جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

 

عهود الأسدي ||

عطش التاريخ لا يكفيه جريان الغديرين، فاستعطف سبط الرسول ليستقي من دمائه، فأمطرت سماء الأحرار أنهارًا من الجنان تمد يد الغوث إلى الزمان. جاد الحبيب بمهجته وأهله والرضيع، سائراً نحو المنية سير الندى على خد الورود، في تناغم غريب بينه وبين الفناء في حب الله ورسوله. حجة الوداع تكررت على الشهود تؤكد حجة سبقتها بالوصية وإتمام الدين وتقطع حجة أخرى على المسلمين ما بعدها من عذر. فمن فاتته وصية النبي المصطفى في غدير خم، ها قد حظي بخطبة السبط في منى، التي أكد فيها على أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقول الحق ورفض الذل والظلم مهما كلف الأمر.

مسلمون نعم، لكن ليس الكل مؤمنين، والمؤمنون ليسوا بنفس المقام. فقد ثبت ذلك عندما سمع الاتباع ان الموت أمر محتوم، تفرقوا ولم يبقَ منهم إلا قلة مناصرة. كانوا مؤمنين بقضيته ولكنهم لم يكونوا بالمستوى المطلوب الذي يمكنهم من الثبات والصبر. ما زال في قلوبهم حب للدنيا وملذاتها، والتخلي عنها يعتبر مرحلة أولية من ارتقاء العلى. فبعد العزوف عن الملذات يأتي الصبر على الابتلاءات، وبعدها يأتي الفناء في تأدية الطاعات، ثم تأتي مرحلة الشعور بالسعادة رغم اشتداد الألم والعذاب في حب الله والبذل في سبيله، وهذه أعلى المقامات ولا ينالها إلا ذو حظ عظيم.

أما أصحابه وأنصاره، فكانوا يرونه الحق المطلق الذي لا يمكن التخلي عنه، وقالوا له: “فقبّح الله العيش بعدك”. هانت الدنيا بما فيها بأعينهم، ولبسوا القلوب على الدروع ففازوا بما فاز به (روحي فداه). لم يكن الخوف من فقدان المناصب أو محال الأرزاق أو العقوبة من السلطان الجائر عائقاً أمامهم، ولم يكن للدنيا مكاناً في قلوبهم. فقد وطنوا أنفسهم على نصرة الحق والثبات على حفظ وصية النبي (ص) عندما قال: (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله تعالى حبل ممدود بين السماء والارض وعترتي اهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تظلوا بعدي ابدا وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض )كان يقينهم أن التمسك بعترة النبي هو النجاة، وأن التخلي عنهم والخوف من الظالم أو الطمع بما يأتي منه ما هو إلا الهلاك المحتوم. كانت النظرة بأعينهم عكس ما يراها غيرهم ممن ضعف إيمانهم وتقاعسوا عن نصرة ابن بنت رسول الله (ص).

ياليتنا وياليتنا، ولكننا لم ولن نكون معكم، فأنتم أمركم صعب مستصعب. ها هو الحاكم الظالم يتسلط علينا ويمتدحه المنافق أمام أنظارنا. تملأ أسماعنا ورؤوسنا تهبط خجلاً منك يا حسين ..وخوفاً من النطق بوجه الظلم. ها هم أطفال غزة يقتلون بأبشع قتلة، ونحن نشجب ونستنكر من بعيد خوفاً أن تأتينا شرارة تحرق ثوب الحرير. وها هي حكوماتنا المسلمة تطأطئ الرأس تملقاً وطمعاً بالمزيد. وما زال يزيد يقتل فينا الروح الثورية ويكمم أفواهنا تارة بالرصاص وأخرى بوظائف هزيلة. وياليتنا، لكننا نحتاج مزيداً من الخبز المستورد والتطور الخداع لنصنع من أنفسنا أبطالاً على السوشال ميديا، التي أخذت من أعمارنا وعقولنا وصفاتنا الكثير. المهم أننا ما زلنا نتمنى ونريد أن نكون معكم فنفوز فوزاً عظيماً. نطبخ الطعام اللذيذ ونلبس السواد الفاحم ونلطم الخدود وننتظر المنتظر (عج) لينهض بنا بعد أن أثقلنا بطوننا. وياليتنا…

عظم الله أجوركم.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال