علي رائد الكناني ||
يُغيّر الإنسان ملابسه مرة بعد مرة ليحافظ على النظافة، بينما يحتفظ بأفكارٍ هي أشد اتساخاً من ملابسه، والأغرب من ذلك كونه يدافع عنها.”
ان أغلب الناس يحاولون دائمًا التغيير في مظهرها الخارجي لكي تبقى أنيقة وتواكب التطور الذي يحدث، وهذا ليس بشيء سيئ إذا كان ضمن ضوابط ومعايير أخلاقية تناسب البيئة التي تعيش فيها.
لكن هناك شيء آخر أهم بكثير من مظهرك الخارجي عليك أن تهتم بها، وتحاول تطويرها والتحسين منها، وهو: جوهرك الداخلي المتمثل بأفكارك وقيمك وعادات التي يجب أن تكون نابعة من دينك ومذهبك وأعرافك الأصيلة التي لا تخالف الشريعة الإسلامية.
من الخطأ الشديد والكبير أن يتمسك الإنسان بأفكاره المنحرفة او المتشددة دون أن يفسح المجال لمناقشتها وفهمها؛ هل هي أفكار صحيحة، أم مجموعة أخطاء تربّى عليها ويخشى أن يواجهها ويغيرها؟ فيبقى حبيس تلك الأفكار السيئة التي من الممكن أن تؤدي به إلى الهاوية.
والأخطر من ذلك أن ينشرها ويعلّمها للأجيال التي تليه، حتى تصبح وكأنها إرث ثقافي أو معيار أخلاقي لا يجوز مناقشته.
وللتحرر الفكري في تقبل الآخرين والحوار بدلاً من حماية هذا السجن الفكري، يجب علينا أن نتبنى “نظافة فكرية” مماثلة للنظافة المظهرية.
تبدأ هذه العملية بالاعتراف بأن العقل ليس مستودعًا مُقدسًا لا يُمسّ، بل هو حديقة تحتاج إلى اقتلاع الحشائش الضارة باستمرار.
إن الاهتمام بجودة الأفكار والاستماع إلى الآخرين هو انعكاس للاحترام الذاتي، تماماً كما أن ارتداء الملابس النظيفة هو احترام للذات وللآخرين.
حتى الأفكار الصحيحة والسليمة يجب مراجعتها مراراً وتكراراً حتى الوصول إلى القناعة التامة، من دون تعصّب أو خوف.
وأختم كلامي بمقولة:
“أخطر السجون هي فكرة لا تشكّ بها.”
