاً ذلك بمجموعة من المفاهيم التي لابد من ان يتمتع بها من يتصدى للعمل بهذا المجال: منها القدرة على فهم واقع المجتمع، وطبيعة التحديات التي تواجه العمل، ومراعاة الاختلافات الفكرية والاجتماعية بين مدينة وأخرى، محذراً من السذاجة التي قد يقع بها البعض في التواصل، مؤكداً على ضرورة فهم المؤثرات المادية والمعنوية التي قد تشكل عقبات حقيقية وهو ما قد يتسبب بتقوض العمل من اساسه. وهذا ما لم يستوعبه الكثير من مدعي الانتماء الى هذا الميدان منغمسين في السلطة او الفهم المادي الخاطئ تاركين ورائهم كل تلك المفاهيم والقيم يكسوها الغبار والنسيان على رفوف المكتبات.
(*) عبد الصاحب دخيل (ابوعصام) احد اهم الدعاة الاوائل أعدمه نظام البعث البائد بسبب معارضته السياسية.