عدنان علامه
تشنّ إسرائيل منذ ساعات موجة غارات “استثنائية” وواسعة على الأراضي اللبنانية
؛ وخصوصًا في الجنوب، وصفتها قناة 14 العبرية بأنها غير مسبوقة منذ سنوات.
ويُرجَّح أن هذه الغارات تأتي في إطار تنسيق سياسي_عسكري مع المبعوث الأميركي الجديد توم برَّاك، بهدف مضاعفة الضغوط على الدولة اللبنانية وعلى حزب الله تحديدًا، لدفع لبنان نحو تنازلات سياسية تمسّ سيادته.
غير أن هذه الغارات، وفقًا للقانون الدولي وخصوصًا القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي عام 2006، تُعتبر خرقًا فاضحًا لوقف إطلاق النار المعلن والنافذ بين الجانبين منذ 2006. وقد تم تجديد العمل به، بالإعلان عن وقف أطلاق النار وفقًا للقرار 1701 بتاريخ 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024.
وقد نصّ القرار بوضوح تام غير قابل للتأويل على وقف كامل للعمليات القتالية، وأكّد على احترام الخط الأزرق، والسيادة اللبنانية الكاملة دون انتقاص.
والأخطر أن القناة العبرية “كان” تفاخرت بأن إسرائيل إغتالت 209 عناصر من حزب الله منذ بدء تنفيذ وقف إطلاق النار، أي خارج إطار المعارك المفتوحة، ما يجعل هذه الأفعال أعمال اغتيال خارج القانون، به وتشكل بموجب اتفاقيات جنيف الرابعة، جريمة حرب. فالمادة (51) من البروتوكول الإضافي الأول لمعاهدة جنيف تُحرّم استهداف أي مقاتل ما لم يكن منخرطًا مباشرة في أعمال عدائية.ولم تذكر بأن العدو إستهدف عددًا كبيرًا من الآليات التي تستعمل في البناء وتسبب بجرح حوالي 500 مواطن بين رجال ونساء وأطفال.
لكن الأخطر من العدوان نفسه، هو صمت الأمم المتحدة، لا سيّما أمينها العام، الذي من صُلب مهامه حفظ السلم والأمن الدوليين. هذا الصمت يُشرعن التمادي الإسرائيلي، ويُفرّغ القرارات الدولية من قيمتها، ويعطي الضوء الأخضر لاستخدام القوة لفرض وقائع سياسية بالقوة.
أما الدول السبع الكبرى، وفي طليعتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، فإنها بصمتها وانحيازها لإسرائيل، تشارك عمليًا في تقويض النظام الدولي، ما يضعها في خانة التواطؤ والتآمر على لبنان، وعلى قرارات صدرت بإجماع مجلس الأمن نفسه.
إنّ ما تقوم به إسرائيل ليس مجرد تصعيد، بل عدوان كامل الأركان، يخرق القرار 1701 ويستبيح السيادة اللبنانية باستخدام القوة لتحقيق أهداف سياسية، ما يُوجب تحركًا دوليًا عاجلًا.
وتتحمل حكومة تصريف الأعمال والحكومة الحالية مسؤولية تمادي إسرائيل في عدوانها.
فرئيس حكومة تصريف الإعمال أصرّْ على التفاوض مع العدو ولكن ذهب بدون أوراق قوة بيديك للضغط ( أن يصطحب معه ممثل عن المقاومة شارك في التفاوض عامي 1996 و2006 لترهيب الطرف الأَمريكي).
ولكن ظريف الطول لم يتفاجأ من إعطاء الإسرائيلي الضوء الأخضر الأمريكي بإستباحة كل لبنان خلافًا لنص إعلان وقف إطلاق النار الذي وزعته الأمانة العامة لمجلس الوزراء بختمها فقط دون أي توقيع.
وأستمرت حكومة الرئيس نواف سلام على هذا المنوال فلم تستعمل حقها في الدفاع عن سيادة لبنان بموجب القرار 1701؛ وبموجب البند 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
كما لم تقدم وزارة الخارجية أية دعوى حتى اليوم؛ لتحريك مجلس الأمن ووضعه أمام مسؤولياته.
ولو تمت محاكمة نتنياهو على خرقه للسيادة اللبنانية منذ 27 تشرين الثاني الماضيظ لما تجرأ على العدوان مجددًا اليوم.
ولا بد من التذكير بأن حزب الله لجم العدو حين وقّع معاهدتي إتفاق وقف النار في العامين 1996 و2006.
وعاش لبنان العصر الذهبي بين 2006 و 2024 بسبب الخوف من رد المقاومة الحاسم.
فلا يفل الحديد إلا الحديد، وليطبق لبنان شريعة حمورابي على العدو.
وإنَّ غدًا لناظره قريب