د. أمل الأسدي ||
إليكِ في يوم ميلادِكِ، نحن نحبُّكِ علی طريقتنا العراقية، فحين نحبُّ… نلهج باسم محبوبنا ونكرّره بقصديةٍ؛ لذا أنتِ حاضرةٌ في حياتنا اليومية، نذكركِ بلا حسابٍ أو تعداد!
فمنذ الصغر يسمع الطفل من جدّته وأمِّه حين يلعبُ ويركضُ ويتعثرُ أو يسقط من مكان مرتفع:” اسم الله.. الزهرة عل اسمك”
ويجلسنَ بعدها ويتحدثنَ فتسمع كلامهن : “يمه الزهرة تتلگا الجهال اذا يوگعون، ما تشوفين مابي شي؟”
وحين تجلس الأسرة لتناول طعامها ويشرِق أحد أفرادها، تسمع صوت الأم وهي تقول:” اسم الله.. الزهرة”
وإذا ذهبت الأم إلی جيرانها أو أقاربها لتبارك لهم مسكنهم الجديد، فتقول عند دخولها: “طبت الزهرة گبلي” أي تدعو لأهل البيت بحضور البركة والحفظ!
وحين تجلس الأم مع جارتها، وتبدأ جارتها بسرد حدث معينٍ أخافهم، تبقی الأم تردد: “الزهرة أم الحسن.. ياستار ياربي”
أما تنور الطين الذي تضعه الأم في باحة البيت أو في السطح، فكلما وقعت في مأزقٍ، تحني رأسها في فوهته وتصرخ: “دخيلچ يلزهرة احضرينا”
نعم، فقد رسخ في ذهنِ الأمِّ العراقيةِ اسمُكِ المقترن بالبركة والمكانة الملكوتية، والعمل من أجل الأسرة، والشقاء والصبر والمحبة الفياضة؛ لذا صار اسمكِ رفيق قلوبنا وبيوتنا، صار هويتنا…
أيتها الأم الحنون، تبارك الذي خلق قلبكِ!
أتعلمين ياسيدتي بماذا يحلم العراقيون؟
يحلمون بيوم ينصبون فيه مواكبهم، ويطعمون الزوار الذين يقصدون ضريحك، يطعمونهم علی حبِّكِ وحبِّ أبيك وبعلك وأبنائك!
يحلمون بيومٍ يأتونك فيه” مشاية” حين يظهرُ صاحبُ الطَّريقِ الأخضر، ويقول: هذا قبر أمي فاطمة!
فسلامٌ عليكِ في كلِّ وقتٍ..
سلامٌ.. ونحن نردد بعض الأبيات من قصيدةٍ قالها شاعرٌ مصري يحبُّكِ، اسمه البيومي محمد عوض :
وَهِيَ الَّتِي جِبْرُيلُ يَلْمَسُ ذَيْلَهَا؛ لِتَزِيدَ أَلْوِيَةُ الجَمَالِ لِوَاءَ
وَهِيَ الَّتِي اللهُ العَظِيمُ وَلِيُّهَا السُّبْحَانُ، أَنْشَأَ نُورَهَا إِنْشَاءَ
رُوحُ الهُدَى، سِفْرُ الضُّحَى، سُبُّوحَةٌ * رِبِّيَّةُ الرُّؤْيَا! تَفِيضُ إِبَاءَ
أَنْقَى مِنَ النُّورِ الطَّهُورِ فُؤَادُهَا * عَرْشِيَّةٌ لَا تَعْرِفُ البَغْضَاءَ
فَجَمِيعُهَا حُبٌّ كَأَنْ قَدْ فُصِّلَتْ * مِنْ وَرْدِهِ مَعْطُورَةً أَعْضَاءَ
وَجَمِيعُهَا سِرٌّ كَأَنَّ اللهَ أَنْـــبَتَهَا لِتَكْتَمِلَ السَّمَاءُ بِنَاءَ
فَبِأَيِّ آلَاءِ البَتُولِ يُكَذِّبُ الهَلْكَى؟! أَلَا لُعِنُوا صَبَاحَ مَسَاءَ!!
