المهندس علي جبار
تشير التقديرات إلى أن ذروة الطلب في العراق قد وصلت إلى 34 ميغاواط في صيف 2022. إلا أن السعة المتاحة لتوليد الطاقة 23.4 ميغاواط فقط، وذلك رغم إنفاق أكثر من 81 مليار دولار على القطاع في 15 عاماً, من دون الوصول الى حلول حقيقية ناجعة.
مشاكل الكهرباء في العراق تصنف لمسارين أسايين:
الاولى: الاجندات السياسية والاجندات المغرضة
الثانية: سوء الادارة الفنية والمهنية, والفساد , والسرقات
الفاعل الثاني هو العامل الاكبر في أستفحال هذه المشكلة في العراق, حيث أن (مشكلة الكهرباء ) ترتكز على القطاعات الاربعة المشكلة لهذا القطاع (التوليد, النقل, التوزيع, الجباية).
حسب تقارير وكالة الطاقة الدولية العراق من الدول الاكثر خسارة في نقل وتوزيع الطاقة المولدة – وتشكل ما يعادل 30 – 50 % من الطاقة المولدة نتيجة سوء شبكات النقل وحجم الفساد في عقود الصيانة لهذا القطاع, كذلك حجم الفساد المخيف في عمليات التوزيع والصيانة لهذا المنظومة المهمة.
هذا يعني بأن حجم التوليد لو كان كما توضح تقارير وزارة النقل هو 24 ميغا واط, فنحن نخسر ما يعادل 40 % اكثر من هذه الطاقة المولدة التي تصل الى المستهلك.
بالمقارنة لحجم الخسارة في عملية نقل الطاقة مع دول الجوار ( السعودية والأمارات 7 %, الكويت 12 % , أيران 13%).
بالحديث عن حجم الخسائر العراق يخسر ما يعادل 40 مليار دولاء سنوياً أضافية وتشمل الخسائر هذه الأموال الكبيرة التي يصرفها العراقيون على شراء الطاقة والخسائر في قطاعات الصناعة والزراعة والمشكلات الصحية التي يسببها الانقطاع المستمر للكهرباء.
وتشير تقديرات البنك الدولي إلى حوالي 16 مليار متر مكعب من الغاز المرتبط باستخراج النفط أحرقت في عام 2015. وهذه بحد ذاتها خسارة تقدرب ب 5.2 مليار دولار سنوياً. بالأضافة للخسارة في أستثمار هذا الغاز في عمليات تغذية محطات توليد الطاقة في العراق.
تشير بعض التقارير عن عملية شراء الغاز حيث يدفع العراق 11.23 دولارا في مقابل كل الف قدم مكعب (28.3168 متر مكعب) من الغاز مقارنة بأسعار بلغت 5.42 دولارا دفعتها المانيا لشراء الغاز الروسي مع الاخذ بالحسبان ان إيران والعراق بلدان متجاوران وان تكلفة نقل الغاز لا يمكن مقارنتها بتكلفة نقل الغاز الروسي إلى المانيا.
الحل في الغاز
لحل أزمة الكهرباء، يلجأ العراق إلى زيادة الإنتاج من حقول الغاز لديه وصولاً إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي بحلول 2030. وهناك العديد من المشاريع التي يفترض أن تدخل إلى شبكة الإنتاج قريباً.
منها مشاريع محطة معالجة الغاز في حقل الحلفاية في الجنوب بواقع 500 مليون قدم مكعب يومياً.
محطة معالجة الغاز في الرطاوي، وهو مشروع تقوم به شركة "توتال إنرجي" الفرنسية بكلفة 4 مليارات دولار، بهدف إنتاج 600 مليون قدم مكعب من الغاز المصاحب يومياً
هذه المشاريع تعتبر ايجابية في عملية سد حاجة العراق من الغاز الطبيعي, ولكننا لازالنا لا نتعامل مع المشكلة الحقيقية التي يعاني منها قطاع الكهرباء.
وهي الحد من عمليات الفساد في هذه القطاع, وكذلك الحد من الضياعات في الطاقة (نقل الطاقة), وعقود الفساد وسوء الادارة وفشلها في عمليات الصيانة الدورية بمستويات فنية عالية.
حيث تشير التقارير الرقابية الى أن اعلى معدلات الفساد والسرقة في عقود الصيانة لشبكة التوزيع والنقل – وعدم كفاءة المواد المستودرة للصيانة من قابلوات ومحطات نقل ومحولات كهربائية وغيرها.
ناهيك عن حجم الاخطاء الفنية والهندسية والفساد في مشاريع تطوير شبكات التوزيع والنقل (التمديدات الارضية- Under Ground ) – وهذه المشاريع واحدة من بوابات الفساد وتشكل ألغام فساد مستقبلية بتأثيرات اقتصادية وفنية خطيرة.
نتيجة سوء التنفيذ, وانعدام التخطيط الهندسي الرصين, ناهيك عن استخدام مواد فنية بكفاءة رديئة ناهيك عن حجم الفساد الذي يشوب تنفيذ وأحالة هذه العقود.
بالمحصلة,
لا يمكن أعتبار مشكلة الكهرباء في العراق هي (أزمة) بقدر ما أنها جريمة أدارية من نمط جرائم الفساد وسوء الادارة الفنية.
للحديث بقية ....