دول العالم المترامية الكبيرة والصغيرة. الغنية والفقيرة، والناس أجمعون الصغار منهم والكبار، الأغنياء والفقراء، الشبعى والجياع، العراة والمكسوون بالحرير، وسواه من نتائج الطبيعة، ومفاخر الصناعة، الفنانون والرياضيون والساسة والمتدينون والملحدون، الشاكون بالله، والراغبون برضاه، والموحدون له، جميعهم في الدور واحدا بعد واحد، الجميع معرض لأن يفتح أبوابه للفيروس الصغير الذي لايحترم أيا من هذه التوصيفات، فيدمر الجهاز التنفسي، ويسافر في رحلة سريعة نحو الرئتين فلايعود ينفع دواء ولادعاء لأن الحكمة البالغة إقتضت أن يعم البلاء، وينتشر الوباء كإمتحان وإختبار لقدرات البشر ووعيهم وتفكيرهم ونضجهم وعنادهم، وسهولة أفكارهم، وتردي مطامحهم.
كأن صوتا يأتي من بعيد مناديا بالبشرية: أن إهجعوا في بيوتكم، وتقبلوا القرار، فلعلكم أن تنجوا، أو تموتوا، وليس لكم الخيار، فهناك من يتكفل بقبض الأرواح، أو أطلاق السراح، فمن كتبت له النجاة فهو ناج، ومن كتب عليه الفناء فهو فان، فلاتخيروا أنفسكم بماليس بأيديكم، ولستم أصحاب القرار فيه، وماعليكم إلا أن تستكينوا، وإن دخل عليكم الوباء فتقبلوا صحبته، وراوغوه، وعالجوه، فعسى أن تشفوا منه، أو أن لايصلكم أبدا ولايطيح بعزيز على أنفسكم فتفقدون أحبتكم، الذين هم أمثالكم ومثلكم ينتظرون ويخافون ويقلقون ويترقبون وينظرون نحو الباب والشباك بإنتظار الطارق، وماأدراك ماالطارق.
كورونا يطرق الأبواب جميعها، ويسافر عبر الطائرات ومن دونها، وعبر السفن ومن دونها،