جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة



ضياء الدين الخطيب |

قصة عربية قديمة عند البدو يرويها أحد المواطنين المخلصين يقول: كان هناك شيخ قبيلة تعب قليلاً بسبب كبر سنه، ورأى البعض أن أبناءه ليسوا بالمستوى المطلوب فعقدوا النية لأخذ «المشيخة» من عندهم ورغبوا في تجربة ذلك من خلال «جس النبض» فقام أحدهم بذبح كلبهم، والكلب عند العرب له قيمة كبيرة كونه يقوم بحراسة المنزل والممتلكات، فاتجه الأبناء إلى أبيهم لمشورته فقال لهم «اذبحوا ذباح الكلب».
فتعجبوا من رأي والدهم في أن يقتل إنسان بسبب كلب، فتجاهلوا مشورته، فعاد أحد ممن أرادوا جس النبض وسرق فرساً لأحد الضيوف الذي جاء لزيارة أبناء الشيخ، فلما خرج الضيف ولم يجد فرسه تضايق الأبناء وعادوا لأبيهم وأخبروه بما حصل، فقال لهم بهدوء «اذبحوا ذباح الكلب»، فاستغربوا من علاقة قاتل الكلب بسارق الفرس، فتجاهلوا الموضوع من باب أن والدهم يبدو أنه كبر في السن و»خرف».
وتمضي الأيام حتى نشب شجار بين ابنة جارهم وابنة هؤلاء الذين «يبيتون النية»، فقام أحدهم وصفع ابنة جيران أبناء الشيخ، وهذا التصرف كبير جداً عند العرب في أن تضرب ابنة جارهم، فرجعوا إلى والدهم فقال لهم نفس الكلمة «اذبحوا ذباح الكلب»، هنا فطن ابنه الكبير وقال لإخوته: والدي لم يكرر هذه الكلمة إلا لأن وراءها هدفاً، فاتجه وقتل قاتل الكلب، هنا تبدل الحال مرة واحدة، فمن سرق الفرس ترك الفرس وهرب ومن ضرب ابنة جيرانهم أيضاً هرب، ففهم الأبناء هنا حكمة والدهم.
من خلال القصة انفت الذكر التي لو أسقطت على الشأن العراقي والقضايا التطبيعية التي تشرخ وتجرح القيم والمبادئ والأعراف والبناء الإسلامي في بلداننا الإسلامية وقيمها المحافظة والتي اريد لها أن تتفسخ وتتحلل ويزرع وينمو فيها هكذا ظواهر منحرفة .
وبما أن العدو يمتاز بالحنكة والخبث والشيطنة ولديه دراسات عميقة حول طبائع الشعوب ونقاط القوة والضعف فيها ولا ننسى انه صاحب قضية في السعي الحثيث والمتواصل والمتفاني والدؤوب في نشر الأفكار الضالة والمنحرفة والأعمال الفاسدة والمبتدعة واستغلال الشباب البسيط والمحتاج والمغرر به والذين يعتبرون الأرضية المناسبة لتقبل وتنمية هذه الأفكار والأعمال علما أن مثل هكذا أمور تبدأ بحركات المدروسة بأسلوب «جس النبض» لمعرفة درجة التقبل وهذا الجس يتوجه إلى عدة جهات منها الدولة والحوزة والمجتمع (قبائل – عشائر – كفاءات ) ليعرف ردات الفعل – تحت قاعدة لكل فعل ردة فعل.
فلابد للدولة من موقف رادع وشاجب واستدعاء والمطالبة بالاعتذار حتى لو كان القائم عليها علماني أو منفتح لأن الدولة حريصة على المحافظة على قيم ومبادئ واعراف مجتمعها والدين السائد في مجتمعها.
وكذلك ينبغي للحوزة العلمية والأوقاف الإسلامية الموقف الرادع والشاجب تحت فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر القاضي بمواجهة المنكر باليد واللسان والقلب وذلك أضعف الإيمان والذي ينبغي تفعيله في الأمة.
ونتامل أن تكون هنالك احتجاجات وبيانات ومقاطعة واحتجاب وامتناع عن مقابلة ممثلي هذه الدول الذين يتوهم مقبوليتهم من حوزتنا الشريفة من خلال مقابلة سفرائهم وممثلي دولهم وخصوصا اننا نعلم مدى تإثير المراجع الاعلى وتقديره عند الأمم المتحدة وممثلتها في العراق بلاسخارت ينبغي الاحتجاج عليهم .
أوليس ان ما ربينا عليه من قبل الحوزة أن الاستعمار والحوزة ضرتان وهذا الاستعمار الثقافي في تغيير قناعات وأفكار شبابنا وكسبهم.
ألا يعزى ذلك إلى غياب المشاريع الإسلامية الناهضة والمرغبة في احتضان هذه الشريحة الهامة من شرائح المجتمع والتي تمثل روحه النابضة.
ألا نرى كل الانضمة والحكومات والديانات تركز على كسب الشباب ؛ هذا البعث الكافر من ضمن ادبياته (نكسب الشباب لنضمن المستقبل) .
ألم تكن للحوزة فيما سبق مواقف جريئة ومشرفة في مواجهة الاستكبار العالمي في حينها كثورة التانباك وثورة العشرين ومواجهة السيد محسن الحكيم للماركسية بالمقولة المشهورة (الشيوعية كفر والحاد)
ومنذ عقد التسعينيات انبرى لها السيد الشهيد الصدر الثاني قدست نفسه وكذلك بعض المرجعيات في النجف الاشرف.
اذكر اني مررت بعبارة في كتاب المدرسة القرآنية للسيد محمد باقر الصدر يقول فيها بالمضمون : أن الأمة التي تخالف تعاليم السماء ستواجه ثلاث إجراءات ومن هذه الإجراءات أن الأمة ستبتلى بالاقتداء بالمثل الأعلى المستورد من الخارج وهذا ما حصل ويحص مناستيرادنا لما يسوق إلينا من عادات وأفعال مرفوضة وممقوته في مجتمعاتنا.
اما فيما يخص دور قبائلنا والعشائر الشريفة المجاهدة ألا يتطلب منكم وقفة في مواجهة هذا الاستدراج والتطبيع الناعم.
هنالك شغل حثيث على تذويب القيم الأخلاقية والاجتماعية لدى مجتمعنا بإيجاد هذه الظواهر المنحرفة . 
ان طبيعة الصراع بين الحضارات والثقافات هي متوجهة باتجاه كسب الشباب وهذا ما بينه المولى علي في وصيته لكميل في تصنيف الناس إلى ثلاث عالم رباني ومتعلم على سبيل النجاة والهمج الرعاع والذين وصفهم بأنهم اتباع كل ناعق وكيف إذا كان الناعق خبير ومتمكن ومسيطر. 
ينبغي أن لا تكون المواقف الصادرة من المعنيين خجولة ووقتية وان لا تكون المواقف لا مسؤولة أن العدو يسعى بجهده لنجاح مشروعهم في تفكيكنا وتضعيفنا.
واخيرا اختم بختام المسك القرآني حيث يقول الله : { أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ(107) قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْـمُشْرِكِينَ (108)} سورة يوسف.
جس النبض ما عاد في القضايا البسيطة بل في الكبار والتي فيها المساس والعار واقول ما قال المولى الشهيد ابي عبد الله الحسين ع والموت أولى من ركوب العار والعار أولى من دخول النار.
تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال