أمين السكافي ـ لبنان ||
مع تسرب خيوط الفجر الأولى كانت صافرات الحب تنطلق ،الحب لجبل عامل الذي زرعه الله في قلوب سكانه وغزاه بحليب الأمهات وقصص الآباء، عن هذه الأرض المقدسة التي تستحق أن تخشع وتخلع نعليك على أبوابها لأنك تدخل ترابا طاهرا، فيه من عبق الجنة وآلالاف الشهداء الذين رفضوا الضيم فأعطوا لأرضه دماءهم الزكية فأنبتت كرامة وإباء وعزة وفخرا ،
أنطلق الالاف من الجنوبيون في رحلة الحج المباركة لأرض الأجداد،
متحدين كل المخاطر يشدهم الشوق إلى حيث ولدوا وعاشوا ودفن أحبائهم فسلام عليهم يوم ولدوا ويوم يعودون جنوبا ويوم يستشهدون ويوم يبعثون أحياء .
لجبل عامل جبل الطهارة والإباء والشرف حكاية تبتدأ من أبا ذر الصحابي ولا تنتهي إلى إرتقاء سبط الزهراء أبا هادي، وما بينهما من علماء أعطوا للثقافة الدينية الكثير الكثير فأغنوها وأبطال سكبت دمائهم على كل حبة تراب من أرض الجنوب ،
الذي لطالما كان ثائرا على الظلم والعدوان وللمظلومين والمستضعفين نصيرا،
ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين | الآية 5 من سورة القصص وكان ما كان وأصبح جبل عامل العصي على الكسر والخذلان مستقر لعشق آل بيت النبوة والإقتداء بنهجهم المحمدي الأصيل ،
وخاصة الفكر الحسيني الذي يقدس مواقف العز والكرامة ويرفض الخنوع والإستسلام فكان وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا .
لن يعرف أحد كيفية التعلق بأرضه كما يعرفها الجنوبيون فهذا المغناطيس الإلهي الذي يجذبك نحوه أينما كنت ،ومهما علت التضحيات الجنوبيون اليوم قالوا للعالم كله ومعهم الكيان كلمتهم وأن الأمر لنا،
وعادوا رغم الدمار والرصاص ورائحة البارود والشهادة عادوا وهم يتحدون آلة القتل الإسرائيلية بأجسادهم العارية ،
الجنوبيون اليوم قالوا للمقاومة مائة ألف شكر لك ولكن اليوم يومنا نحن ودورنا نحن ،
عادوا ولا يحملون بأيديهم سوى رايات العز رايات حزب الله وأمل وكلهم أمل بالله ليتقبل منهم هذه القرابين ،أرادوا حزب الله خارج الليطاني فكان الجنوب كله حزب الله من نسائه لأطفاله لرجاله الكل كان اليوم مقاومة فكيف تهزم شعبا مقاوما بالفطرة التي ولد عليها .
أرادة إسرائيل وأراد الجنوبيون وكان ما أرادوا وكانت جيش شعب مقاومة ليست حبرا على ورق ،لإقتلاع المقاومة عليكم أن تقتلعوا كل طفل وشيخا وأمرأة من جبل عامل ،قضى منا من قضى شهداء على طريق القدس ولو نسيها العالم ،
ومع ذلك لا زلنا ندهش العالم ببأسنا وقوة عزيمتنا وإصرارنا إن كانت الميركافا فخر الصناعة العسكرية للكيان فنحن فخرنا الإنسان العاملي بشيبه وشبانه ونسائه ،
والتي تعلم السيادة والكرامة وعشق الوطن لمدعي السيادة والكرامة، بصدور عارية قال الجنوب كلمته لا مكان للكيان على الأرض الطاهرة المجبولة بدماء الشهداء وعليكم أن ترحلوا من أرضنا وتاريخنا وحاضرنا ولا مكان لكم في مستقبلنا .