مهدي صالح حسن ||
يمكن كاطروحة أن نفهم أن ثورة الإمام الحسين عليه السلام على أنها ثورة على شرور النفس البشرية .
اذ كشفت واقعة الطف مقدار التسافل الإنساني الذي قد يصل إليه البشر.
فهناك شرور تسبطنها النفس يمكن لها أن تركت دون معالجة أن تتغول داخل الإنسان وتحوله إلى وحش كاسر!
لذلك شبه الامام الحسين عليه السلام قاتليه بعسلان الفلوات اي بالذئاب.
ولو القينا نظرة سريعة على حال الجيش المعادي للإمام الحسين عليه السلام سنجد ان هناك عدة عوامل اوصلته لتلك الوحشية، وليس هناك على حد اطلاعي من يعتذر للجيش الذي جمعه بن زياد لقتال الامام الحسين عليه السلام بإنه تم جمع أفراده بالقوة!
حيث أن أغلب أفراد الجيش اجتمعوا طوعا لقتال الامام الحسين، فنظام الخدمة الإلزامية لم يك مطبق آنذاك.
وحسب ماينقل التاريخ انه كان جيش نظامي يتألف من كتائب وسرايا وليس من قبيل قوات التعبئة التي يتم جمعها بشكل سريع خلال الحروب كما حاول أن يصوره بعض المؤرخين.
بل كان جيش اغلب أفراده وقياداته متمرسون على القتال ومجهزين بكافة لوازمه.
الوحشية التي أظهرها الجيش المعادي للحسين كشفت عن تراكمات نفسية سيئة في نفوس اغلب قياداته وأفراده وبحسب مانقل التأريخ أن أحد الأسباب الرئيسية التي أدت بذلك الجيش إلى ارتكاب تلك المجزرة الفظيعة بحق ال بيت النبي صل الله عليه وآله وسلم هي ابتعاد أفراده وقياداته عن القيم السمحاء التي جاء بها الإسلام، كنتيجة لاتباعهم لائمة الجور والضلال، فلقد كانت تلك الوحشية نتيجة طبيعية للتعصب الأعمى للحكام وللعشيرة، نتيجة طبيعية للطمع بالجاه والمناصب والاموال، نتيجة طبيعية لاكل المال الحرام نتيجة طبيعية للإدمان على الحروب واعتمادها كمصدر رئيسي للرزق، كما كان التعصب الطائفي حاضرا في إذكاء تلك الوحشية، فضلا عن الحقد والحسد اللذان كانت تضمره اغلب قيادات الجيش لآل النبي باعتبار مايمثلوه من امتداد حقيقي لدين الإسلام الذي حاول حرفه بنو أمية.
وبطبيعة الحال كل نفس بشرية أو مجتمع تستولي عليه تلك الشرور، تتكون لديه القابلية والاستعداد لقتل الحسين آلاف المرات وبابشع الطرق.
حيث ذكر علمائنا الاعلام عدة نماذج لقتلة الامام الحسين عليه السلام، الذين سيأخذ الامام المهدي عليه السلام ثأر جده الحسين منهم، من قبيل انهم أناس يعيشون في زمان ظهور المهدي عليه السلام ويشكلون اتجاها فكريا منحرفا يمثل وحدة لمجموعة من الناس يشتركون في نفس الصفات بالرغم من عدم اجتماعهم بالزمان والمكان قد يجمعهم دين أو مذهب أو اتجاه سياسي أو اجتماعي، فهناك في كل جيل طبقة من الناس المتطرفين في الظلم بحيث لوكان الحسين موجودا لقتلوه وهم على استعداد فعلا أن يفعلوا شيئا كواقعة الطف، بعبارة أخرى أن مستواهم النفسي والعقلي والاجتماعي والعقائدي مناسب لارتكاب مثل تلك الفظائع، وهناك نماذج أخرى ذكرها السيد الشهيد الصدر في كتابه أضواء على ثورة الإمام الحسين عليه السلام، تؤكد ماذهبنا إليه من ان استفحال الشرور في نفس الإنسان ستجعله في معسكر قتلة الامام الحسين عليه السلام من خلال قبوله ورضاه بقتل الامام الحسين “فالراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم” كما قال أمير المؤمنين عليه السلام فالمواقف من الأحداث الأليمة سواء كانت تاريخية أو معاصرة تكشف بشكل أو بأخر بواطن الإنسان ومديات الخير والشر في نفسه.