جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف الإمام عليّ (عليه السلام) وموقفه من معاوية..!

الإمام عليّ (عليه السلام) وموقفه من معاوية..!

حجم الخط

 

د. عامر الطائي || 


حينما نتأمل في موقف الإمام عليّ (عليه السلام) تجاه معاوية بن أبي سفيان، نجد أنه موقف ينبع من رؤية عميقة للمبادئ الإسلامية وقيم العدالة.

لم يكن الإمام عليّ يرى في الخلافة مجرد منصب سياسي أو مكانة اجتماعية، بل كان يعتبرها مسؤولية عظيمة لتحقيق الإصلاح وإقامة العدل في الأمة، التي أصابها الانحراف بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله).

عندما قال الإمام: «دعوني والتَمِسوا غيري»، لم يكن رفضاً للواجب أو هروباً من المسؤولية، بل كان إعلاناً واضحاً بأن الحكم عنده ليس غاية، وإنما وسيلة لإصلاح أحوال الناس.

في هذه العبارة تكمن رسالة سامية: أن القيادة الحقة تتطلب قاعدة واعية مستعدة لتحمل مسؤولياتها، وليس مجرد اتباع طاعة عمياء.

لقد أراد الإمام أن يلفت نظر الأمة إلى ضرورة الوعي بمفهوم الحكم والخلافة كأمانة لا بد من صونها.

أما موقفه من معاوية، فقد كان تجسيداً للتباين بين منهجين مختلفين تماماً. معاوية، الذي سعى إلى تحويل الحكم إلى ملكية وراثية وسلطة شخصية، كان على النقيض من الإمام عليّ، الذي رأى في الحكم فرصة لتحقيق المساواة بين الناس ونشر العدالة.

لذلك كان الصراع بينهما ليس صراعاً على السلطة أو النفوذ، بل صراعاً بين منهج إسلامي أصيل ومنهج دنيوي مادي.

في مقابل الإمام عليّ (عليه السلام)، الذي كان يتمتع بنبل الأخلاق وسمو المبادئ، وقف معاوية بن أبي سفيان، الذي جسّد جانباً مظلماً من السياسة والسلطة.

لم يكن معاوية مجرد خصم سياسي للإمام، بل كان رمزاً للانحراف الأخلاقي والفساد السياسي. لقد سعى إلى تحويل الخلافة إلى ملكية وراثية، مجتازاً بذلك كل القيم التي نادى بها الإسلام في العدالة والمساواة.

ما ميز معاوية عن الإمام عليّ (عليه السلام) هو أنه لم يكن يحكم من منطلق المبادئ، بل من منطلق المصالح الشخصية والطموحات الذاتية.

لقد استخدم الحيلة والخداع لتحقيق أهدافه، وقام بتوظيف الدعاية والإعلام لتحريف الحقائق وتضليل الناس.

فبدلاً من أن يكون رجل دولة يسعى لتحقيق مصالح الأمة، أصبح كل همّه تأمين سلطته واستمرارها، مهما كلف الأمر.

معاوية، الذي بدأ حياته في خدمة عثمان بن عفّان، وجد في الفتنة فرصة للانقضاض على السلطة.

ولم يتورع عن استخدام كل الأساليب القذرة لتحقيق غاياته، بما في ذلك تحريض الفتن في صفوف المسلمين، وتوظيف المال العام لاستقطاب الولاء وتغذية الفتنة بين صفوف المسلمين.

ما في موقفه من الإمام عليّ (عليه السلام)، فقد اتخذ منه خصماً لا يتردد في محاربته بكل السبل، مدعوماً بالعديد من المواقف التي تكشف عن خسة طويته، مثل تأجيج الصراع في صفين والتلاعب بالقضاء لتمرير مصالحه.

لقد رأينا كيف كان معاوية يعطل تطبيق أحكام الشريعة، ويقوم بتوزيع المال على أنصاره، متجاهلاً القيم الإسلامية العادلة.

استخدم الإعلام في تحريف صورة الإمام عليّ (عليه السلام)، بل وحرّض على تشويه سيرته بين الناس.

وقد أدرك الإمام عليّ (عليه السلام) هذه اللعبة السياسية الخبيثة، لكنه كان يعلم أن الحق لا يمكن أن يُغلب بالصراع والتضليل، وأنه لا بدّ من تقديم المثال الحي للعدل والمساواة، مهما كانت التضحيات.

خلال فترة حكم معاوية، تحول الخلافة من مهمة إيمانية عظيمة إلى مجرد وسيلة للتمتع بالسلطة والتسلط على رقاب الناس.

أصبح الحاكم في عهده لا يسعى إلى تحقيق العدالة أو المساواة، بل يسعى إلى تعزيز مصالحه الخاصة على حساب الأمة.

وهذا ما جعل معاوية يمثل أحد أسوأ نماذج الحكم في تاريخ الأمة الإسلامية.

ما يميز موقف الإمام عليّ (عليه السلام) من معاوية هو تمسكه بالمبادئ حتى في أحلك الظروف،

بينما كان معاوية يمثل الوجه الآخر من العمل السياسي القائم على الكذب والمكر.

لقد دافع الإمام عليّ (عليه السلام) عن الإسلام الحقيقى وقيمه النبيلة في وجه هذا الانحراف الذي كان يمثل خسة معاوية، التي تتجسد في التلاعب بالمفاهيم والشعارات الدينية لمصلحته الشخصية.

تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال