جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف الحياءُ سَدٌّ أمام الفساد.. وانعدامُه نذيرُ سخطٍ ربانيٍّ وانهيارٍ سياسيٍّ..!

الحياءُ سَدٌّ أمام الفساد.. وانعدامُه نذيرُ سخطٍ ربانيٍّ وانهيارٍ سياسيٍّ..!

حجم الخط

 

القاضي حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ المهدي ||

الحَيَاءُ خُلُقٌ كَرِيمٌ وَسُلُوكٌ مُسْتَقِيمٌ، فَمَنْ لَزِمَ الحَيَاءَ كَانَ قَوِيًّا فِي إِيمَانِهِ، كَرِيمًا فِي خُلُقِهِ، مَحْمُودَ السِّيرَةِ، طَاهِرَ السَّرِيرَةِ؛ لِأَنَّ الحَيَاءَ كَمَا عَرَّفَهُ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ: انْقِبَاضُ النَّفْسِ عَنِ القَبَائِحِ وَعَنِ التَّفْرِيطِ فِي حَقِّ صَاحِبِ الحَقِّ، فَمَنِ اشْتَدَّ حَيَاؤُهُ صَانَ عِرْضَهُ، وَدُفِنَتْ مَسَاوِئُهُ، وَانْتَشَرَتْ مَحَاسِنُهُ، وَمَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ فَقَدْ رُشِدَهُ، وَذَهَبَ وَقَارُهُ، وَلِلَّهِ دَرُّ القَائِلِ:

> إِذَا قَلَّ مَاءُ الوَجْهِ قَلَّ حياؤه

> وَلَا خَيْرَ فِي وَجْهٍ إِذَا قَلَّ مَاؤُهُ

> حَيَاؤُكَ فَاحْفَظْهُ عَلَيْكَ فَإِنَّمَا

> يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ الكَرِيمِ حَيَاؤُهُ

وَفِي الحَدِيثِ النَّبَوِيِّ: «إِنَّمَا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ».

فَالعَاقِلُ مَنْ حَافَظَ عَلَى مُرُوءَتِهِ، فَالتَّبَجُّحُ بِقِلَّةِ الحَيَاءِ تُسَبِّبُ المَصَائِبَ وَتَجْلِبُ غَضَبَ الخَالِقِ.

فَقَلِيلُ الحَيَاءِ سَيِّئُ السِّيرَةِ، خَبِيثُ السَّرِيرَةِ، يَرْتَكِبُ الجَرَائِمَ وَالمُوبِقَاتِ، يَكْتَسِبُ الإِثْمَ وَالسَّيِّئَاتِ، فَقَلْبُهُ خَالٍ مِنَ الرَّحْمَةِ وَالإِيمَانِ، وَفِكْرُهُ طَيِّعٌ لِلشَّيْطَانِ، وَفِي الحَدِيثِ: «الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ».

لَقَدْ كَانَ الحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ، لِأَنَّهُ لِلدِّينِ خُلُقٌ، وَلَقَدْ جَاءَ فِي الحَدِيثِ: «الحَيَاءُ وَالإِيمَانُ قُرَنَاءُ جَمِيعًا، فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا رُفِعَ الآخَرُ».

فَلُزُومُ الحَيَاءِ عِنْدَ مُجَانَبَةِ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ فَرْضٌ، وَلُزُومُ الحَيَاءِ عِنْدَ مُقَارَفَةِ مَا كَرِهَ النَّاسُ فضلٌ، وَلِلَّهِ دَرُّ القَائِلِ:

> يَعِيشُ المَرْءُ مَا اسْتَحْيَاءَ بِخَيْرٍ

> وَيَبْقَى العُودُ مَا بَقِيَ اللَّحَاءُ

> فَلَا وَاللَّهِ مَا فِي العَيْشِ خَيْرٌ

> وَلَا الدُّنْيَا إِذَا ذَهَبَ الحَيَاءُ

> إِذَا لَمْ تَخْشَ عَاقِبَةَ اللَّيَالِي

> وَلَمْ تَسْتَحْ فَاصْنَعْ مَا تَشَاءُ

فَمَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ قَلَّ صَوَابُهُ، وَكَثُرَ إِعْجَابُهُ، وَظَهَرَ جَوْرُهُ، وَكَثُرَ شَرُّهُ.

وَهَذِهِ الصِّهْيَوْنِيَّةُ وَزَعِيمُهَا نِتَنْيَاهُو تَسْفِكُ الدِّمَاءَ فِي فِلَسْطِينَ، وَتَتَجَاهَلُ حُقُوقَ المُسْلِمِينَ المُوَحِّدِينَ، فَزَعِيمُهُمْ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ، وَلَا يَسْتَحْيِي مِنَ النَّاسِ، وَكَأَنَّهُ أُصِيبَ فِي عَقْلِهِ فَلَيْسَ فِي سُلُوكِهِ شَيْءٌ مِنَ القِيَمِ وَالأَخْلَاقِ يُحْمَدُ عَلَيْهَا.

فَأَيْنَ أُولُو الرَّأْيِ فِي أُورُوبَّا وَأَمْرِيكَا وَالصِّينِ وَرُوسِيَا مِمَّا يَجْرِي فِي فِلَسْطِينَ مِنَ العَبَثِ وَالفَسَادِ، وَأَيْنَ مَنْ يَتَبَاهَوْنَ بِحُقُوقِ الإِنْسَانِ وَيدعون أَنَّهُمْ عَلَى حُقُوقِ الإِنْسَانِ وَحُرِّيَاتِهِ يحافظون مِنْ هَذِهِ الأُمُورِ الَّتِي يَنْدَى لَهَا جَبِينُ الإِنْسَانِ، وَيَسْتَحْيِي مِنْ قُبْحِهَا كُلُّ مَنْ لَدَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الحَيَاءِ وَالمُرُوءَةِ وَالأَخْلَاقِ، فَلَا دَوَاءَ لِمَنْ لَا حَيَاءَ لَهُ، وَلَا حَيَاءَ لِمَنْ لَا وَفَاءَ لَهُ، وَلَا وَفَاءَ لِمَنْ لَا إِخَاءَ لَهُ، فَأَيْنَ المُرُوءَةُ الإِنْسَانِيَّةُ، وَأَيْنَ الأَخْلَاقُ الإِسْلَامِيَّةُ وَالإِنْسَانِيَّةُ؟

فَقَدْ آنَ لِأَحْرَارِ العَالَمِ أَنْ يَتَجِهُوا إِلَى اسْتِئْصَالِ هَذَا الشَّرِّ وَالفَسَادِ، الَّذِي تَتَزَعَّمُهُ الصِّهْيَوْنِيَّةُ اليَهُودِيَّةُ، وَأَنْ يَقِفُوا إِلَى جَانِبِ أَنْصَارِ اللَّهِ وَحِزْبِهِ فِي قِتَالِ هَذِهِ الطَّائِفَةِ البَاغِيَةِ، الَّتِي تُعَيثُ فِي أَرْضِ فِلَسْطِينَ فَسَادًا.

إِنَّ السُّكُوتَ عَلَى سَفْكِ دِمَاءِ الأَبْرِيَاءِ جَرِيمَةً تخْسرُ بِهَا البَشَرِيَّةُ قيمها ومَكَانَتَهَا الإنْسَانِيَّةُ، لَيْسَ ذَلِكَ فَحَسْبُ، بَلْ إِنَّهَا بِعِصْيَانِهَا لِلَّهِ وَإِقْرَارِهَا لِلاعْتِدَاءِ عَلَى أَبْنَاءِ فِلَسْطِينَ وَقَتْلِ الأَنْفُسِ فِيهَا سَتُعَرِّضُ نَفْسَهَا لِسَخَطِ اللَّهِ وَعَذَابِهِ: ﴿وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرًا﴾.

إِنَّهَا الخَسَارَةُ الكُبْرَى وَالمُصِيبَةُ العُظْمَى: ﴿وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُّكْرًا، فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا﴾.

إِنَّهَا لَمُصِيبَةٌ أَنْ يَتَجَاهَلَ أَحْرَارُ العَالَمِ ذَلِكَ، وَأَنْ يَتَجَاهَلَ الكَثِيرُ مِنَ العَرَبِ وَالمُسْلِمِينَ مَا يَحْصُلُ فِي فِلَسْطِينَ، إِنَّهَا الخَسَارَةُ الكُبْرَى: ﴿ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾، أَيْ الهَلَاكُ المُبِينُ.

فَأَيُّ مَصْلَحَةٍ لِلعَرَبِ وَالمُسْلِمِينَ وَأَحْرَارِ العَالَمِ فِي مُدَاهَنَةِ الصِّهْيَوْنِيَّةِ وَالخُضُوعِ لَهَا وَالتَّزَلُّفِ إِلَيْهَا، وَهِيَ تَسْفِكُ الدِّمَاءَ جِهَارًا نَهَارًا، وَلِلَّهِ دَرُّ القَائِلِ:

> إِذَا لَمْ يَكُنْ لِامْرِئٍ نِعْمَةٌ

> لَدَيَّ وَلَا بَيْنَنَا آصِرة

> وَلَا لِي فِي وُدِّهِ حَاصِلٌ

> وَلَا نَفْعُ دُنْيَا وَلَا آخِرَة

> وَأَفْنَيْتُ عُمْرِي عَلَى بَابِهِ

> فَتِلْكَ إِذًا صَفْقَةٌ خَاسِرَة

وَصَدَقَ اللَّهُ العَظِيمُ حَيْثُ يَقُولُ: ﴿وَالْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾.

لَقَدْ آنَ الأَوَانُ لِأَحْرَارِ العَالَمِ أَنْ يَقِفُوا صَفًّا وَاحِدًا، وَقَلْبًا وَاحِدًا مَعَ أَنْصَارِ اللَّهِ وَحِزْبِهِ فِي مُوَاجَهَةِ العُنْصُرِيَّةِ وَالشُّعُوبِيَّةِ الكَافِرَةِ وَاليَهُودِيَّةِ الَّتِي تَعْتَدِي عَلَى فِلَسْطِينَ، فَالقُرْآنُ يُنَادِي النَّاسَ جَمِيعًا لِلتَّضَامُنِ، وَالعَمَلِ عَلَى إِزَاحَةِ المُسْتَكْبِرِينَ، فَالْجَمِيعُ خُلِقُوا مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.

إِنَّ الْمُجْتَمَعَ الدَّوْلِيَّ وَالْمُنَظَّمَاتِ الْحُقُوقِيَّةَ مُطَالَبَةٌ بِاتِّخَاذِ مَوَاقِفَ عَمَلِيَّةٍ، وَمُمَارَسَةِ ضُغُوطِهَا عَلَى هَذَا الْكِيَانِ الْغَاصِبِ، وَتَسْلِيطِ الْأَضْوَاءِ عَلَى مَا يُجْرِي فِي فِلَسْطِينَ، وَالْعَمَلِ عَلَى تَقْدِيمِ الْمُسَاعَدَاتِ الْمَالِيَّةِ وَالْعَسْكَرِيَّةِ لِلشَّعْبِ الْفِلَسْطِينِيِّ الْمَظْلُومِ.

العِزَّةُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَالمُؤْمِنِينَ، وَالهَزِيمَةُ لِلْكَفَرَةِ وَالمُنَافِقِينَ، وَلَا نَامَتْ أَعْيُنُ الجُبَنَاءِ.

تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال