سمير السعد
يبدو أن رئيس البرلمان السابق، محمد الحلبوسي، لم يستسلم بسهولة لخسارته منصبه وتراجع شعبيته داخل المكون السني، إذ يعمل اليوم على تحريك المشهد السياسي عبر خطوات يراها البعض محاولة لإثارة الفوضى، مستعينًا بعلاقاته مع بعض المحافظين من أجل تحقيق مكاسب شخصية.
منذ فقدانه منصب رئيس مجلس النواب، بدأ الحلبوسي بمحاولات متكررة لإعادة ترتيب أوراقه سياسيًا، مستخدمًا أدوات مختلفة، أبرزها الترويج الإعلامي المكثف لنفسه كزعيم قادر على استعادة زمام الأمور. فبدلًا من قبول الواقع السياسي الجديد، لجأ إلى حملات إعلامية وتصريحات تهدف إلى إبقاء اسمه متداولًا في المشهد، رغم تراجع تأثيره.
بحسب مصادر سياسية، فإن الحلبوسي لا يعمل منفردًا، بل يحظى بدعم وتنسيق مع بعض المحافظين الذين يدينون له بالولاء السياسي، والذين يسعون بدورهم للحفاظ على مواقعهم من خلال استغلال نفوذه السابق. هذه التحركات، التي تهدف إلى خلق حالة من الفوضى في بعض المحافظات، قد تكون جزءًا من خطته لإعادة فرض نفسه كلاعب رئيسي في المعادلة السياسية.
التوقعات تشير إلى أن الحلبوسي لن يحصد في الانتخابات القادمة ما حصل عليه في السابق، إذ فقد جزءًا كبيرًا من رصيده السياسي نتيجة سياساته المثيرة للجدل، فضلًا عن تنامي المعارضة داخل المكون السني نفسه. فالمزاج العام تغير، والمنافسون الجدد يزدادون قوة، بينما لم يعد الشارع مقتنعًا بوعود الحلبوسي السابقة، خاصة بعد تجربة رئاسته للبرلمان وما رافقها من أزمات.
السؤال الذي يطرح نفسه ، ما الهدف النهائي لمحمد الحلبوسي؟ هل يسعى لاستعادة منصب رئيس مجلس النواب، أم أنه يطمح لدور سياسي آخر؟ مهما كانت طموحاته، فإن الطريق لن يكون مفروشًا بالورود، فالتحديات أمامه كبيرة، ومعارضوه يتزايدون، بينما يتجه المشهد السياسي العراقي نحو متغيرات قد لا تصب في صالحه.
يعيش الحلبوسي واحدة من أصعب مراحله السياسية، إذ يحاول النجاة من التراجع الكبير الذي أصابه بعد خسارته لمنصبه، بينما يواجه رفضًا متزايدًا من الشارع ومن داخل المكون السني نفسه. ورغم محاولاته المستمرة لإعادة ترتيب أوراقه عبر التحالفات والترويج الإعلامي، إلا أن المعطيات الحالية لا تصب في صالحه، خاصة مع تزايد المنافسين وتغير المزاج الشعبي. قد تكون الانتخابات القادمة نقطة فاصلة في مستقبله السياسي، فإما أن يتمكن من العودة إلى المشهد عبر تحالفات جديدة وأساليب مختلفة، أو يجد نفسه خارج دائرة التأثير تمامًا، ليصبح جزءًا من الماضي السياسي الذي يرفضه الشارع العراقي الباحث عن تغيير حقيقي.
في النهاية، يبقى الرهان الأكبر على وعي الشارع العراقي، الذي أصبح أكثر إدراكًا للعبة السياسية ولم يعد يقبل بسهولة بمشاريع إعادة التدوير السياسي.