قاسم العجرش:
اليوم دخلنا بالشهر الرابع أو الخامس من عمر أزمتنا السياسية، ولحد هذه اللحظة، لم يستطع القادة السياسيين الشيعة، الإتفاق على شخصية سياسية تملأ العين، وتحمل الحد الأدنى من المواصفات، التي يجب أن يكون عليها؛ رئيس مجلس الوزراء البديل، للسيد عادل عبد المهدي؛ الذي إستقال في اللحظة الخطأ من التاريخ العراقي المعاصر..
نعم إن لحظة إستقالة السيد عادل عبد المهدي كانت لحظة خاطئة، ولكن الأزمة السياسية كانت قد إستفحلت، فقد غلقت الأبواب وقالت هيت لك، والرجل الذي لم يمض إلا فترة عشرة أشهر في كرسي رئاسة مجلس الوزراء، واجه ولأسباب ليس له يد فيها، ولمشكلات لم تتشكل في عهده؛ الذي كان في بداياته الأولى، إحتجاجات ضخمة برعاية أمريكية صهيوسعودية مكشوفة، وأموال أماراتية كانت تضخ بالعلن وبالهبل، ليس بغية إزاحته عن منصب رئاسة الوزراء، بل كان الهدف هو الإستيلاء على السلطة، من قبل أدوات التحالف المشبوه؛ الذي يريد تمرير مخطط رهيب/ لا يستهدف العراق وحده؛ بل المنطقة بأسرها، لكن قدر العراق أنه كان وما يزال سرتها!
ومع أن السيد عبد المهدي؛ الذي كان واضحا في موقفه المشرف؛ إزاء تحركات المشبوهين الذين كشفت الأيام شبهتهم، وإندكاكهم بمشروع تدمير العراق، فضلا عن لا أخلاقية وإنحلالية مفرطة، مارسوها بلا خجل منذ بدايات إحتجاجاتهم، إلا أن السيد عبد المهدي فهم اللعبة جيدا وأعلنها صراحة، أن على الذين رشحوه لرئاسة الوزراء أن يأتوا ببديل عنه، وعندها سيستقيل باللحظة التالية.
بيد أن تحالفي سائرون والفتح؛ لم يستطيعا حتى التفاهم على هذه الرؤية العقلائية، ولم يجلسا ولو لمرة واحدة للبحث عن حل؛ أو لطرح عدة خيارات لحلول، وكل الذي حصل؛ هو أن كلا التحالفين؛ كانا وما يزالان يجلسان في قارب واحد، لكن كل منهما كان يجدف وبقوة بالإتجاه المعاكس، ولذلك بقي الحل في نقطة واحدة، فيما الإحتجاجات كانت تتصاعد، كلما إزداد ضخ الأموال المشبوهة في أوردة المحتجين، وكانت الدماء تسيل في الشارع، والبلد يوشك أن ينهار..
إيضا كانت نصائح المرجعية الدينية تذهب أدراج الرياح، ولم يستمع إليها لا الساسة ولا المحتجين، الذين وقفت المرجعية الدينية معهم ومع مطالبهم، في رغبة إحتوائية واضحة، ولكن حتى هذه الرغبة الصادقة، لم تستطع أن تذهب مدى أبعد بإتجاه الحل..
لقد كان السيد عبد المهدي حصيفا؛ عندما أستقال من منصب لا يمكنه من خلاله، تنفيذ رؤية إقتصادية واعدة، بدأها بالإتفاق العراقي الصيني، الذي يبدو أنه كان السبب، في تأليب أمريكا وأعوانها ضده..
اليوم وفي لحظة ضعف بشري كبرى، حيث نحارب بسيف خشبي مكسور، جائحة وباء كورونا الذي يحصد البشر بلا رحمة، يتعين أن نقف في مساحة السكون السياسي، ونعود الى السيد عبد المهدي نمنحه الصلاحيات الكاملة، لنواجه عدوان كورونا موحدين متكاتفين، إذ لا وقت لدينا للمناورات السياسية الفاشلة، وليس مندوبا أن نضع مستقبلنا بيد أمريكية وإن لبست الثياب العراقية كثياب السيد الزرفي، الذي أتى به راعي المشروع الصهيوأمريكي في العراق..
كلام قبل السلام: أجد في الدعوات التي أنطلقت من قبل قيادات سياسية عراقية، قلبها على العراق، لإعادة الحياة لحكومة عبد المهدي، مع منحه صلاحيات المعركة كاملة، خطوة ضرورية جدا على طريق الحل الشامل، وخلالها نستطيع أن نخوض معركة فاصلة، سنحرج منها منتصرين بإذنه تعالى، وبقوة شعبنا وصبره، من أجل الحياة، لا من أجل كرسي..!
سلام..