أمين السكافي ـ لبنان ||
العجم أو الفرس هم من أوائل الناس التي بدأت بالدخول في الإسلام تقريبا من بعد معركة القادسية ،في عهد الخليفة عمر بن الخطاب أما قبل ذلك فكانوا أمة عظيمة لها هيبتها وسيطرتها على أغلب محيط ما يعرف اليوم بدولة إيران ،وقد خصهم رسول الله بمقولة شهيرة وهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى:
يا أيُّها الناسُ إنَّ ربَّكمْ واحِدٌ ألا لا فضلَ لِعربِيٍّ على عجَمِيٍّ ولا لِعجَمِيٍّ على عربيٍّ ولا لأحمرَ على أسْودَ ولا لأسودَ على أحمرَ إلَّا بالتَّقوَى إنَّ أكرَمكمْ عند اللهِ أتْقاكُمْ ،
وهذا تبيان للعلاقة التي يجب أن تسود بين البشر بشكل أساسي فكما يقول أمير المؤمنين علي ،الناس صنفان: إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق”فالبشر كلهم لآدم وآدم من تراب .
فالتساوي بين بني آدم هو أمر بديهي وأخلاقي ولا يصح أن ننظر لبعضنا البعض نظرة فوقية، أو أن نعتبر أننا أفضل من بقية الناس لأي سبب كان ولكن هناك مشكلة شكلت عندي أحجية، أحاول أن أتفهمها فلا أستطيع وهي نظرة جزء كبير من العرب لشعب إيران ووصفه بأوصاف كثيرة، منها المجوس والفرس والتحذير منه والعداء له فقط لأنه غير عربي ،دعني من الإنسانية وعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان ،ألم يسمعوا مقالة رسول الله بأن لا فرق لأعرابي على أعجمي إلا بالتقوى وأنه أن أكرمكم عند الله أتقاكم ،
لكن يشعرنا جزء كبير من العرب بأنه عادوا لعادات جاهلية لا علاقة لها بالإسلام وعلى رأسها التفاخر بالأنساب وتميزهم كونهم عرب فهل حلال محمد حلال إلى يوم القيامة أم هنالك دين جديد، يقسم الناس من خلال العرق واللغة واللون وأن لا أهمية لحديث الرسول الأعظم . العداء الغير طبيعي الذي يكنه بعض العرب لسكان إيران من المسلمين هو أمر يستحق التوقف عنده ،
فهؤلاء مسلمين ولطالما شاركوا في العلوم الإسلامية والثقافة الإسلامية وأغلب محدثي أهل السنة من أصول فارسية ، كالبخاري مثلا ومسلم وهم برأي الطائفة السنية الكريمة قد جمعوا أصح صحيحين بعد كتاب الله، وليس هذا فقط وهنالك علماء وشعراء أغنوا المكتبة الإسلامية بنتاجهم
ولم يتم تجاهل الآية الكريمة :هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ ۖ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ ۚ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ ۚ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم (38) وتفسيرها بحسب غالبية كتب علماء الطائفة السنية الكريمة هو عن أبي هريرة, قال: ” لما نـزلت ( وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ )
كان سلمان إلى جنب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , فقالوا: يا رسول الله من هؤلاء القوم الذين إن تولينا استبدلوا بنا, قال: فضرب النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على منكب سلمان,
فقال: من هذا وقومه, والذي نفسي بيده لَوْ أنَّ الدّينَ تَعَلَّقَ بالثُّرَيَّا لَنالَتْهُ رِجالٌ من أهْل فارِس . وسلمان هو أحد الصحابة المبجلين وهو أصلا من بلاد فارس ومع ذلك إعترض رسول الله على دعوته بسلمان الفارسي،
وقال فيه سلمان منا أهل البيت ،أما بالنسبة للآية السالفة الذكر والتي هي موجودة منذ وجد كتاب الله ،وتفسيرها واضح وجلي فلماذا هذه العصبية الجاهلية ولماذا هذا التحريض من قبل البعض على مسلمين مثلنا ، والحث على الكراهية والحقد أم أن المسألة بأكملها لأن الثورة في إيران قررت ومنذ نشأتها تبني قضية المسلمين الأولى ونعني بها قضية فلسطين ، الغريب الذي يفاجأك به العرب في تحريضهم وعداءهم للمسلمين في إيران نسوا أو تناسوا إلى أين يجب أن تتجه كراهيتهم وحقدهم ضد عدو ظالم ومغتصب وقاتل نعني به الكيان الصهيوني ،
هذا وقد قال بهم الله ۞ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) .
ما تستغربه في هذه الأيام العداوة والبغضاء التي نكنها ونحرض عليها على من أمرنا الله أن نكون سواسية معهم كأسنان المشط ،
وأن الإسلام يجمعنا في الوقت الذي نذهب به للتطبيع مع العدو الإسرائيلي وإقامة أفضل العلاقات معه ويتجه إعلامنا ومثقفينا لجعل الناس تتقبله ، وليس كجسد غريب زرع قسرا بل وكأنه بات واحدا من بلدان المنطقة،
غم كل مجازره وإباداته الجماعية وتدميره وقتله فطالما المشكلة مع الجمهورية الإسلامية سياسية لأنها دعمت وتدعم فصائل المقاومة في المنطقة وأنتم وأسيادكم لا تريدون أي داعم للقضية الفلسطينية.